الخذلان يعني الخيانة
بكر محي طه
الحوار المتمدن
-
العدد: 7809 - 2023 / 11 / 28 - 19:32
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
نمرُ جميعاً بوقتٍ عصيب تكون فيه الحياة رمادية غير معلومة الملامح ولا تعرف اي طريق سنسلك للوصول الى بر الامان، هذه الحالة الوقتية التي تكون فيها المشاعر مجروحة والنفس محطمة لنشعر بألم داخلي يصدع بجوفنا وكأنه زلزال ارتدادي نتيجة التخلي عنا من قبل اقرب الناس لنا بدون عذر مُقنع او سابق انذار لمجرد التخلي وهو ما يعرف بالخذلان.
فالخذلان لا يأتي من الغريب او من العدو بل من اقرب واكثر الناس احتكاكاً بنا، سواء من الصديق/ة او الزوج/ة او العائلة مما يجعله امراً بشعاً كون الخذلان = الخيانة لانه ببساطة يمثل الطمع المقيت لنفسية الانسان والانانية البشرية بأبهى صورها، اذ لا يُكترث لمشاعر المقابل ولا موقفه اتجاه نفسه او اتجاه الناس من حوله وكم سيؤثر ذلك على حياته ونظام عيشه وثقته بنفسه في التواصل مع المحيطين والمقربين، ناهيك عن اعطاء مبرر للناس للخوض في ما لايعنيهم كون الامر مادة دسمة للتأويل والتقويل والاضافات البهاراتية! التي من شأنها ان تعطي ابعادٍ جديدة للقصة اوالموضوع لا تمت للواقع بصلة نهائياً.
فهو مرحلة نفسية تمر على كل البشر على حدٍ سواء نتيجة رد فعل حصل للانسان اتجاه موضوع او حدث معين او حتى انسان، فمنهم من يتحمل ويكبت بداخله ويمضي قدماً، ومنهم من يسقط في بئر الاكتئاب لان البريق والحيوية عندما تخبو في داخل الانسان سيكون مجرد جسد خاوي المشاعر والروح، شاحب الوجه، فاقداً للشغف او الاستمرار او حتى القيام بأبسط النشاطات وغيرها والذي سيأخذ وقت قبل ان يعود لسابق عهده مفعم بالحياة.
الخذلان يولد الاكتئاب ويغذي استمراره وتمكنه من الشخص ما لم يقم بثورة داخلية على واقع فُرض عليه ولم يكن بالحسبان، واقع لابد من تغييره والتعايش مع اثره على انه واقع حال ومن المُحال العودة بالزمن ومنع حدوثه او على الاقل توقعه كونه جاء من اكثر الناس وثقنا بهم واعتمدنا على انه لن نحتاج الى بدائل في يوم من الايام لانهم في حياتنا اصل لايمكن تغييره لكن سرعان ما حدثت الصدمة بهم ومن المفترض التفكير بعقلانية في تلك الحالة علماً بان العقل والمنطق سيكونان مشلولين غير قادرين على العمل لانه لايمكن تصديق ما يحصل امامهم، والعقل الباطن لايستوعب الامر نتيجة ما بناه من افكار ايجابية ومنطقية تجاه هؤلاء الناس المقربين الذين من المفترض ان يكونوا سنداً في تلك المواقف فما بال هم من تسبب بالخذلان من الاساس، معادلة صعبة الفهم والتفسير في وقتنا الحالي.
لذلك من المفترض ان لا يبني الانسان حياته معولاً على الغير وخاصة المقربين او انتظار دعمهم في وقت الشدة لانهم قد يكونون يوماً ما هم الشدة نفسها، وان يعتمد على نفسه ويتحمل نتائج قراراته وكذلك اختياره للناس المقربين وان يتعامل على ان الحياة يوم جيد ويوم سيئ جميعها تكشف نوايا الناس من المواقف والكلام حتى لا ينصدم بهم صدمة العمر ويبقى يعاني طوال عمره من وسواس التواصل مع الاخرين خوفاً من خذلانهم فالخذلان يعني الخيانة كونهما وجهان لعملة واحدة.