سياسة التسقيط
بكر محي طه
الحوار المتمدن
-
العدد: 7591 - 2023 / 4 / 24 - 14:11
المحور:
المجتمع المدني
لطالما كان النجاح والانجاز محط انظار للناس فهو امر جلل للكثيرين كونه يعبر عن ثمار ونتائج محاولات عدة طموحة للوصول الى الاهداف المرجوة تخللها الفشل والالم والارادة والعزيمة والاصرار على النجاح، وهي مكاسب لا يعرف قيمتها الا من سعى اليها ونال بعضاً منها.
فهناك من يعتقد بان النجاح هو وسيلة اخرى كي يعبر الانسان من خلالها عن ذاته، يعبر عن طياته الدفينة في تحقيق منجز يميزه عن اقرانه من البشر ليجعله في حالة رضا نفسي وهو احساس يسعى الانسان دوماً الى تحقيقه لما له من تأثير مباشر على سلوكه ونفسيته الداخلية.
والنجاح هنا غير مرتبط بوسيلة محددة او طريقة ما بقدر ما هو منجز ملموس على ارض الواقع، وهذا الامر يخلق نوع من الغيرة السوداء لدى البعض من الناس ليس لكونهم بلا طموح او اهداف بل لانهم بلا منجز او عاجزين خلق واحد خاص بهم الامر الذي يدفعهم الى ابراز سلبيات منجز الشخص والتركيز عليها وترك جوهر الامر وفائدته وهذا ما يعرف بــ (سياسة التسقيط).
فسياسة التسقيط تهدف الى نسف النجاحات والمنجزات تحت بند التحقير والتصغير والطعن بالناس لخلط الاوراق وتشتيت الانتباه عن الشخص المعني اما الهدف الجوهري منها فهو تلميع صورة من يستخدمها فرد / افراد وجعلهم يبدون هم الخيار الافضل والشخص المناسب للحدث او المكان (دائماً) ولايمكن استبدالهم او تغيير ارائهم وان اي محاولة للتغيير تعتبر خط احمر ولابد من قمعها بكل الوسائل.
ومن الجدير بالذكر فان سياسة التسقيط تعتمد في الغالب على نمط الحرب الناعمة اي عدم المواجهة مع الخصم / الخصوم والاكتفاء بالتحريض واتباع سياسة التحشيد الغير المباشر ضدهم ومن اكثر من محور حتى يكونوا في حالة زوبعة من المشاكل التي لا اول لها من اخر وهو امر مهم في هذه السياسة حتى يتم تسليط الضوء على نقطة محورية معينة وهي ان هذا الفرد / الافراد يعيش حالة غير متزنة لا تمكنه من اتخاذ القرارات المناسبة سواء على صعيد العمل او صعيدٍ شخصي.
وبما انها تمس الانسان بشكل مباشر فهي اذاً حبلى بمعلومات شخصية كثيرة عنه لذلك نجد بان من يستخدمها هم اصدقاء السوء او زملاء العمل المزيفون اصحاب المنجز الضعيف المهزوز وحتى الاقرباء للتغطية على سلبياتهم التي يعرفوها مُسبقاً نتيجة العقد النفسية والحقد وكره رؤية النجاح لدى الغير، كما ولابد من الاشارة الى ان نمط عقلية احتكار النجاح فاشلة كونه يحتاج دوماً الى تطوير وابتكار وليس منجز فحسب حتى يضمن ديمومته والبقاء في ساحة المنافسة.
ان هذه السياسة باتت تعبر عن مشكلة كبير وهي انعدام الثقة بين الناس الامر الذي سينعكس على النيسج الاجتماعي والثقافي وحتى الاقتصادي كونها تعامل الجميع على انهم ماديات فقط مجردين من اي شيء والمكاسب هي كل شيء حتى وان كانت على حساب مشاعر الغير او حطام نفسياتهم من منطلق البقاء للاقوى وهذا الامر ينافي حقوق الانسان التي تكفل للجميع حق العمل والعيش بسلام بغض النظر عن عرقهم او لونهم او حتى معتقداتهم، فسياسة التسقيط يمكن تحديدها الان كمرض اجتماعي لابد من السيطرة عليه وايجاد حلول عملية انسانية بحتة للحيلولة دون انتشاره بشكل اكبر في المجتمعات.