هل الندم يؤثر على حياة البشر؟


بكر محي طه
الحوار المتمدن - العدد: 7877 - 2024 / 2 / 4 - 17:26
المحور: الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع     

لا شك أن الكثير من القرارات المهمة والبسيطة التي نتخذها في حياتنا تلعب دورًا حاسمًا في تحقيق سعادتنا ونجاحنا لانها تحدد مسار حياتنا وتؤثر في مستقبلنا، وبصفة طبيعية قد نشعر بالندم بعدها على بعض هذه الخيارات اذ ان الندم هو شعور عميق يتسلل إلى قلوبنا عندما ندرك أننا اتخذنا خطوات غير صحيحة في حياتنا أو أننا تغاضينا عن الفرص التي أتيحت لنا ومع ذلك فإن العديد من الأشخاص يتجاهلون هذه الحقيقة ويندمون فيما بعد على قراراتهم.
فنحن نؤثر على مسار حياتنا ومشاعرنا بإدراكنا لذا علينا أن نعتمد اتخاذ القرارات الذكية ومراعاة الآثار طويلة الأجل لتلك القرارات من خلال توجيه خياراتنا بطريقة صحيحة لتجنب الندم والشعور بالألم فالحياة هي سلسلة من القرارات وعلينا أن ندرك قوة وتأثير هذه القرارات في بناء حاضرنا ومستقبلنا بشكل أفضل.
لان الندم يعزى غالباً إلى عدم وعينا الكامل بالتبعات المحتملة لقراراتنا قبل أن نتخذها، فعندما نكون على عجلة من أمرنا أو نقوم باتخاذ قرارات متسرعة، فإننا غالبًا ما نتجاهل الآثار السلبية الممكنة لتلك القرارات، وكذلك التردد الدائم في الاختيار ايضا يؤدي إلى الندم، حيث نجد أنفسنا في حالة قلق وحيرة بشأن الخيارات التي نقوم باتخاذها بدلاً من أن نتحرك بثقة نحو آفاق جديدة نبقى عالقين في وضع اللامبالاة والتردد، مما يبعث فينا الندم عندما تفوتنا الفرص.
وايضاً قد يكون الندم أحد اختبارات الحياة لقوتنا وقدرتنا على التحمل والتغلب على الصعاب، فبدلاً من أن نغرق في بركة الندم يمكننا استغلال هذا الشعور لتعزيز قدراتنا واتخاذ خطوات حقيقية جديدة نحو النجاح.
اما عن كيفية ان نتجنب الندم فيجب ان نتعلم كيف نتخذ قراراتنا بوعي وثقة فلا يوجد فعل او اجراء محدد ينطوي على ضمان تجنب الندم، ولكن هناك عدة خطوات يمكن اتخاذها للحد من احتمالاته:-
1- الاستشارة:-
يجب أن نلجأ قبل اتخاذ اي قرار مهم إلى مصادر موثوقة للمشورة، يمكن أن تكون أفرادًا أو خبراء في المجال الذي يتعلق به القرارقبل اتخاذ الخطوة النهائية.
2- التعلم من الاخطاء:-
فبدلاً من الدخول في دوامة من الشعور بالندم، يجب أن نراجع قراراتنا السابقة ونستفيد منها، وعلينا أن نتعلم من أخطائنا ونعدل مسارنا المستقبلي لنضمن تجنب الأخطاء المشابهة.
3- التركيز على الحاضر:-
يجب أن نقدر اللحظة الحالية ونستغل كل فرصة تُعطينا ايها الحياة لتحقيق الاهداف، اذ لا يمكننا تغيير الماضي ولا يمكننا أن نتنبأ بالمستقبل، ولكن يمكننا العيش بشكل كامل ومتعمق في الحاضر.
4- عدم التهاون بالقرارات المصيرية والمهمة:-
ان تأجيل اتخاذ القرارات المهمة خطأً يُثير الندم في المستقبل، لذا يجب أن نتحلى بالثقة في قدرتنا على اتخاذ القرارات، وأن نقوم بتحليل المعلومات المتوفرة ونتخذ الخطوة المناسبة في الوقت المناسب.
5- الابتعاد عن القرارات العاطفية:-
العواطف ليست دائماً موضع ثقة وقد تجعلنا نختار الخيارات الخاطئة، لذلك يجب مناقشتها مع العقل ونقيم الأوجه الإيجابية والسلبية للقرار قبل اتخاذه.
6- تحديد اهداف مهنية:-
نسعى جاهدين لتحقيق أهدافنا والنجاح في الحياة المهنية ويجب أن نؤمن بأنفسنا ونستغل الفرص المتاحة للتطور والتقدم في حياتنا المهنية والسعي نحو أهدافنا بثقة وإصرار.
7- تنظيم الوقت:-
يجب أن نعيد تنظيم وقت أولوياتنا في الحياة وبشكل مستمر ونمنح الوقت الكافي للأحباء والعائلة، فالحياة المزدحمة ومطالب العمل يمكن أن تمنعنا من قضاء وقت كافٍ معهم، كون العلاقات القوية تعتبر محور حياة سعيدة ومستقرة.
8- المبادرة:-
يجب أن نتحلى بروح المبادرة وأن نساهم في المساعدة على بناء مجتمع أفضل. فالعطاء هو طريقة رائعة للشعور بالسعادة والرضا.
وفي النهاية يعتبر الندم جزءاً من حياة البشر ومن الصعب تجنبه تماماً، لكن يمكننا أن نتعلم من أخطائنا ونحاول بذل قصارى جهدنا لتقليل الألم الذي يسببه الندم عندما نستفيد من تلك الخيارات والتحولات حيث يمكننا أن نبني حياة خالية من الندم ومليئة بالسعادة والإشراق.