طرب زمان له طعم ولون مختلف


بكر محي طه
الحوار المتمدن - العدد: 7663 - 2023 / 7 / 5 - 23:17
المحور: الادب والفن     

الاغنية القديمة مصطلح يطلق على اغاني الاجيال السابقة، اجيال عاصرت احداث ومشاكل وامور وتطورات اقتصادية واجتماعية وحتى سياسية، وبسبب احياناً السياسة البوليسية لاحد البلدان فقد تكون الاغاني منفذ مهم للتعبير عن واقع حال مرير يعاني منه عامة الناس لكن لا احد يجرؤ على الحديث عنه علناً لتكون الاغنية متنفساً للناس يعبر عما يجول بخاطرهم اذا ما لم يتم منعها لاحقاً من قبل الرقابة (المرتبطة بالنظام دوماً) وملاحقة مؤديها.
فمثلاً سابقاً كانت اغاني المونولوجست هي الطاغية في العراق خلال فترة الثلاثينيات و الاربعينيات من القرن المنصرم وابرز مؤديها الفنان الراحل المونولوجست (عزيز علي) واشهرها (الشك جبير والركعة صغيرة) واخرين كذلك، اذ كانت تمثل سابقاً واقع الناس وحياتهم لما تحتويه من كلمات عامية ولحن بسيط يمكن للجميع الاستماع لها من من خلال المذياع (الراديو) وكانت ذات تأثير مباشر على مشاعرهم.
والتي تطورت فيما بعد وعرفت باسم الراب والهيب هوب في الغرب والتي تشرح معاناة البشرة الملونة وخاصة في امريكا وبريطانيا. اما هنا في الشرق فقد ظهر مصطلح الاغنية الشعبية ولا يمكن اغفال اسم لمع في اغلب البلدان العربية الا وهو الفنان (احمد عدوية) لما تحمله اغانيه من كلمات والحان سريعة الحفظ والتي كانت في معظمها تتحدث عن الحب او الحياة الحلوة والتي لاقت سرعة انتشار رهيبة في وقتها.
فالاغنية القديمة لها طعم وذوق خاص تلامس مشاعر المرء وتعبر عن حالة دائمة ومتكررة فهي تحاكي حالات تحدث داخل المجتمع وتتكرر او خارجه وبنفس الصبغة ففي الغالب انها تتحدث عن البشر وما يحدث لهم من مواقف حياتية بغض النظر عن الطبقة المجتمعية او البيئية، اما الاغنية الحديثة تكاد تكون مجرد كلمات صماء لا تعبر سوى عن حالة مؤقتة تُنسى بعد فترة وجيزة اذ يحس المرء عند سماعها بالا شيء كونه نادراً ما سيتفاعل معها بعد سماعها للمرة الثانية او الثالثة عكس الاغنية القديمة والتي كلما يتم الاستماع لها وكأنها أول مرة.
الطرب زمان له طعم ولون مختلف فهو من واقع الناس ويحس بمعاناتهم وشقاءهم اما الطرب اليوم فهو تقليد للغرب بالشكل والمضمون لايحاكي واقعنا بتاتاً مما يجعله وقتي غير قابل للمطاوعة كما كانت الاغاني القديمة والتي مازالت لحد الان تصدع هنا وهنا وكأنها وليدة الامس تدغدغ المشاعر والاحاسيس فيها سحر مميز يشد المقابل بالاضافة الى كل ذلك فهي باتت تمثل تراث امة وشعب وتاريخ وليس مجرد كلمات تزخرف ببعض الموسيقى.