نميمة الرجال... ظاهرة العصر للوصول لأعتاب القصر!
بكر محي طه
الحوار المتمدن
-
العدد: 6900 - 2021 / 5 / 16 - 00:31
المحور:
كتابات ساخرة
لطالما كانت الاخبار وتناقلها السريع شيئ مرتبط بالنساء فهو على حد وصف بعض اصحاب نمطية التفكير رد الفعل الذي تاخذه المراة في وصف الاحداث والمواضيع التي وصلت اليها وبنفس الطريقة...
وظلت النمطية هذه متوارثة ولاجيال حتى ترسخت وصارت واقع حال من خلال الفن والرسوم والتلفاز وحتى السينما فيما عدا الامثال الشعبية وابرزها "لاتخلي سرك عند امرأة!"، وكذلك القصص واساطير القصور وكيف تتآمر النساء ضد / مع بعضها من خلال نقل الاخبار لتغيير المواقف والاراء لتتركز الفكرة وتكون حق مكتسب لجميع النساء على حدٍ سواء والاسرار حكراً على الرجال! لانه من المعيب إفشاء السر كون جزء من شخصية الرجل الاحتفاظ بالسر وكتمه من الانتشار..
وهكذا مرت الايام والسنون وجيل يسلم لاخر نفس الاحجية والروتين، نفس الفكرة..
لتناقل الاحاديث متعة لاتوصف لدى النساء كونه متنفس وطريقة للتواصل الحميم فيما بينهم وخاصة الامور الشخصية والخاصة فمن جهة للتعبير عن وجهة نظرٍ معينة وكذلك لاخذ العبرة والنصح من جهة اخرى وهو امر بات يمثل واقعاً ملموساً بين البشر والمجتمعات وخاصة المجتمع الشرقي والذي يعد ارضاً خصبة لمثل هكذا امور نظراً لما يلفه من عادات وتقاليد صارمة تمنع الاختلاط وتبادل الافكار على نطاق واسع لتبقى ضمن حدود معينة قياساً بالمجتمعات الاخرى..
لكن مايثير الاستغراب هو تحول هذه المتعة النسائية البحتة تدريجياً الى الرجال!.. نعم صار الرجال من اكثر المتأثرين بهذه الصفة ولا اعلم هل هي لعنة ام ماذا وخاصة في مجتمعنا ذو الطابع الشرقي والذي يعطي كل الاولوية للذكورية.
نميمة بمعنى الكلمة فما من خبر او حدث معين الا وتم نقله وتداوله على نطاق واسع ناهيك عن التوابل (الاضافات الشيقة) والتي تزيد من الانتشار بصورة باتت مقززة كون الهدف منها ليس متنفساً كما تفعل النساء وانما بهدف التسقيط والنيل من الخصوم في مختلف معترك الحياة وعلى وجه الخصوص في بيئة العمل بات هذا الموضوع يؤرق الكثيرين وخاصة النساء!.
أحد اصدقائي يخبرني لقد تفاجأت عندما وجهت لي احدى زميلات العمل سؤالاً عفوياً مفاده "لماذا تحبون القشبة لانني كنت اتصور بأننا النساء اكثر التساقاً بهذه الصفة، هل تلاحظ ذلك اصبحتم اكثر نميمةً ونقلاً للاحداث وبسببٍ او بدون؟"، مضيفاً لم استطع الرد ليس لانني متفاجأ بالسؤال وانما لااملك رداً شافياً ففعلاً اجد اغلب الرجال سواءً معي في العمل او خارج العمل كاصدقاء صاروا لاينفكون عن الاحاديث الشخصية والخاصة والتي تخص المقابل كنوع من السخرية والذم اوالضغط او حتى التخريب بين طرفين لصالح طرف اخر.
محزن ما نعيشه اليوم عندما نرى الاشيب (البعض منهم) صغير عقلٍ يسير هواه خلف القيل والقال فبدل التقرب منه والتعلم من خلال نيل اكبر قدرٍ ممكن من تجاربه الحياتية صرنا نبتعد عنهم قدر الامكان حتى لا نصاب بفايروس الذم المقزز والحكم المسبق على الناس من خلال احاديث لم نعد نميز بين صوابها وخطأها بسبب كثرتها وتأويل اغلبها لمصالح ومنافع شخصية بحتة تنتهي بالانانية والتملك سواءً لعمل او منصب او حتى التقرب من شخص معين.
واكثر ما يميز هذه الظاهرة لدى بعض الرجال هو للتقرب من النساء! او الاكثر من ذلك وهو نيل المناصب او الحفاظ عليها مهما كلف الثمن.. فهي اقصر الطرق واضمنها للوصول الى الاهداف بلا ادنى شك، ولا اعرف هل هي مرض نفسي مجتمعي ام حالة اجتماعية دخيلة؟
لبرهة شيء محير فعلاً ولكن لاعجب في زمن الهرج والمرج واسفي على البعض ممن يحسبون على الرجال باتوا يتفننون في استعراض مواهبهم من خلال هذه الصفة والتي لطالما ظلت وسوقت لقرون كصفة ذم وتشبيه حي لقلة العقل وبالتأكيد فأنهم يقصدون بذلك النساء على اعتبار انهن بنصف عقل!.
ولكن ما اشهده اليوم هو العكس فأغلب الذكوريين (مدعين الرجولة) بلا عقل وانما مجرد خيالات مريضة والهدف منها المنفعة الشخصية والوصول الى الاهداف المرجوة بأي ثمن بلا مشاعر وبلا انسانيات وبلا مبادئ، لذا يمكن القول بأن نميمة الرجال صارت ظاهرة العصر للوصول لأعتاب القصر!.