رد الجامعة الوطنية للتعليم على إغلاق الحوار من طرف الحكومة (الجزء الثاني)
أحمد رباص
الحوار المتمدن
-
العدد: 7833 - 2023 / 12 / 22 - 00:15
المحور:
الحركة العمالية والنقابية
استضاف يوم أمس حميد المهداوي عبد الله غميميط، الكاتب الوطني للجامعة الوطنية للتعليم، وأجرى معه حوار نشر منه البارحة الجزء الأول وينشر الآن جزؤه الثاني.
- من أجل مواصلة الحوار، عاد المهداوي إلى ما قاله أخنوش في هذا الصدد: لنكون واضحين، كان بإمكاننا منح 1500 درهم للأساتذة، وإذا كانت هناك أرقام أخرى فسوف نصل إلى مستوى يتعدر معه تمكين الاساتذة والموظفين من أجورهم. هذا لا يمكن. لقد بلغنا نهاية النقاش حول هذا الأمر. بقيت نقاشات أخرى تهم المطالب الفئوية وبعض المشاكل المطروحة؛ وهو ما عبرت اللجنة الوزارية المكونة من السادة بنموسى ولقجع والسكوري عن استعدادها للاستجابة لها وإيجاد حلول مناسبة. استقبل السيد الوزير مكتبكم (الكلام موجه إلى نقابة البيجيدي) وقال لكم تعالوا نجلس لنشرح لكم ما نقوم به من جهة أخرى مع النقابات، ولكنكم فضلتم الاستمرار في الإضرابات. ظل النقاش متواصلا مع الجامعة الوطنية للتعليم (fne) حتى صباح يوم السبت لأجل الوصول إلى اتفاق مع تأكيدنا لممثليها أن السقف الذي اعتليناه لا يمكن تجاوزه وتفهموا الوضع، إلا أن هناك مسائل أخرى تتعلق بالمطالب الفئوية كان لنا في شأنها استعداد لتناولها.
أوقف المهداوي كلام رئيس الحكومة ليطرح على ضيفه مجموعة من الأسئلة جاءت كالتالي: لماذا تم في الأول إقصاء الجامعة الوطنية للتعليم - التوجه الديمقراطي من الحوار؟ وفي لحظة أصبحتم مطلوبين للحوار، لماذا رفضكم العقل الحكومي حينا وقبل الجلوس معكم حينا آخر؟ حسب المعطيات التي في حوزتنا، لكم امتداد وسط الشارع إلى جانب التنسيقيات التي عبأت حشودا كبيرة لا تمتثل للنقابات. إذا كان لكم هذا الامتداد الجماهيري كان من الأولى أن يبدأ النقاش معكم والتنسيقيات ويحسم هذا النقاش..لماذا قبلوا التحاور معكم في آخر لحظة قبل توقيفه؟
+ بالنسبة إلينا كتوجه ديمقراطي، كنا حاضرين في الحوار القطاعي منذ تنصيب السيد شكيب بنموسى إلى حدود 14 يناير 2013 حيث رفضت الجامعة الوطنية التوقيع على الاتفاق الذي تم التوصل إليه في نفس اليوم. وهذا منىحقنا؛ لأننا رجعنا إلى هيئاتنا التقريرية الممثلة في المجلس الوطني الذي رفض التوقيع على هذا الاتفاق على اعتبار أنه هو سيؤطر صياغة النظام الأساسي الذي قدرنا أنه سوف يكون تراجعيا، وكان تقديرنا في محله. النقابات الأربعة الأخرى وقعت على الاتفاق وذهبت تشتغل مع الوزارة إلى أن جاء يوم 20 شتنبر من هذه السنة. ما هي الحصيلة؟ وجدنا أنفسنا أمام نظام المآسي، أمام نظام تراجعي وحد الشغيلة بأكملها للانتفاض ضده، والأنكى والأمر أنه أتى خاليا من أي زيادة في الأجور. لم تكن هناك لا زيادات ولا تعويضات للعديد من الفئات؛ بمعنى أن الحصيلة صفرية.
انطلقت احتجاجات وإضرابات الشغيلة التعليمية يوم خامس أكتوبر. كنا كنقابة جزء من هذه الاحتجاجات إلى جانب التنسيقيات، بما فيها التنسيق الوطني لقطاع التعليم الذي ننتمي إليه. الحكومة ارتأت الدخول في حوار مع النقابات الأربعة الأخرى واستمر إلى جدود العاشر من دجنبر الحالي حيث وقعت اتفاقا كنا خارجه ولم يتم استدعاؤنا واستمر إقصاؤنا مع التنسيقيات ولم يؤخذ في الاعتبار يدنا الممدودة منذ خامس أكتوبر حتى عاشر دجنبر.
إذن، عندما تم توقيع هذا الاتفاق، عولت الحكومة عليه لإقناع رجال ونساء التعليم بالعودة إلى الأقسام، في حين أن هذا الاتفاق في حد ذاته لم يحقق هذا الهدف، والدليل هو أنه مباشرة بعد 10 دجنبر خرج الأساتذة في إضرابات تجاوزت نسب المشاركة فيها تلك التي سجلتها الإضرابات السابقة. هنا التقطت الحكومة الإشارة إلى أن من يتواجد في الساحة التعليمية هو التنسيق الوطني والتنسيقية الموحدة لهيئة التدريس وأطر الدعم والتنسيقية الوطنية لأساتذة التعليم الثانوي التأهيلي. هؤلاء هم الفاعلون في الساحة والخائضون للمعركة بما فيها من وقفات وإضرابات ومسيرات أجمع الرأي العام على أنها كانت مسيرات حضارية وسلمية وراقية.
- إذا كانت الحكومة قد اقتنعت بأنكم من يتواجد في الساحة وبأن أي حوار لإنهاء الأومة لا يمكن أن يكون إلا معكم انتم كنقابة ومع باقي التنسيقيات، فلماذا انقلبت عليكم الحكومة؟
+ هناك أطراف عديدة لا يعجبها أن تتوصل الحكومة إلى اتفاق مع الجامعة الوطنية للتعليم وأن يكون عرضه احسن من عرض 10 دجنبر.
- هناك قراءة أخرى عبارة عن هذه وجهة نظر. أكيد الحكومة عندما كانت تتناقش معكم شكلت جهة واحدة وبالتالي تواجد طرف آخر مستبعد. ألا يظهر لكم أنه - ربما - كان من جملة مخطط الحكومة أن يستوعب الشعب المغربي أن أزمة التعليم غير موضوعية، وأن وراءها تيار سياسي هو السبب في هذه الفوضى وأنه مختف يجب أن يخرج إلى العلن، وحتى يتحقق ذلك يكفي أن نتحاور معه قليلا ليهدئ من روعه ثم ينسحب، ليقتنع الشعب بالتالي بأن ليست هناك أزمة في التعليم وكل ما هناك تيار سياسي يراهن على الفوز على حساب الحكومة؟ هل كان مخطط الحكومة هو إظهار أن حزب النهج الديمقراطي العمالي وراء هذا الحراك؟
+ أعتقد أن محاولة إلباس إضرابات واحتجاجات رجال ونساء التعليم لبوسات سياسية أصبح متجاوزا. الحراك التعليمي حراك اجتماعي، تربوي، حراك بمطالب اجتماعية واضحة المعالم، إذا تمت تلبيتها فأكيد أن أصحابها سيتراجعون عن الاحتجاج، أما الرهان على وجود أجندات سياسية فهذا غير معقول.
- كيف تفسر جلوسي معك لإيجاد حلول لصالح بلادنا وأولادنا، ولكنك في المقابل تجنح إلى التصعيد؟
+ لم نختر التصعيد..
- قاطع المهداوي ضيفه ليسمعه مقتطفا من كلام أخنوش: تجاوبنا معهم (يقصد نقابة الإفنو والتنسيقيات) وخرجوا من الاجتماع بروح إيجابية وقالوا لنا إنهم سيذهبون للتشاور مع قواعدهم وسوف يعودون. كنت مستعدا لأن ألتقي بهم يوم الأحد. عندما وقع ما وقع قرروا مواصلة الإضرابات. قلنا لهم: لنحل المشكل يوم السبت أو يوم الأحد على أعتبار يوم الاثنين هو آخر موعد ممكن للحسم في الاقتطاعات وإذا انسحبوا فليس باليد حيلة، وفضلوا الخضوع للاقتطاعات. هل تستطيع جهة فعل شيء أكثر مما قامت به الحكومة؟ علينا ألا نترك أولادنا رهائن، هذا غير ممكن، شيء آخر وقع، هذه ليست مسؤولية الحكومة فقط، هذه مسؤولية الآباء والمواطنين. لا يمكن أن نترك الوضع هكذا ونبقى نتفرج عليه. كيف تأتي لتتناقش وتذهب لتتشاور ونرى ماذا كتب هذا أو ذاك في الواتساب؟ هذا غير ممكن. هذه دولة المؤسسات، وإذا كان شخص ما لا يريدها فليقلها لنا. لا أرى غرضا آخر في صالح التلميذ. أقسم بالله العظيم أن تلك الملايير العشر من الدراهم والأشياء الأخرى التي سنقوم بتقييمها لم تعط إلا من أجل تصحيح وضع الأساتذة العائدة جذوره إلى الماضي من أجل أطفال المغاربة. الباب مفتوح، وكان السيدان بنموسى والسكوري جالسين معنا هنا وخرجوا على الساعة الرابعة من أجل عقد لقاء مع النقابات الأربعة وهم الآن يتناقشون وسيتفقون في أفق نهاية الأسبوع أو بداية الأسبوع المقبل على جميع البنود التي يجب تغييرها. من أراد الدخول إلى الحوار المؤسساتي فمرحبا به، الباب مفتوح، ولا نبتغي سوى تحسين وضعيات الناس، ولا ننطلق من سوء نية ولا نشكك في نوايا هذا او ذاك. ولكن، اسمحوا لي، هذا يهمكم كلكم ويهم المغاربة كافة، ولا يهمني أنا وحدي كحكومة أو يهم فقط وزير التعليم. هؤلاء أولادكم. هذا غير ممكن، لا يمكن قبول هذا الوضع ونظل نتفرج عليه هكذا، هذا غير ممكن. على الناس أن يعودوا إلى النقاش والحوار، ونجلس بقليل من الهدنة لإيجاد الحلول، أما إمكانيات الدولة فتبقى محدودة، وكل ما قمنا به فهو استثنائي حقا.
ما قاله رئيس الحكومة ليس أمرا سهلا. هذه رسائل قوية جدا، منها أنه قال: لا يمكن أن نترك أولادنا رهائن تحت قبضتكم. لاحظنا أنه قال: لن نترك أولادنا رهائن لدى العدميين، وكأنكم حزب سياسي. لدي سؤال: أليس التلاميذ والوطن أولى من أي ربح سياسي بالنسبة إلى حزب سياسي؟
+ هذا الكلام عن الحزب السياسي والسياسة كلام مردود عليه. قلت إن معركة مساء ورجال التعليم هي معركة اجتماعية، معركة يتم خوضها لتحقيق مطالب ديمقراطية ومادية ومهنية بعيدة عن أي توظيف سياسوي. فمحاولات البعض لتأليب الرأي العام الوطني ضد رجال ونساء التعليم على اعتبار أن هناك جهات سياسية محاولات يائسة ومردود عليها، الهدف منها هو التهرب من المسؤولية.
- قال لك: ألا يريدون دولة المؤسسات؟ من أراد التحاور مؤسساتيا فمرحبا به. اشتكى أخنوش من جلوسه مع أشخاص وليس مع تنظيم مسؤول.
+ بالعكس، نحن كجامعة وطنية للتعليم، تم إقصاؤنا من الحوار، وقمنا بالاحتجاج على هذا الإقصاء وعبرنا على رفضه، وراسلنا السيد رئيس الحكومة والسيد وزير التربية الوطنية عدة مرات. ووجدنا أن هناك خطأ في التقرير؛ لأن إقصاءنا لم يكن قانونيا ولا تدبيريا ولا معنى له. نقابة من النقابات الأكثر تمثيلية صوتت عليها الشغيلة التعليمية، حتى ولو لم توقع على اتفاق 14 يناير من حقها أن تكون حاضرة في النقاش حول كل القضايا التي تهم القطاع لأنها جزء من هذا الأخير. أما أن الأساتذة يتخذون من التلاميذ رهائن فأرى أنهم أكثر الجهات غيرة على التلاميذ ودفاعا عنهم وعن مصلحتهم. التلميذ المغربي رهينة مدرسة أصبحت تعيش أزمة بنيوية تتحمل مسؤولتها الحكومات المتعاقبة التي لم تصلح التعليم ولم تنهج سياسة تعليمية شعبية ديمقراطية قادرة على ضمان المقاعد لأولاد الشعب، عوض أقسام مكتظة يصل فيها عدد المتعلمين إلى أربعين واربعة وأربعين وما فوق.
- 44 تلميذا في القسم، من المسؤول عن هذا الوضع؟
+ الدولة، بطبيعة الحال. هل الجامعة الوطنية للتعليم هي التي تبني المدارس، هي التي توظف؟
- 45 مليار درهم للبرنامج الاستعجالي، أين ذهبت؟ الحكومة أعطت 10 ملايير درهم، ولكن هناك 45 مليار درهم، من استحود على هذا المبلغ؟
+ فعلا، هناك 45 مليار درهم خصصت للبرنامج الاستعجالي وتبخرت. هذا سؤال موجه للدولة.
- السيد محمد أضرضور كان وجها بارزا في البرنامج الاستعجالي، ولكنه اليوم مدير الموارد البشرية، وهو من كان يدبر هذا البرنامج الاستعجالي. كيف تفسر تبخر مبلغ من هذا الحجم واليوم لا حديث عنه باستثناء بعض الإشارات. اليوم هناك حديث عن 10 ملايير درهم، مع ان 45 مليار درهم بإمكانها حل مشاكل الصحة والتعليم.
+ هناك العديد من المشاريع التي خصصت لها اعتمادات كبيرة. عندما نبدأ بالميثاق الوطني للتربية والتكوين ونمر إلى البرنامج الاستعجالي ومنه إلى الرؤية الاستراتيجية وصولا اليوم إلى خارطة الطريق، نجد أن المدرسة الرائدة رصدت لها 10 ملايير درهم. هذا يعني أن الاعتمادات خصصت لمشاريع فاشلة. مشاريع كانت وبالا على المدرسة العمومية، لا بتية تحتية، لا توظيفات كافية وقارة، لا زيادات في الأجور، لا وضعيات مهنية مستقرة، لا مناهج تعليمية منظمة، لا شيء. السؤال المطروح أن أزمة التعليم سابقة على الحكومة السابقة، ومستمرة، وسوف تستمر الأزمة في المدرسة العمومية لغياب إرادة سياسية لإصلاح حقيقي.
كل الإصلاحات التي جيء بها كانت مملاة من قبل المؤسسات المالية الدولية. نحن نعرف أن البنك الدولي هو المخرب للوظيفة العمومية والمدرسة العمومية.
- سمعت أن عضوا في المؤسسات المالية يحضر في الاجتماعات..
+ أحد مستشاري الوزير الوصي على قطاع التعليم هو في نفس الوقت مندوب البنك الدولي وساهم في إنجاز وثيقة عنوانها: المغرب في أفق 2040. هذه الوثيقة تهم أحد مجالات التعليم. هذا يعني الآن أن خارطة الطريق في مضمونها هي امتداد للإصلاحات الفاشلة التي جاء بها البنك الدولي والتي يفرضها على المدرسة والتعليم العموميين، ونحن نخصص له اعتمادات باهظة لتنزيل إصلاحيات بدون أثر إيجابي.
- هل بنموسى وزير عادي؟ مع العلم أنه يرأس اللجنة الخاصة بالنموذج التنموي الذي هو مشروع ملكي يمتد أفقه إلى سنة 2035.
+ أنا أقول إن ملف التعليم أكبر من السيد بنموسى ومن أي شخص آخر. نحن نتحدث عن مسؤولية الدولة والحكومة. السيد بنموسى يتحمل مسؤولية تدبير قطاع التعليم في الحكومة الحالية. فعلا، كان بن موسى مكلفا بالنموذج التنموي وبعد ذلك أنيطت به مهمة تسيير هذا القطاع ليعمل من جانبه، على تنزيل البرنامج الحكومي الذي يتضمن الخلاصات التي توصلت إليها لجنة النموذج التنموي في الشق المتعلق بالتعليم.
أكدنا للحكومة في اللقاء على أنها لكي تكون قوية يجب أن تكون لها حركة نقابية قوية ومستقلة. لا نريد أن تكون عندنا نقابات موالية.
- النقابات التي تتحاور مع الحكومة، هل هي مستقلة أم موالية؟
+ أنا أقول إن الحركة النقابية المغربية تعيش فعلا أزمة. هناك نقابات غير مستقلة، بمعنى مرتبطة.
أنا لن أحددها في أربع نقابات، بالنسبة إلي هناك أزمة.
- هل أنتم مستقلون؟ ألا تربطكم أي علاقة بحزب النهج الديمقراطي العمالي؟
+ بالفعل، نحن مستقلون، ولا تربطنا أي علاقة لا بهذا الحزب ولا بأيىحزب سياسي آخر.
- ألا تتشاورون مع قيادة النهج؟
+ ما العلاقة التي تربطنا بحزب النهج. للجامعة الوطنية للتعليم أجهزتها التقريرية، وأي قرار تريد اتخاذه ترجع في شأنه إلى الأجهزة التقريرية، والدليل هو أن السيد رئيس الحكومة أشار البارحة في مجلس المستشارين إلى لقاء اللجنة الوزارية مع وفد الإفنو وقدم له عرض لاحظنا عليه أنه متقدم ولا يحتاج سوى إلى التدقيق والتوضيح في مجموعة من النقط، وقلنا: سوف نعرض هذه الاقتراحات على قواعدنا، وعقدنا المجلس الوطني للجامعة ليلة السبت حيث حضر مئتان وستون عضوا بدأوا يشتغلون انطلاقا من الثامنة ليلا ولم تنته أشغالهم إلا عند الساعة الرابعة ونصف صباحا. هذا يعني أن الجامعة الوطنية للتعليم تحترم قواعدها ومبادئ الديمقراطية الداخلية. إذن، نقابتنا لا تتجاوز قواعدها. فهي مستقلة عن الدولة والحكومة والإدارة والأحزاب السياسية.
- عن العدل والإحسان؟
+ عن الأحزاب السياسية برمتها.
- ربما يقف العدل والإحسان وراء الحراك التعليمي.. انا فقط أنقل إليك ما يروج بهذا الخصوص.
+ أنا لست معنيا بالبعد السياسي للحراك التعليمي، ولكني متأكد من كونه مستقلا عن كل التعبيرات السياسية والحقوقية والمدنية. الحراك التعليمي منتوج رجال ونساء التعليم، ناتج عن الحكرة التي يعاني منها القطاع ورواده كبارا وصغارا
- هناك نوع من الإهانة للأساتذة والأستاذات. ينظر إليهم كقطيع ينساق لمن هب ودب، مع أنهم أبانوا عن عقليتهم وعن مسؤوليتهم عن حراكهم.
+ نساء ورجال التعليم ليسوا قطيعا. البعض يحاول شيطنة هذا الاحتجاج السلمي.
- من أجل تحقيق أي هدف؟
+ من أجل تشتيت وحدة نساء ورجال التعليم التي تحققت بفضل نظام المآسي، النظام الأساسي الذي كان بمثابة النقطة التي أفاضت الكأس. مرت مجموعة من المراحل التي كان المعلمون يخوضون فيها إضرابات مشتتة على مستوى فئات معزولة ولم يستطيعوا بناء ميزان قوى من خلاله يمكن إثارة انتباه الرأي العام والمسؤولين إلى مشاكل القطاع والعاملين فيه. اليوم، جاء النظام المآسي ليوحد ويخرج الناس على قدم المساواة مع كافة الأطياف السياسية والمدنية والحقوقية. والآن على الحكومة أن تتجاوب مع مطالب الشغيلة التعليمية وتعمل على إيجاد حلول لمشاكلها.
- على عاتق الحكومية وجهات أخرى تقع مسؤولية الحكومية الجواب عن كل هذه الإشكالات. رئيس الحكومة عبر عن فكرة مررنا عليها مرور الكرام وهي أن المسؤولية تقع على كاهل الآباء كذلك. مسؤولية الحكومة، كما قلت في بداية هذا الحوار، نسبية بالنظر إلى ظرفية الجفاف وكورونا وتداعياتها وغلاء الأسعار على المستوى الدولي، بالإضافة إلى الأوراش التي أطلقها المغرب. مثلا، الحماية الاجتماعية وإعادة إعمار ما دمره الزلزال تتطلبان أموالا باهظة، ناهيك عن مشاكل أخرى. في هذا الإطار، أليس من المطلوب إمساك العصا من الوسط؟ قال رئيس الحكومة: هذا جهدي عليكم. الحكومة لا تستطيع تجاوز سقف 10 ملايير درهم. من الناحية المالية، هذا هو العرض، المطالبة بأكثر منه شبيه بالبحث عن غمد للمنجل. على مستوى المرسوم، هناك حديث عن التجميد، ألا يمكن أن نقول: من غلب يعف؟
+ حتى نوضح للرأي العام، في اللقاء الذي كان لنا مع الوفد الحكومي يوم السبت قدم لنا عرض اعتبرناه، كما قلت، متقدما، ولم نعلن عن رفضنا له، كل ما هناك أننا طالبنا بالتدقيق في بعض محاوره، خاصة في جانبه المالي. لم يكن الوزير المكلف بالميزانية حاضرا معنا. قلنا يجب التدقيق في بعض الملفات حتى نعد محضرا. ما هي الضمانات الكفيلة بإقناعنا برفع الإضراب؟ ليس هناك ضمانات من هذاىالقبيل. هل الضمانات بالشفوي؟ هناك اتفاقات مكتوبة وموقعة ومع ذلك تم التنكر لها ولم يتم تنفيذها. نحن نريد التوصل إلى اتفاق، وعندما يقع ذلك نقول مرحبا وإذا رفضنا عندئذ إنهاء الإضراب نتحمل مسؤوليتنا أمام الرأي العام.
- إذن، أنتم كنتم أمام كلام شفوي لا يلزمكم..
+ كنا نريد تدقيقه أكثر. يدنا ممدودة..
- مثلا، ابنك عند الدخول المدرسي يكون في حاجة إلى محفظة وأدوات مدرسية وملابس. هل لابد من الجلوس لتتحاور معه؟ يكفي فقط الذهاب إلى السوق لشراء ما يلزم. في هذا الإطار، لا داعي لهذه السيرورة من الجلسات الماراطونية، يكفي النظر إلى الملف المطلبي والعمل على الاستجابة لمطالبه في حدود الممكن
+ للأسف، نحن كنا من المنتقدين لمنهجية الحوار القطاعي؛ لأنه استغرق سنتين، بل استمر من 2018 في عهد الوزير أمزازي إلى نهاية ولايته وظل يراوح مكانه قبل ذلك لسنوات. في الحقيقة، كان الحوار القطاعي عقابا للمعلمين بحيث استغرق سنوات طوالا ولم يسفر عن شيء. نريد حوارات محددة زمنيا زواضحة.
- تصور، مثلا، ابنك لا يذهب إلى المدرسة. هل يبقى بعد ذلك من داع للتحاور. هناك أزمة شبيهة بالمرض الذي يتطلب الشفاء منه إجراء عملية. في الدول الديمقراطية، إذا تعدر على تسعة ملايين طفل الذهاب إلى المدرسة تقوم القيامة، في حين أن هذا المسؤولين عندنا يعالجون هذا الوضع الخطير ببرودة دم واستهتار، مع أن ما يقع لأولادنا يذهب عن جفوننا النوم. لا أنتم كنقابة، ولا التنسيقيات، ولا الوزير ولا رئيس الحكومة بإمكانهم الاستسلام للنوم لو فعلا كان قلبهم مع التلميذ المغربي.
+ نساء ورجال التعليم لم يحتاروا الخروج كأنهم في نزهة. حال لسان الأستاذ المضرب يقول: مكره أخاك لا بطل. هذه الإضرابات مفروضة على المعلمين.
- متى يعودون إلى أقسامهم؟
+ بالنسبة إلينا، يدنا ممدودة إلى الحوار، ونحن على استعداد لاستئناف الحوار على قاعدة العرض الذي قدم لنا يوم 16 دجنبر الجاري من أجل التدقيق فيه.
- ماذا لو عاد الأساتذة إلى العمل وواصلوه لمدة أسبوعين حتى يستدرك التلاميذ ما يمكن استدراكه؟ هل هناك إمكانية لتفعيل مثل هذا الاقتراح؟
+ صدرت عنا إشارة بتخفيض عدد أيام الإضراب إلى يومين (الخميس والجمعة) وعبرنا عن استعدادنا للعمل خلال الأيام الثلاث من الأسبوع كإشارة إلى الحكومة.
- هل بإمكانكم إصدار بلاغ تتعهدون فيه بالعودة إلى الأقسام والاستمرار في العمل لمدة شهر كعربون عن حسن نيتكم وخدمة للتلاميذ حتى تبرئوا ساحتكم أمام الرأي العام الوطني؟
+ الأمر يتطلب فقط 24 ساعة نجلس خلالها مع الوفد الحكومي لندقق في ذلك الملف ونوقع على المحضر. المعلمون والمعلمات ينتظرون فقط أجوبة بعد انتظارات عمرت طويلا. ونعتبر أن اتفاق 10 دجنبر إيجابي على العموم لأنه تضمن مكتسبات تحققت بفضل نضالات رجال ونساء التعليم. فلولا خروجهم في الاحتجاجات لما حصلوا على زيادة 1500 درهم ولا على إعادة النظر في النظام الأساسي ولاىعلى نقط أخرى مدرجة في الملف المطلبي العام.