تنمر الاطفال!
بكر محي طه
الحوار المتمدن
-
العدد: 8150 - 2024 / 11 / 3 - 00:47
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
لطالما كان التنمر والاستهزاء بالناس يعتبر فعل السفهاء إذ عندما لايجدون ما يعايرون به المقابل سيلجأون الى التنكيل بالشكل والمظهر وطريقة الكلام وحتى ابسط تصرف روتيني في بعض الأحيان، هذا الأمر يعكس النقص النفسي الداخلي لدى المتنمر على من حوله من الناس بسبب جروح وتشوهات نفسية منذ الصغر ضلت تمثل عقبة أمامهُ لايمكن تخطيها والمتسبب الاول هو الأسرة والبيئة الحاضنة كونهم اساس زرع الثقة بالنفس وبناء الشخصية فتقصيرهم او جهلهم سيكون بداية النهاية لشخص سوي وهو ما له تأثير مباشر على المجتمع!.
ان انعكاس التنمر على الأطفال سيخلق تشوهات نفسية لهم كونهم في مرحلة بناء جسدي ونفسي مما يجعلهم يستخدمون نفس الاسلوب مع بعضهم وهو الكارثة الأكبر من منطلق "شخصيتي أقوى لاني اقول ما اريد" ففي بعض الأحيان السكوت افضل من الكلام الجارح، وبالطبع فإن المُتنمَر عليه اما سيكون مشروع تنمري اكثر فعالية ممن تَنمر عليه او سيكون ضحية تنمر يعاني من جروح نفسية مما يضطره الى اللجوء إلى الطب النفسي ورحلة علاج قد لاتنتهي بشكلٍ سار.
ولعل ابرز مقومات التنمر هو المظهر والشكل الخارجي والذي هو بالاساس ليس من اختيار الانسان بل هو امر خارج عن ارادته، -دينياً- هو تصوير (الله عز وجل) لكل البشر وهو له حكمة بذلك لايعلمها الا هو سبحانه وتعالى، كما جاء في قوله تعالى "بسم الله الرحمن الرحيم" (ولا تنابزوا بالألقاب) صدق الله العظيم - (سورة الحجرات / الاية 11). -انسانياً وعلمياً- فهو غير مسؤول عن تشكيله وتكوينه فالامر يعود الى جينات الاب والام التي شكلت حمضه النووي وهيأته الخارجية وبالتالي فأن التنمر عليه لايمثل سوى عقدَ نقص لدى المقابل بعدم قناعته بشكله ومظهره ويريد عكس الامر على كل الناس بسبب تشوهات نفسية قديمة او عدم زرع الثقة بالنفس في مرحلة الطفولة من قبل الاهل مما يتطلب علاج نفسي مكثف وليس مجرد نصائح او توبيخ لمثل هؤلاء!.
مما لاشك فيه فان ظاهرة التنمر مابين الاطفال يمكن اعتبارها بانها افة مجتمعية لانها مستقبلاً ستخلق مجتمع افراده همهم الوحيد ارضاء الناس والتقليد وليس الابداع بسبب الخوف من الاختلاف مما له تداعيات خطيرة على مستقبل الاجيال القادمة.
لذلك لابد من اتخاذ اجراءات مجتمعية انسانية فورية لصد هذه الافة الضارة تبدأ بالعناصرالمهمة التالية:
1- التوعية / لابد من خلق نظام توعوي شامل للكبار والصغار على حدٍ سواء الغرض منه التنبيه على مضار التنمر لدى الاطفال وما يعكسه من سلبيات مجتمعية على الحياة البشرية.
2- التأكيد على تعزيز القيم الاجابية / حيث يتم تشجيع المبادئ السامية والمبادرات المجتمعية الفردية والجماعية والتي تساهم بخلق حس المسؤولية بين الافراد وتقليص الفوارق الاجتماعية بين طبقات المجتمع المختلفة، مما له انعكاس على قيمة الفرد الاجيابية داخل مجتمعه.
3- بيئة اطفال اّمنة / لابد من الحرص على توفير بيئة امنة للاطفال من التنمر والتجريح ومتابعة الامور فور وقوعها والتأكيد على عدم تكرارها وخاصة عائلة المتنمر حتى لاتكون بوادر بكونها حالات عرضية لا تستحق التوقف والمتابعة.
4- بيئة الاسرة / ان اهم عنصر لابد من الاهتمام به هو الاسرة كونها هي الحاضنة الاولى التي ستنتج اما طفل سوي او طفل مشوه نفسياً لانها بكل تفاصيلها تؤثر على بناء شخصيته مزاجيته.