ثقافة الاهتمام


بكر محي طه
الحوار المتمدن - العدد: 7505 - 2023 / 1 / 28 - 20:20
المحور: المجتمع المدني     

الاهتمام جزء مهم من حياة الإنسان فهو يتعلق براحة الإنسان تجاه أمر معين، فقد يكون الاهتمام بفكرة ممكن تطويرها مستقبلاً الى منجز فعلي على ارض الواقع او عمل معين يقوم به الانسان ليجد من خلاله ذاته كونه يعبر عن طيات روحه الداخلية و مشاعره الدفينة.
فالاهتمام ليس مجرد قضاء للوقت او ملء فراغ بقدر ما هو التركيز اكثر على التفاصيل البسيطة والغامقة للامور التي تلامس روح بعض البشر دونما غيرهم والتي قد لا ينتبه لها معظم الناس حيث لا يجب ان لا ننكر بأن للبشر اذواق ونفسيات متعددة ومتنوعة تفضل امور واشياء على حساب اخرى وحسب طبيعة البشر البيئية والمجتمعية والايدولوجيا الفكرية لهم.
ان الاهتمام يترجم الى فعل اكثر مما هو مجرد كلمات منطوقة تعبر عن المجاملات اليومية مابين الاصدقاء والاهل وحتى زملاء العمل، فهو عمل سامي يقوم به الانسان عن قناعة تامة اتجاه محيطه، تجاه الناس من حوله، ليس لمجرد مصالح او فوائد او حتى ربحية مادية وانما عن احساس بالمسؤولية والنضج نابع من داخل الانسان، وابسط مثال هو اهتمام البعض من الناس بالمشردين وتقديم الطعام والشراب والدعم النفسي لهم او بمن تقطعت بهم السبل جراء الحروب او الكوارث الطبيعية.. او حتى الاهتمام بحديقة عامة او مكان تراثي يمثل حقبة زمنية غابرة، فان هذا الاهتمام يمثل حالة السمو بالذات البشرية اتجاه كل ما هو مادي وخير ايضاح عن المنفعة الكلية للناس والمجتمع المدني، وهو يعتبر من اهم ركائز المجتمع المتماسك.
فالاهتمام لا ينحصر بشخص او مجموعة بقدر ما هو فعل يرسم بسمة امل على وجه الانسان لِما يضفي على حياته من بهجة وسعادة وراحة نفسية، ولا يوجد شيء اسمه الاهتمام من الشخص الخطأ وإنما مدى تقبلنا للمقابل ونظرتنا إليه هو ما سيحدد ما التالي، فجميعنا بشر نتنفس الهواء عينه بعيداً عن الفروقات الطبقية والاجتماعية والخطأ الاكبر هو صد الاهتمام والتقليل من شأنه كونه صادر من شخص معين دونما غيره او الانتقاص والسخرية من الناس او من شخص لمجرد ان اهتموا بموضوع معين او قضية محددة.
حيث انه امر انساني بحت يمثل خوفنا على بعضنا البعض والمساعدة الغير مشروطة او الاهتمام بموضوع معين يمثل النفس البشرية النقية وغاياتها السامية، لذلك علينا نهتم ببعضنا، نشعر بمن حولنا، نوقد نار الحب و التسامح بين الناس ليعم السلام كون الاهتمام يغلب صفة الانا البشرية والنرجسية المقيتة لدى البعض ليحل محلها مجتمع رصين ومتماسك نتيجة ثقافة (الاهتمام) السائدة فيه، ثقافة الاهتمام بالمناسب.