الموسيقى دواء الروح


بكر محي طه
الحوار المتمدن - العدد: 7001 - 2021 / 8 / 27 - 21:00
المحور: الصحة والسلامة الجسدية والنفسية     

إحتياجات الانسان كثيرة فبعضها ضروري وبعضها صار مهماً بسبب التطورات والتغييرات التي طرأت على حياة البشر، فعلى سبيل المثال سابقا كان الكوخ يمثل رفاهية وحداثة وتطور بالنسبة للمسكن منه للكهف. وكذلك كان الطعام يمثل سد قوت اليوم من صيد وبحث ولكن لاحقا تحول الامر الى صناعة الغذاء وبعدة اشكال. وان هذه التحولات والمتغيرات على حياة البشر رافقتها احتياجات اخرى صارت تمثل جزءاً مهما من حياة الانسان كونها تلامس احساسه الداخلي عقله الباطن وتتحكم في الغالب في شعوره بالحزن او الفرح او حتى الحماس.
ومن اهم الحاجات التي فرضت نفسها كعامل مهم بالتأثير النفسي للفرد او الجماعة هي الموسيقى كونها تلامس الاحساس، احساس الفرد بالفرد واحساس الجماعة بالجماعات الاخرى وهكذا.
كونها تمثل شكلاً فنياً مسموع محسوس ذو دلالةٍ معنوية بحتة، فالموسيقى منذ القدم تعددت استخداماتها فتارة تستخدم في المعارك لاعلان الحروب وبث الحماس بالجنود وايضا تستخدم للاحتفالات والمناسبات السعيدة البهيجة، و تارة اخرى للمناسبات الحزينة عند فقدان الاحبة والملوك او حتى الاحداث الاجتماعية ذات التأثير المباشر بالناس.
الموسيقى اليوم تمثل نقلة نوعية في حياة البشر فلم تعد مجرد احساس مادي لحظي وينتهي وانما ركيزة مهمة لدى كل انسان تذكره بموقف مهم او حادثة ما اثرت به ليعيد بذلك شريط الذكريات وكانه يحدث للتو، ولا يقتصر الامر على الفرد فحسب بل حتى الجماعة ما ان تتخلل مسامعهم موسيقى ما لطالما ارتبطت بحدث او تاريخ مهم او حتى منجز فني وهذا ما نلتمسه محليا في تتر المسلسل العراقي (ذئاب الليل) الذي استحوذ على عقول اجيال ومازال مستمراً، حيث ما ان تسمع بدايته حتى تبحر بمخيلتك داخل اجواء المسلسل المليء التشويق والاثارة لان موسيقاه ارتبطت ارتباطا وثيقا مع حياة الناس وخاصة كونه تحدث عن واقع يعيشونه في ذلك الوقت. اما عربيا فيمكن ان نلتمسه في المسلسل العربي (رأفت الهجان) كون ايضا موسيقاه ارتبطت ارتباطا وثيقا مع حياة الناس.
الموسيقى ليست مجرد الحان وانما علاج روحي متجدد يلامس الباطن الانساني وفي بعض المؤسسات الصحية باتت تستخدم كبديل عن الدواء لاغراض العلاج النفسي وتخطي السلبية في الحياة وبعث الامل من جديد في نفوس البشر ممن يواجهون او واجهوا امورا واحداثا شكلت غمامة سلبية اوقفت تقدمهم في حياتهم.
فما ان يجوع الانسان حتى يبحث عن طعام ما يسد به رمقه، وبالقرأة والتعلم يسد رمق فضوله المعرفي، وبالتجارب والابحاث يسد رمق شغفه بالابتكار، لكن ما يسد رمق احساسه الداخلي وراحة اعصابه هي الموسيقى