جدل ساخن حول تضارب المصالح: رد أخنوش على انتقادات المعارضة وتنظيم إخوان بنكيران لندوة صحافية
أحمد رباص
الحوار المتمدن
-
العدد: 8197 - 2024 / 12 / 20 - 04:47
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في إطار اجتماعه الشهري، أكد رئيس الحكومة المغربية، عزيز أخنوش يوم الاثنين، من خلال تصريحات حاسمة وواضحة، أن "محطة تحلية مياه البحر في الدار البيضاء شهدت مناقصة شفافة عادلة بعد أن قدمت أفضل عرض"، وذلك في ردٍ مباشر على انتقادات أحزاب المعارضة الممثلة في البرلمان، والتي تشمل كلًا من الحركة الشعبية، والاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية، والتقدم والاشتراكية، وحزب العدالة والتنمية.
وشدد أخنوش على أهمية المشروع قائلًا: "إن تنفيذ هذا المشروع لم يتلقَ أي مساعدة مالية من الدولة"، مشيرا إلى أن هذه المبادرة تتمتع بطابع استراتيجي بالنسبة للاقتصاد الوطني. كما أدان أخنوش الشكوك التي أثارها أعضاء المعارضة، مؤكدا أن اللجنة الوزارية للاستثمار، التي يتولى رئاستها، أصدرت قرارا يصف المشروع بأنه "استراتيجي".
في هذا الإطار، أوضح أن "أفضل عرض هو الذي فاز بالمشروع، وتم تقديم هذا العرض من قبل ائتلاف ثلاثي". وأضاف: "إنه استثمار بقيمة 650 مليون درهم، وهو مبلغ كبير يُظهر ثقة المستثمرين في هذا المشروع".
في خطوة إضافية لتبديد المخاوف والشكوك التي عبرت عنها المعارضة، أشار أخنوش إلى ما يعتبره أساسا غير منطقي للشائعات، موضحا أن تلك الشكوك مرتبطة برئاسة الحكومة للجنة، قائلاً بلهجة لا تخلو من تشنج: "لا تكذبوا على الناس، لقد كانت هذه المناقصة شفافة تماما، ولن يقوم أي تمويل حكومي بالمشاركة في تنفيذ هذا المشروع."
كما أكد أخنوش أيضا أن "سعر لتر الماء المحلى من المحطة الكبرى في الدار البيضاء سيكون الأرخص" مقارنةً بالعروض الأخرى المقدمة. وأشار في هذا السياق إلى أن المناقصة التي تم إعلانها في 17 نونبر 2024 فاز بها ائتلاف متنوع يضم شركات كبرى مثل أفريقيا غاز، وأكسيونا، وغرين أفريقيا. يهدف هذا المشروع الذي انطلق بقيادة المكتب الوطني للماء والكهرباء، إلى تصميم وتمويل وتنفيذ وتشغيل محطة لتحلية مياه البحر لمدة 30 عاما، يتم خلال هذه الفترة تخصيص 3 سنوات للتصميم و27 عاما للاستغلال. ومن المتوقع أن توفر المحطة 548,000 متر مكعب يوميا (ما يعادل 200 مليون متر مكعب سنويا) وبوسعها توفير 822,000 متر مكعب يوميا، مما يعزز قدرة المغرب على تلبية احتياجاته من المياه في المستقبل.
قدّم رئيس الحكومة هذه التوضيحات المهمة خلال الجلسة الشهرية لمجلس النواب المخصصة، والتي عُقدت يوم الاثنين 16 ديسمبر 2024، حيث تناولت السياسة العامة للحكومة في مجالاتها الاقتصادية والاجتماعية.
أثارت النقاشات حول محطة التحلية تبادلات حية بين عزيز أخنوش ونواب المعارضة، وخصوصاً مصطفى إبراهيم (حزب المصباح). وقد استمر التصادم لمدة عشر دقائق، حيث دافع أخنوش عن الشفافية ونزاهة عملية المناقصة.
خلال هذه الجلسة، قدم رئيس الحكومة أيضاً تقييما للبنية التحتية الأساسية المنجزة في المغرب خلال الـ 25 عامًا الماضية، في مجالات المياه، والري، والطرق، والأشغال العامة، والسكك الحديدية، والمطارات، والموانئ. وأعلن أن 120 مليار درهم ستُخصص للاستثمارات في هذه القطاعات خلال السنوات الثلاث القادمة. كما أشار إلى وصول شبكة اتصال الجيل الخامس (5G)
إلى المغرب في عام 2025، بالإضافة إلى دخول ميناء الناظور الخدمة، والذي يتطلب استثمارا قدره 10 مليارات درهم، وسيكتمل بناؤه في نفس العام.
من جانبهم، اعتبر نواب المعارضة أن التقييم غير كاف وانتقدوا غياب العدالة الترابية، مشيرين بشكل خاص إلى نقص الاهتمام بالعالم القروي. كما طرحوا قضايا مثل البطالة، التي تصل إلى 13.7%، والنقص في مجال الصحة والتغطية الاجتماعية. وعبر إدريس السنتيسي (الحركة الشعبية) عن أسفه قائلاً: "لدينا مستشفيات بدون رأس مال بشري." كما أصر حسن لشگر (الاتحاد الاشتراكي) وأحمد العبادي (التقدم والاشتراكية) على هذه النقاط، حيث أدانوا العيوب الرئيسية التي، على حد قولهم، تضعف تطور البلاد.
امتداد لهذا النقاش الذي احتضنته قبة البرلمان، نظم حزب المصباح يوم الخميس تاسع عشر دجنبر الحالي ندوة صحافية بالرباط طالب خلالها عبد الإله ابن كيران، الأمين العام للحزب، برفع الدولة للدعم المخصص لمشروع تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، والذي فازت به شركة لرئيس الحكومة عزيز أخنوش.
واعتبر ابن كيران، في هذه الندوة التي حددت تضارب المصالح في منح شركة لرئيس الحكومة صفقة مشروع محطة تحلية مياه البحر بالدار البيضاء، أنه «من الصعب جدا على المواطن العادي أن يستوعب ما يحدث».
وأضاف ابن كيران: "لن أتحدث عن غموض الدولة، لأن الدولة العصرية دولة معقدة، لكن هذا الغموض يستغل أحيانا، ويجب على الشخص الذي يسير الشأن العام ويترأس الحكومة بالخصوص، أن يحاول أن يكون على أعلى قدر من النزاهة الممكنة، دون أن يقحم نفسه ولا أقاربه، وهذا ما انتبهت له القوانين ونصت عليه".
وشدد ابن كيران على أن "الجديد في هذه الحكومة هو إثارة هذا الموضوع المتعلق بتضارب المصالح لأول مرة، بالرغم من أن أخنوش ليس أول رجل أعمال ترأس الحكومة في المغرب"، قبل أن يضيف أن الموضوع إياه لم تقع إثارته مطلقا خلال ولايتي ادريس جطو، وأيضا كريم العمراني، رغم أنهما من رجال الأعمال، وتم تعيينهما في منصب الوزير الأول.
وقال ابن كيران في الندوة الصحافية إنه يعترف بأنه "دخل السياسة منذ 1961 حين توفي محمد الخامس"، مضيفا أنه اهتم بالسياسة منذ أن كان عمره 7 سنوات، والآن يعترف بأن السياسة أتعبته، لكن الكثير من الأشياء لم يعد يفهمها جيدا إلا بعد دخوله البرلمان، وأشياء أخرى حين أصبح رئيس الحكومة، بينما هناك أمور أخرى لم يعد يفهمها إلى الآن.
وقال ابن كيران لعزيز أخنوش: "إما أن تلعن الشيطان، أو قدم استقالتك وغادر منصب رئاسة الحكومة، واترك المغرب يتنفس في السنتين المتبقيتين من الولاية الحالية".
ويتعلق الأمر بشرط إحداث مصنعين للتحلية خلال 15 سنة الماضية، والقيام على الأقل بمشروعين لتحلية مياه البحر خلال 15 سنة، ثم استغلال خلال 15 سنة الماضية، لمحطة تحلية بقدرة تفوق 200 ألف متر مكعب لمدة ثلاث سنوات متتالية، يضيف المتحدث، "وهي الشروط التي لا تتوفر في شركة رئيس الحكومة".
وأوضح أن دفتر التحملات المتعلق بالصفقة ينص صراحة على أن المرشحين للصفقة يجب ألا يكونوا في حالة تضارب المصالح.
وشدد القيادي في حزب العدالة والتنمية على أن تضارب المصالح يتمثل في ملكية رئيس الحكومة لشركة إفريقيا غاز وأسهم في شركة غرين افريقيا الفائزتين بالصفقة، ثم من خلال إشراف وزيرة في الحكومة وعضو المكتب السياسي لحزب رئيس الحكومة على لجنة الحوار التنافسي التي حسمت في الشركات المتأهلة لنيل الصفقة، ثم أخيرا من خلال ترأس رئيس الحكومة لجنة الاتفاقيات التي تهم مشروع المحطة.
من جهته، قال بوانو رئيس المجموعة النيابية لذات الحزب: "ما أثارنا في جواب رئيس الحكومية على أسئلة البرلمانيين في جلسة الإثنين الماضي، هو الاعتراف بأنه صاحب الصفقة المتعلقة بتحلية مياه البحر بالدار البيضاء، ثم الدفاع عنها وبأنه أخذها في إطار الشفافية وبأقل ثمن، ثم الدعم الذي أخذه".
في إطار نفس الندوة الصحافية، أفاد الأزمي، بأن “هناك لجنة وطنية، يرأسها رئيس الحكومة، هي التي تمنح الاستثناء باللجوء إلى المسطرة التفاوضية وفق القانون 86/12 المنظم للشراكة بين القطاعين العام والخاص، وهذا ما وقع في هذه الحالة”.
واوضح قائلا: “عند العودة لدفتر التحملات الذي على أساسه أطلق الطلب نجد أن المادة 11 تُقصي في الأصل من الترشح للصفقة من له وضعية تخوله امتيازا غير مستحق على باقي المترشحين، (ان يكون على معرفة بالأمور)”.
وعاد الأزمي بالذاكرة إلى الوراء محاولا تتبع مسار هذه القضية، وذكّر انه خلال مناقشة قانون مالية 2023 تم طرح تعديل من داخل مجلس المستشارين بخصوص الضريبة على الشركات يقضي بأن الشركات أو المجموعات التي انجزت اسثمارا مع الدولة تتجاوز مليار ونصف لن تطبق عليها الضريبة على الشركات المحددة في 35 في المائة وستُضرّب بـ20 في المائة فقط، مع شرط ان تكون الشركة أحدثت بعد فاتح يناري 2023 “.
كما ذكر الأزمي أن شركة اخنوش أحدثت في 15 يناير 2024، وبالتالي ستسفيد من هذا التخفيض الضريبي. وتحدث الأزمي على انه بموجب العقد تلتزم الدولة بشراء الماء لمدة 30 سنة من الشركة، التي ستنمحها (الدولة) الأرض الذي ستقيم عليها المشروع والطاقة التي ستشغله.
للتذكير، في نونبر 2023، فاز تحالف لشركتين الأولى مملوكة لرئيس الحكومة (أفريقيا غاز) وشركة إسبانية بعقد بناء وإدارة وصيانة محطة تحلية المياه الضخمة بالدار البيضاء (الأكبر في افريقيا)، والتي ستبلغ طاقتها 548 ألف متر مكعب يوميا، وباستثمارات تبلغ حوالي 8.000 مليون درهم.
وينص الفصل 36 من الدستور على أنه “يعاقب القانون على المخالفات المتعلقة بحالات تنازع المصالح وعلى استغلال التسريبات المخلة بالتنافس النزيه، وكل مخالفة ذات الطابع المالي”.