خيارات مابعد ال (30) تحدد نضوج الانسان
بكر محي طه
الحوار المتمدن
-
العدد: 7440 - 2022 / 11 / 22 - 00:05
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
هاجس العمر وتقدم السن يطارد الانسان دوماً ما يضعه في حالة تخطيط دائم لتغيير طريقة تفكيره واستيعابه للامور ليكون تحليله للاحداث اكثر رزانة وحكمة من ذي قبل، اما كيفية اخفاء علامات التقدم بالسن فهي اقل مخاوفه لان الحياة اصبحت اكثر تعقيداً من ذي قبل وتحتاج الى تغييرات شاملة في الاهداف والاختيارات كونها ستحدد الطريق الى مستقبله.
فبعد الثلاثين كثير من الناس سيبدأ بتغيير نمط حياته بما يتناسب مع الوضع الجديد الحالي، فمثلاً الاهتمام بالصحة وتقدير الذات والابتعاد عن كل ما يسبب او / و يولد طاقة سلبية يعتبر من الاولويات، بالاضافة الى تغير الاهتمامات الشخصية والاجتماعية لتكون اكثر انتقائية لتعزيز الثقة بالنفس بما يضمن صفاء وراحة البال.
وان هذه التغييرات الجذرية تتطلب جرأة وتفكير واقعي بعيداً عن الخيال كونها ستهدم اغلب الاهتمامات والافكار الثوابت لدى الانسان والتي كانت تتربع على عرش الاولوية حتى وقتٍ قريب اذ ان الامور ليست سهلة وهو امر شائع لدى البشر وخاصة الذين تعودوا على روتين معين او نظام حياتي خاص لكن الامر لابد منه كونه اصبح حاجة ماسة وضرورية لمواكبة التطورات الانسانية والاقتصادية البحتة بما ينسجم مع الحاجات وكذلك التطلعات الجديدة والمستحدثة لدى كل انسان يسعى لتغيير دفة حياتة نحو الافضل.
وان نضج الافكار لا يأتي من فراغ او من عدم وانما يأتي من تجارب شخصية سبق وان مرت على الانسان خلال مراحل حياته السابقة والتي خلقت بداخله عِبر ومواعظ تترجم فيما بعد الى حكمة في الاختيار عكس ما كان في السابق من تهور ومجازفة تحت عنوان الحياة مغامرة!. وان هذا النضوج سيكون بمثابة نقلة فكرية انسانية في حياة كل شخص تجاوز الثلاثين، فهي تعتبر المرحلة الاشمل في حياة المرأة والرجل لتحديد خياراتهم في الحياة وبناء مستقبلهم على اساس الجانب العقلي هو الغالب كونه يمثل النضوج الفكري وليس العاطفي الذي يميل الى بعض التنازلات النابعة من الخوف والتردد في اتخاذ القرار المناسب في الوقت المناسب والتي ستكون نتائجها كارثية مستقبلاً.
وفيما يلي اهم ما يميز مرحلة ما بعد الثلاثين للمرأة والرجل على حدٍ سواء:
1- اختلاف الاولويات: سيختلف التفكير بخصوص الاولويات الحياتية والانسانية حيث سيتم التوجه نحو المتطلبات الاساسية والضرورية اكثر من الحاجات الثانوية او الكمالية، كذلك الاهتمامات الشخصية ومدى ملائمتها مع المرحلة الجديدة.
2- الاهتمام بالذات اكثر: ستتغير نظرة الانسان لنفسه الى اكثر تقدير ورضا والبحث عن المنجز العملي والفعلي على كافة الاصعدة سيكون هو الحافز الاساس للاستمرار في تقديم ما هو افضل.
3- الاهتمام بالصحة: اتباع نظام غذائي والتردد على صالات الالعاب الرياضة يعتبر امر مفرغ منه، وذلك للمحافظة على صحة جسدية جيدة بعيدة عن الدهون والامراض والتي قد تؤثر على قدرته على العمل او ممارسة حياته الطبيعية بحرية.
4- الاهتمام بالعائلة والاسرة: ان النظرة تجاه العائلة والاسرة ستتغير نحو البحث والتدقيق بشكل اعمق للحيلولة دون وقوع مشاكل وتلافيها مستقبلاً من خلال الحوار والحديث الشفاف وتقبل اراء المقابل وتعزيز الثقة ما بين افراد الاسرة الواحدة وهو ما يخلق اجواء اسرية دافئة.
5- اختيار الاصدقاء: ان نوعية الرفقة ستتغير اتجاه المتشابهون بالافكار والاهتمام اكثر من المتضادين كون النوع الاول سيكون اكثر تقبلاً ومفهومية من النوع الثاني، كذلك الجانب النفسي وحالة الاستقرار تكون اوفر مع النوع الاول من الثاني كونها اكثر عمقاً.
6- البحث عن الاستقرار: والاهم هنا ليس الارتباط وحسب وانما الاستقرار على مواصفات منطقية وعملية يجب ان تتوافر في شريك الحياة بإعتبارها الاهم من ذات الارتباط نفسه، وابرزها رزانة الافكار ومدى تقبل المشاكل العملية والحياتية وكيفية التعامل معها لان هذه الامور ستحدد مدى تعاسة او سعادة الحياة مع هذا الشريك او تلك الشريكة.
لذلك فان خيارات الانسان مابعد الثلاثين تحدد نضوجه من صبيانته في مواجهة معترك الحياة.