التجربة خير برهان


بكر محي طه
الحوار المتمدن - العدد: 6974 - 2021 / 7 / 30 - 19:46
المحور: المجتمع المدني     

ما الذي يجعل الانسان يذهب صوب اتجاه معين دونما غيره، هل بسبب معرفته المسبقة بنهايته او على الاقل منحناياته، ام بسبب تجارب وقصص ممن سبق لهم سلوكه؟
الاعتماد دوما على كلام و خبرة الغير من الناس امراً لم يعد مجديا كون ان لكل انسان وجهة نظر تختلف ايديولوجيا عن الاخر كذلك البيئة والظروف لها احكام اخرى تفرض نفسها، ولان الناس اغلب الاحيان تتجه صوب التخويف بدل النصح العادل فالمجتمع بشكل عام قد تغير بعاداته وتقاليده العامة وتواصله مع بعضه البعض فبرغم التكنلوجيا الا اننا اصبحنا اكثر عزلة وفردانية مع انفسنا متجنبين البشر الاخر خوفا من الاذى النفسي مستقبلا.
التواصل الاجتماعي يلعب دورا مهما في تغيير سلوك الناس اتجاه قضية او حدث ما ولكن ما يحدث اليوم هو تباعد اجتماعي وليس القصد بذلك بسبب فايروس كورونا وانما بسبب الحكم المسبق المعتمد على كلام وتجارب الناس انفاً مع ذلك الموضوع او تلك القضية، فيما عدا الانتقائية في التواصل مع البعض دونما غيرهم خلق حالة من العزل لدى الناس وكذلك التقيد بسلوكيات وتعاملات خاصة هدمت الكثير من قيم الانسانية التي تدعو الى التعاون والترابط الانساني.
فعلى سبيل المثال نلاحظ اليوم بان العلاقات الاجتماعية تعاني ازمة ثقة حقيقية، حيث ان اغلب التواصل بين الناس اصبح لاجل منفعة شخصية بحتة لا لأجل منفعة عامة والتواصل بين الناس بات شكلياً ومجرد اسقاط فرض متجرد المشاعر والاحاسيس بل قد يصل الامر الى التقاطع التام بعد انتهاء المصلحة ما بين الطرفين.
قد يتسائل البعض ما الذي اوصلنا الى هذه الحالة، وما هي ابرز النتائج المتحققة منها، والجواب هو لابد من تسليط الضوء على القابلية الفعلية للانسان في الاستخدام المنطقي لعقله وكذلك عواطفه في الحكم على الاشياء بدل الاعتماد على القصص والروايات المتناقلة كونه امر مهم للوصول الى نتيجة ايجابية للشخص تجاه بقية الناس، كذلك البيئة والظروف التي تتحكم به، فهي تعتبر اداة ذات حدٍ فاصل في اتخاذ القرارات المناسبة المبنية على التخطيط المتقن وليس على التجارب السابقة او كلام من المفترض ان يكون حكيم!.
فهناك من يرفض فكرة الاستقلال بحياته وهو في اعماقه يود ذلك بشدة لكن خوفه من الفشل او من ملامة المقربين يجعله متردداً ومنتقداً للفكرة، او قد يرغب بالعمل الحر وادارة مشروعه الخاص، او حتى تغيير نمط حياته الى نمط اخر مغاير. كل هذه الامور الاجتماعية وغيرها تحتاج الى الخوض فيها اكثر مما تحتاج الى السماع عنها وكأنها مجرد قصص عابرة.
وعليه فان تجربة الامور والاحداث لاول مرة بدون خبرة سابقة ليست فكرة سيئة بقدر ما هي تغيير للروتين الحياتي شرط التخطيط والتوقع لاسوء الامور للتحضر له، ولابأس من استشارة البعض للوقوف على صورة ابتدائية للموضوع على ان لا يتم اعتمادها كاساس وانما مجرد خيط لبداية جديدة لتبقى التجربة الحية للامور خير برهان على عيش لحظتها.