-في التناقض- تعليقات وحواشي- القسم الأول
نايف سلوم
الحوار المتمدن
-
العدد: 7859 - 2024 / 1 / 17 - 20:14
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
ورد في هامش الصفحة الأولى القول: "كتب الرفيق ماو تسي تونغ هذا البحث الفلسفي بعد بحثه السابق "في الممارسة العملية"، وللغرض نفسه: تصحيح التفكير المتسم بالجمود العقائدي الذي كان رائجاً في الحزب (الشيوعي الصيني) بشكل خطير". ويبدو أن هذا الجمود مرده إلى المناخ الفكري "الماركسي" بين الحربين، والذي كانت تسيطر عليه أيديولوجية البيروقراطية السوفياتية أثناء حكم ستالين.
نقرأ في بداية المقالة: "إن قانون التناقض في الأشياء، أي قانون وحدة الضدين، هو القانون الأساسي الأول في الديالكتيك المادي". وقد يعتقد القارئ أن "الديالكتيك المثالي الموضوعي" عند هيغل لا يقول بهذا القول، وهذا طبعاً غير وارد لأن هيغل يقر بذلك، وهو مؤسس هذا القول في العصر الحديث، مقابل مؤسسه في العصور القديمة، هيراقليطس.
"اللوغوس عند هيراقليطس هو الوحدة الدينامية للأضداد" (جذور الديالكتيك)
يكتب لينين في مقالته الشهيرة "حول الديالكتيك" والتي يقتبس منها ماو: "إن ازدواج ما هو واحد ومعرفة جزئيه المتناقضين (راجعوا هيراقليطس لاسال، ورأي فيلون بهيراقليطس) يشكلان جوهر الديالكتيك، وخاصيته الرئيسية. على هذا النحو بالضبط يطرح هيغل المسألة بدوره"
ويضيف لينين: "إن تماثل الاضداد (قد تكون وحدتها أصح)؟ رغم أن التمييز بين كلمتي تماثل ووحدة ليس بذات أهمية في هذا المجال (مجال الإقرار والكشف) (فالكلمتان صحيحتان بمعنى معين) هو إقرار (اكتشاف) بميول متناقضة متضادة ينفي بعضها بعضاً في جميع ظاهرات الطبيعة وتفاعلاتها (وفي عدادها تدخل أيضاً ظاهرات الروح والمجتمع وتفاعلاتها) ولأجل إدراك جميع تفاعلات العالم من حيث حركتها الذاتية، من حيث تطورها العفوي، من حيث واقعها الحي، ينبغي ادراكها من حيث هي وحدة من الاضداد. إن التطور هو نضال الاضداد" (لينين: حول الديالكتيك)
إن عبارة "تماثل الاضداد" والتي وردت عند هيغل وهيراقليطس، هي صحيحة لجهة الإقرار والكشف، بأن الوحدة تخفي تحتها أو خلفها أضداداً متصارعة. هذا التقرير الاولي والكشف الأولي يسوغ استخدام عبارة "تماثل الاضداد “، بدلاً من "وحدة الاضداد". إن وحدة الاضداد توصّف الكلية بإظهار أنها مجموع تناقضات، بينما تماثل الاضداد توصّف قطبي التناقض، ويبين أن كل منهما ضد للآخر، وهنا تماثلهما الشكلي واللفظي، لكن عند التدقيق في طبيعة كل منهما يتبين أنهما مختلفان كالبورجوازية والبروليتاريا كضدين ضمن التشكيلة (الوحدة أو البنية) البورجوازية.
لكن عند التدقيق يتبين خطأ عبارة "تماثل الاضداد"، لأن الاضداد ليست متماثلة، بل مختلفة. إن حكم البورجوازية يرفع الصراع الطبقي إلى درجات غير مسبوقة، بينما يجعل حكم البروليتاريا وجود الطبقات موضع تساؤل.
يكتب مهدي عامل في "مقدمات نظرية-في التناقض" تحت عنوان "التناقض الهيغلي والتناقض الماركسي": "لا تماثل بين طرفي التناقض إلا في التناقض الهيغلي (وهو موروث عن هيراقليطس) أما التناقض الماركسي فتناقض معقد ، لا تماثل فيه بين النقيضين، لهذا (أي لعدم وجود التماثل بين النقيضين) كان تطور التناقض بالفعل حركة صراع بينهما ، هي تحويل فعلي داخلي لهما ، وانتقال إلى إطار بنيوي آخر للتناقض (الانتقال من نمط انتاج إلى آخر ومن تشكيلة اجتماعية اقتصادي إلى أخرى) ، وليس كما عند هيغل، مجرد قلب لهما داخل الاطار نفسه للتماثل (تبادل المحل والادوار مع الحفاظ على نفس البنية) أي من غير الانتقال إلى اطار بنيوي آخر للتناقض"
إن النزعة العقلانية الطبيعية (المادية الطبيعة) تقود تلقائياً إلى القول بتماثل الاضداد. أما النزعة التاريخية (المادية التاريخية) فهي تقود إلى القول باختلاف الاضداد، لأن اختلاف الضدين في مجتمع بورجوازي (وحدة بورجوازية) يجعل للثورة البروليتارية طابعاً تاريخيا تحويلياً، وليس إعادة انتاج حكم البورجوازية تحت مُسمّى "الاشتراكية الدولية"
إن قول لينين في "دفاتر فلسفية": "إن الديالكتيك بمعناه الأصلي هو دراسة التناقض في صميم جوهر الاشياء" يشير إلى أن الديالكتيك كامن في باطن الظواهر والاشياء، وإن الدراسة العلمية والاستقصاء العلمي وحده يكشف لنا وجود هذا التناقض الكامن في باطن الأشياء. بهذا المعنى قد تبدو الأشياء ظاهريا غير متناقضة، حيث تظهر لنا على أنها كلية أو وحدة، لكن الاستقصاء العلمي بكشف بواطن هذه الأشياء ويبين لنا أنها مجموعة أضداد. إذا لا يظهر التناقض في صميم الأشياء وبواطنها إلا بعد الاستقصاء العلمي للواقعة أو الظاهرة الواقعية.
إن قول ماو: "هكذا لا يمكننا، أثناء دراسة هذا القانون، إلا أن نتطرق إلى جوانب متعددة " يفترض أن القانون مكتشف من قبل أن يكتشفه ماركس ولينين وماو، مكتشف من أيام هيراقليطس وجاء هيغل واكتشفه مجدداً وعممه في علم المنطق (الديالكتيك).
يشير لينين كما أسلفنا في مقالته الشهيرة "حول الديالكتيك" والتي يقتبس منها ماو، إلى اسهام كل من هيراقليطس وفيلون الاسكندري في تاريخ الديالكتيك: "إن ازدواج ما هو واحد ومعرفة جزئيه المتناقضين (راجعوا هيراقليطس لاسال، ورأي فيلون بهيراقليطس) يشكلان جوهر الديالكتيك، وخاصيته الرئيسية. على هذا النحو بالضبط يطرح هيغل المسألة بدوره"
وكنا قد بينا دور فيلون الإسكندري الكبير في تاريخ الديالكتيك، مطوراً هيراقليطس ومستفيداً من إنجازات الرواقية المتأخرة، في كتابنا "رسالة في نظرية اللوغوس عند فيلون الاسكندري"
إن التطور الكبير الذي حصل لدى فيلون، هو انتقاله من التركيز على الطبيعة والكون الطبيعي إلى التركيز على التاريخ والكون التاريخي. وقد حصل ذلك تحت تأثير فكرة النبوة الشرقية (في مصر وبابل)، عبر تأثره الكبير، وهو اليهودي الاسكندري، بالديانتين المصرية القديمة (موسى) والكلدانية في بابل. أي تأثره بالديانات التاريخية؛ ديانات الأنبياء.
إن دراسة قانون "وحدة الاضداد" تقودنا بالضرورة إلى دراسة عدد كبير من قضايا الفلسفة، وهذه القضايا هي: نظرتان إلى العالم، التناقض العام، التناقض الخاص، التناقض الرئيسي، الطرف الرئيسي أو المهيمن في التناقض، الوحدة والصراع بين طرفي التناقض (التناقض والصراع ضمن الوحدة)، مركز التعادي في التناقض.
نظرتان إلى العالم
يقول ماو: خلال تاريخ البشرية كله كانت هناك وجهتا نظر حول قوانين تطور العالم، هما وجهة النظر الميتافيزيقية، ووجهة النظر الديالكتيكية، اللتان تشكلان نظرتين متضادتين للعالم" وهاتان النظرتان غايتهما تفسير "التطور"
من وجهة نظري وخلال تاريخ البشرية كله كانت هناك وجهتا نظر حول قوانين تطور العالم، هما: قدم العالم، وخلق العالم. الأولى تقول بأن العالم قديم غير مخلوق، ثابت في مواصفاته ونظامه إلى أبد الابدين. الثانية تقول إن العالم مخلوق وحادث، وهذا الخلق يتجدد كل وقت. وهذه النظرة تفترض وجود ذات خالقة مفارقة لما هو طبيعي.
النظرة الأولى يقول بها هيراقليطس وأرسطو والثانية يقول بها أفلاطون وهيغل وماركس.
يكتب ماركس على هامش ص 26 من "الأيديولوجية الالمانية": "لقد أكمل هيغل المثالية الوضعية (الموضوعية)، وبالنسبة إليه لم يتحول العالم المادي كله إلى عالم من الأفكار، والتاريخ كله إلى تاريخ للأفكار وحسب، بل هو لا يقتصر على تسجيل حقائق الفكر، وإنما يسعى أيضاً إلى تحليل عملية الخلق"
يرى هيراقليطس أن التصورات البشرية (الميثولوجية) عن خلق الكون ووجوده (حدوثه) هي خاطئة ايضاً. وبذلك يطرح جانباً كل تصور لخلق العالم (بما فيها التصورات الطبيعية في هذا المجال)" (جذور الديالكتيك) ويقول: "هذا العالم هو نفسه بالنسبة للجميع، لم يخلقه أحد من الالهة والناس، لقد كان موجوداً دائماً وما يزال، وسيبقى نار حية دائماً تشتعل باعتدال (بقدر) وتنطفئ باعتدال (بقدر) " (جذور الديالكتيك)
التناقض في قلب الأشياء تناقض متلاش غير منتج تاريخيا بالنسبة لهيراقليطس، والحركة في العالم عمليتان: الاشتعال والانطفاء. الطريق نحو الأعلى والطريق نحو الأسفل. وحسب هيراقليطس أنهما الطريق نفسه. فالعالم يشتعل وينطفئ في تكرار أبدي. "النار بالنسبة للأشياء كالذهب بالنسبة للسلع" (جذور الديالكتيك) (فهو معادل عام) والنار كذلك. كل شيء يتحول إلى نار. بضاعة-ذهب –بضاعة، (أشياء-نار -أشياء)
فلسفة هيراقليطس عقلانية طبيعية، وماديته "مادية طبيعية". يتحدث هيراقليطس عن "السنة العظمى" يحدث فيها حريق كوني (قيامي) كل 10800 عام تلتهم النار العالم فيهلك من ثم يعود كل شيء إلى حاله وتعود العوالم والحياة إلى الظهور. تلك هي برأي هيراقليطس الدورة الحتمية لدولاب الحياة الكونية. (جذور الديالكتيك)
النظرة الثانية، هي النظرة التاريخية، حيث تحدث باستمرار تحولات نوعية في العالم هي الثورات الاجتماعية التي تخلق أنماط جديدة للإنتاج وتشكيلات جديدة، وهذه التحولات تنجزها ذوات تاريخية خالقة ومحوّلة.
هكذا يكون لدينا ماديتان: الأولى مادية طبيعية والثانية مادية تاريخية وهذه الأخيرة هي التي جاء بها ماركس في كشوفاته الاجتماعية التاريخية الهامة.
"المادية الطبيعية"، التأملية الميتافيزيقية والتي سادت في القرنين السابع عشر والثامن عشر ، فترة عصر التنوير، ولدى فيورباخ في القرن التاسع عشر، وهي موجودة لدى هيراقليطس، كان ماركس قد انتقدها بشدة عبر مطارحته الأولى (موضوعته الاولى) عن فيورباخ، حيث يقول: "إن العيب الرئيسي للمادية السابقة كلها –بما فيها مادية فيورباخ- هو أن تصور الشيء ، الواقع ، العالم الحسي، لا يتم فيه إلا على صورة الموضوع أو الحدس، وليس كفاعلية حسية، كممارسة، ليس بصورة ذاتية ، ولذا حصل أن المثالية طورت الجانب الفاعل بصورة متعارضة مع المادية ، لكن بصورة تجريدية (وصوفية سحرية) فقط. لأن المثالية بطبيعة الحال لا تعرف الفاعلية الواقعية الحسية بصفتها هذه" (الأيديولوجية ص 753)
لذلك نلاحظ غياب الذات التاريخية الخالقة من وجهة نظر المادية السابقة، وغياب الجانب الفاعل الخالق عملياً لديها. بالتالي المادية الطبيعية حلولية ترى الله منحلاً في نظام العالم، وهذا المذهب هو ما يسمى بمذهب "وحدة الوجود". وهو موجود لدى هيراقليطس وجوردانو برونو وسبينوزا، ولدى الشاعر الألماني غوتّه.
يقول ماو: "يرى الميتافيزيقيون أن الأشياء المختلفة في العالم وخصائصها، قد بقيت على حالها منذ اللحظة التي وجدت فيها" بالتالي "لا يمكن للشيء مطلقاً أن يتغير إلى شيء مختلف"
لا يعرف الميتافيزيقيون التاريخ، يعرفون فقط الطبيعة (فيزيك) والجغرافيا. "وحين يتحدث الميتافيزيقيون عن أسباب التطور الاجتماعي، فإنهم يفسرونها بالعوامل الخارجة عن المجتمع، كالبيئة الجغرافية والمناخ" (ماو: في التناقض)
يقول ماركس في الأيديولوجية الألمانية: "إننا نعرف علماً واحداً فقط ألا وهو علم التاريخ. ويستطيع المرء أن ينظر إلى التاريخ من طرفين، وأن يقسمه إلى تاريخ الطبيعة وتاريخ البشر. وعلى كل حال، فالطرفان غير منفصلين: فتاريخ الطبيعة وتاريخ البشر يشرطان بعضهما بعضاً ما وجد البشر. وإن تاريخ الطبيعة المسمى العلوم الطبيعية لا يعنينا هنا، لكنه لا بد لنا من أن ندرس تاريخ البشر، ما دامت الأيديولوجية ترتد إما إلى تفسير خاطئ للتاريخ وإما تؤدي إلى تعليقه كلياً" (الأيديولوجية الألمانية ص 29)
وهذا التعليق الكلي للتاريخ هو ما فعلته المادية السابقة كلها (المادية الطبيعية) بما فيها مادية فيورباخ.
يقول ماو: "إنهم (الميتافيزيقيين) ينكرون النظرية التي يقدمها الديالكتيك المادي والتي تقول أن التناقضات الكامنة في باطن الأشياء هي التي تسبب تطورها. إنهم يعجزون بنتيجة ذلك عن تفسير تعدد نوعية الأشياء، كما أنهم يعجزون عن تفسير تحول نوعية معينة إلى نوعية أخرى. ولقد وجد هذا النوع من التفكير في أوروبا بصورة المادية الميكانيكية في القرنين السابع عشر والثامن عشر، وبصورة مذهب التطور المبتذل (تراكم كمي فقط) في نهاية القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين" (في التناقض)
يقول ماو: "إن النظرة الديالكتيكية المادية إلى العالم، على النقيض من النظرة الميتافيزيقية إليه، تدعو إلى دراسة تطور الشيء من باطنه (بفعل تناقضاته الباطنية)، ومن حيث صلته بالأشياء الأخرى (شرطه)" (في التناقض). الديالكتيك المادي يعتبر أن الأسباب الخارجية (الشروط) هي عامل التبدل، والأسباب الباطنية هي أس التبدل (علّته)"
لا يمكن للأسباب الخارجية أن تفعل فعلها من دون وجود العلّة الداخلية للأشياء.
"إن الديالكتيك في العصور القديمة كان يتصف بصفة العفوية والسذاجة، في ظل الظروف الاجتماعية والتاريخية التي كانت تسود في تلك الايام"، هذا القول لا يلاحظ تقدم الديالكتيك والنظرة التاريخية في عمل الإسلام المحمدي وجهده لبناء دولة جديدة للعرب. كما أنه لا يلاحظ عمل محي الدين بن عربي الكبير "الفتوحات المكية"
جاء في القرآن الكريم: (يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ) [الروم: 19]
يقول ابن عربي في خطبة "السفر الاول" من "الفتوحات المكيّة": "الحمد لله الذي أوجد الأشياء عن عدم وعدمه" ص 41
يشير ماو إلى أهمية هيغل كسلف عظيم للماركسية، يقول: "ساهم الفيلسوف الألماني الشهير هيغل الذي عاش من أواخر القرن الثامن عشر إلى أوائل القرن التاسع عشر بخدمة عظيمة الأهمية في الديالكتيك، لكن ديالكتيكه كان مثالي النزعة. حتى جاء ماركس وانجلز، هذان الرائدان العظيمان للحركة البروليتارية فلخصا المنجزات الإيجابية في تاريخ المعرفة البشرية، واستوعبا على الأخص بصورة ناقدة العناصر المعقولة في ديالكتيك هيغل" (في التناقض)
يتابع ماو هذه الفقرة مظهراً مجاملة لستالين كقائد سوفياتي مسيطر على الحركة الشيوعية العالمية فترة بين الحربين، وليس من مصلحة ماو الدخول في صراع معه، خاصة وهو يتحدث عن التناقض الرئيسي والتناقض الثانوي. تقول التتمة: "واستنبطا (ماركس-انجلز) النظرية العظيمة نظرية "المادية الديالكتيكية" و"المادية التاريخية"، لقد طور لينين وستالين هذه النظرية العظيمة" (في التناقض).
"المادية الديالكتية والمادية التاريخية " كتاب وضعه ستالين في ثلاثينيات القرن الماضي (1938) يلخص فيه بشكل انتقائي جامد ومبتذل تعاليم لينين في الماركسية. لقد تحدث فماركس عن الفهم المادي للتاريخ، وليس عن "مادية تاريخية" وتحدث عن ديالكتيك مادي، وديالكتيك مثالي وضعي، ولم يتحدث عن "المادية الديالكتيكية " حيث تشير الصياغة إلى ختام العلم ونهاية التاريخ. وأنك بدراسة النظرية (حسب كتيب ستالين) لن تحتاج أبداً إلى مراقبة العالم المتغير قط. أنت لديك النظرية (المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية) أنت في غنى عن العالم من حولك، البورجوازي والاشتراكي. كما يشير الكتيب إلى دراسة الديالكتيك في الطبيعة، ثم الانتقال إلى الديالكتيك في المجتمع، وهذا ما يتعارض مع منهج ماركس بالقول: نحن نعرف علماً واحداً، هو علم التاريخ.
وقد كتب ستالين كتابه "المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية " سنة 1938، بينما كتب ماو مقالته "في التناقض" سنة 1937. وقد يتساءل القارئ: كيف تأثر ماو بكتاب نشر بعد كتابة مقالته المذكورة، وأقول ما قاله تصدير مختارات ماو: "جرت هذه الترجمة وفقاً للطبعة المجددة الصينية الأولى من "المؤلفات المختارة لماو نسي تونغ" المجلد الأول –دار الشعب للنشر بكين 1952" ونقرأ في هامش الصفحة الأولى لمقالة (في التناقض) قول الناشر: "كتب الرفيق ماو هذا البحث الفلسفي بعد بحثه السابق "في الممارسة العملية" ولقد ألقي كمحاضرة في الكلية الحربية والسياسية المناهضة لليابان في يانان. وقد أدخل عليه المؤلف بعض التعديلات والتنقيحات عند ضمه إلى "المؤلفات المختارة لماو تسي تونغ" (1952)
مراجع القسم الأول
1-مؤلفات ماو تسي تونغ المختارة، المجلد الأول، في التناقض، ص 453 بكين 1968
2-لينين: المختارات في عشر مجلدات، المجلد 4 (1908-1915)، دار التقدم 1978 –"حول الديالكتيك" ص 467 وهي مقالة مأخزذة من دفاتر لينين الفلسفية (1914-1915)، وملحقة بكتاب لينين "المادية والمذهب النقدي التجريب" 1908.
3-ماركس-انجلز: الأيديولوجية الألمانية، طبعة دار الفارابي، الطبعة الأولى 2016 + كارل ماركس: موضوعات عن فيورباخ، ص 753
4-ثيوكاريس كيسيديس: جذور المادية الديالكتيكية-هيراقليطس، دار الفارابي، الطبعة الأولى 1987
5-جوزيف ستالين: المادية الديالكتيكية والمادية التاريخية، ترجمة حسقيل قوجمان، الكتيب عبارة عن مقالة طويلة من 41 صفحة.
6-مهدي عامل: مقدمات نظرية-في التناقض، دار الفارابي، الطبعة الأولى 1972
7-محي الدين بن عربي: الفتوحات المكية-السفر الأول، الهيئة المصرية العامة للكتاب 1985
الكتاب بتحقيق وتقديم: د. عثمان يحيى، وتصدير ومراجعة د. إبراهيم مدكور وهو في ثلاثين مجلداً. (أكبر موسوعة صوفية)
8-نايف سلوم: رسالة في نظرية اللوغوس عند فيلون الإسكندريّ، موقع الحوار المتمدن
9-نايف سلوم: المُعْجِزة-مقدمة جديدة (الشَّذْرات والنُّكَت في السيرة المُحَمديّة)، 2022
10-لينين: دفاتر عن الديالكتيك 1، ترجمه وقدم له الياس مرقص، دار الحقيقة ط1 1971
هوامش القسم الأول
1-قلنا في كتابنا الجديد "المُعْجِزة" (شذرة-5: المعرّي ونقد العقل الوضعي الفيزياوي)
" ويحصل التدقيق بين النقيض الذي يكون سلبياً (عدم وجود)، وبين المساوي للنقيض الذي يكون إيجابياً (وجوداً). وكل معنى يتضمن نفي وإثبات (سلب وإيجاب)، وإلا فهو ينبوع أوهام وضلالات. فالجهل ليس نقيضاً للعلم، بل هو مساوٍ للنقيض الذي هو عدم العلم." ص 145
إن عبارة "لا إله إلا الله" تتضمن سلباً وإيجاباً.
2-يكتب لينين "دفاتر عن الديالكتيك"-المجلد الأول مقتطفاً من منطق هيغل: الديالكتيك يساوي " إدراك التناقضات في وحدتها" (دفاتر عن الديالكتيك 1 ص 136)