عبد الإله بنكيران: على عزيز غالي أن يتراجع ويعتدر عن تصريحه وإذا امتنع فعلى المغاربة أن يقاطعوه


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8199 - 2024 / 12 / 22 - 04:50
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

في إطار الضجة الإعلامية التي أحدثها عزيز غالي، رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان، بتصريحه المثير للجدل لصالح تقرير المصير كمدخل لحل النزاع المفتعل على صحرائنا الغالية، خصص عبد الإله بنكيران، الأمين العام لحزب العدالة والتنمية ورئيس الحكومة السابق، شريط فيديو للرد على صاحب التصريح.
في هذا الفيديو، تناول بنكيران عدة نقط تطرق فيها لحزب النهج الديمقراطي العمالي الذي يعتبر غالي أحد مناضليه، وانتقد حكومة أخنوش، وعرج على العلاقة بين المغرب والجزائر داعيا بلدان المغرب العربي والساحل إلى التكتل في ما بينها عساها تقدر على مواجهة المخاطر المحدقة بها في عالم متقلب يمور بالصراعات والتحديات.
في البداية، أعلن بنكيران أنه مع حرية التعبير.. ولكن رأى أن هناك أشياء يجب على الإنسان أن يحتاط في شأنها، أو أن يتصف فيها بالعقلانية على الأقل. وقال إنه لا يعرف عزيز غالي ولم يسبق له أن التقى به، ولكنه يعرف تياره السياسي الذي كان معه في الثانوية، وهو الذي تسبب في السنة البيضاء 1972/2971، وكان معه في المدرسة المحمدية للمهندسين. ولا زال يذكر أحد مناضليه الذي أصبح زعيمهم وهو سي البراهمة رغم الخلافات الإيديولوجية الحادة، وهؤلاء هم الذين حققوا معه عندما قال: باسم الله الرحمن الرحيم، عن طريق رفيقهم فريدي الذي سأله: لماذا قلت ما قلت؟ ياك ما أنت من الإخوان المسلمين؟
وأكد الأمين العام لحزب "اللامية" أن موقف أصحاب النهج الديمقراطي من وحدتنا الوطنية والترابية نشروه من قبل على شكل بلاغات علقت على الحائط. كانوا يشكلون تنظيما سريا يؤمن بالعنف. بالمناسبة، هم الذين اعتدوا على الأخ الكادلي، هذه قصة أخرى، على حد تعبيره. ولكنه ظل يتخيل انهم ماداموا قد شكلوا حزبا سياسيا وجمعيات فقد دخلوا إلى السياسة.
واضاف بنكيران مخاطبا مناضلي الحزب الماركسي اللينيني: "أقولها لكم بكل صراحة، حتى تكون أمورنا واضحة. من ينتظر في المغرب أن يكون كل شيء على ما يرام (تحقيق الديمقراطية بنسبة 100٪، إلخ..) حتى يدخل إلى السياسة فهو يضيع وقته. إذا كنت إنسانا بعقلك فيجب على ممارستك السياسية أن تدفع في اتجاه هذه الاستقامةوالمثالية اللتين ربما تكادان لا توجدان في دولة من الدول أو ربما توجد في بعض الدول قد تكون من ضمنها سويسرا. رأينا ترامب في المرة السابقة يتهم خصومه بممارسة التزوير والخداع، وجاء من يقول اليوم أن الدولة العميقة هي التي ساعدته على الفوز بالرئاسة؛ لأن لا أحد كان ينتظر تلك النتائج، بل كان من المتوقع أن يفوز بها إما هو وإما هاريس بنسب متقاربة، وإذا به يتجاوزها لا على مستوى الناخبين الكبار ولا على مستوى التصويت المباشر، وإن كانت مسألة المصوتين الكبار لم أتمكن من فهمها حتى الآن".
كان بنكيران يرى عزيز غالي يحل بين الفينة والأخرى ضيفا على اليوتوبر المهدوي، ولم يكن يعرفه قبل ذلك. شاهده ينتقد بقوة وشراسة، وبعض الأشياء يقولها صحيحة، وغالبا ما كان المتحدث يلتزم الصمت حيال شخص هذا حاله، اعتقادا منه أنه يمارس حقه في الانتقاد ويعرف النطاق الذي يتحرك فيه.
وهنا التفت بنكيران إلى جهة أعضاء الحكومة ليقول بكل صراحة إنهم لا يستحون. هم سائرون لا محالة بالبلاد إلى المجهول، إذا استمروا مصرين في نهجهم هذا. "إذا تصرفت بهذه الطريقة وتأخذ لك ولأصحابك كل شيء، هذا يحتكر استيراد الغنم، وذاك استيراد البقر، والآخر استيراد العسل، فهذا كله يكون ضد المصلحة الوطنية وفيه ريع. قم أنت باستيراد 1000 ألف كبش ولك تعويض بقيمة 500 درهم عن كل رأس، وبإمكانك أن تستثمر أموال الدعم في شراء المؤلفة قلوبهم الذين يكونون لصالحك في الانتخابات. وهؤلاء المحتكرون هم الذين يصبحون أعيانا، ولا أقصد الأعيان الشرفاء، وإنما أقصد أعيان الأحزاب السياسية الذين يضمنون لها النجاح، خصوصا في الانتخابات الجزئية، لأنه لا يمكن لهذه الحكومة أن تفوز في مثل هذه الانتخابات والشعب غاضب منها. فها هو حزب الأحرار يفوز بها دائما بالمال والزبونية"، يوضح زعيم "البيجيدي".
وصرح بنكيران بأن عزيز غالي يقول من حين إلى آخر أشياء غير مقبولة ولا يجب قولها في المغرب، لكنه هذه المرة تجاوز الحدود بكل صراحة. تجاوز حتى حدود حزبه والهيئة الحقوقية التي يترأسها. هو يتحدث عن الحدود السياسية. ويخاطب رئيس الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بشكل مباشر قائلا: "في السياسة، لا يمكن لك أن تأتي وتبدأ في الإدلاء بتصريحات يتبناها أعداء وطنك الذين أغلقوا عليه الحدود الشرقية ومنعوه من التواصل مع الشعب الجزائري الشقيق والعزيز. المغاربة عندما يأتي عندهم الجزائري كيفما كان يفرحون به ويكرمون وفادته، الدليل على ذلك أن عددا من الجزائريين لا زالوا يأتون عندنا لقضاء عطلتهم، وكانوا في وقت مضى يأتون بكثافة، وكانت فنادق مراكش تغص بهم قبل أن يحل التخويف. أما عندما كانت الحدود مفتوحة فحدث ولاحرج".
واستحضر بنكيران ما قاله المرحوم بوتفليقة للمغاربة: إذا فتحنا الحدود فسوف تستفيدون أكثر منا. وتساءل المتحدث: هل هذا كلام يقال؟ ثم استطرد موضحا: الكل سيستفيد بشكل من الأشكال، نحن إخوة.. ماشي معقول تقول لخوك إلا جبتك عندي غتستافد أكثر من داك الشي اللي غنستافدو أنا إلا جيت عندك.. خوك هاداك، إلا كلا هو بزاف غيقدر يوقف معاك فحاجة أخرى، يقدر يقري ليك الدراري، مثلا. وكيفما كان الحال هو خوك، عندك معاه الأجر والفائدة، وعلى الأقل ما عمرو يتخلى عليك، غادي يبقى ديما فجنبك، عوض أن تعيش وحدك، خصوصا فهاد الزمان".
في هذا السياق، حكى بنكيران كيف أنه رأى البارحة شابا جزائريا يتكلم بالعرنسية، ويروج مع المروجين لخطاب عدائي تجاه المغاربة. وإذا لم يتعقلوا فسوف يذهبون إلى الحرب لا قدر الله، يقول منذرا.
ثم يعود إلى عزيز غالي موجها إليه الكلام: "في هذا الوقت، أنت تخرج لتقول بتقرير المصير بعد أن انتهى هذا الموضوع سياسيا. لا أقول انتهى لأن فرنسا وامريكا وإسبانيا اعترفت بنا، بل أقول انتهى لأنه لم يعد مطروحا حتى عند الأمم المتحدة. المطلوب اليوم إخراج الملف من اللجنة الرابعة".
وأضاف: "أظن، والله أعلم، أن على سي غالي أن يتراجع، وإذا امتنع فلن يعود الشعب المغربي يستمع إليه. رأيي في مثل هذا الشخص هو أن يقاطع، وعلى الناس الذين يستضيفونه ليتكلم أن يتوقفوا عن استضافته، لأنه ضد شيء فيه إجماع وطني، وفيه حق من عند الله. الآن، أريد أن أسألكم: هل تعتقدون أن حزب العدالة والتنمية كان بإمكانه أن يساند الدولة في قضية الصحراء المغربية لو لم يكن مقتنعا بأن الصحراء تنتمي إلى المغرب؟ كيف تكون للجزائر صحراء وهي لم تولد إلا قبل بضعة عقود؟ الجزائريون هم من يقولون هذا الكلام، ولست أنا. قال فرحات عباس: أنا لم أجد تاريخيا للجزائر، لو أني وجدته لاعترفت به وأعلنته. وهذا لا نعتبره معرة للشعب الجزائري الذي كان يتفاعل مع الشرق، وبقي خاضعا للخلافة العباسية ومن بعد للخلافة العثمانية. المغرب أنجز لنفسه حسابا آخر ما زال نافعا له وما زلنا متشبثين به، وسنبقى متشبثين به. ولكننا - نحن المغاربة والجزائريين - إخوة. أقول لكم: مم يخاف هؤلاء الناس؟ إنهم خائفون من أن يتفوق عليهم المغرب رغم أنهم يملكون البترول. وهذا أقوله لكم من مسؤول عن مسؤول وليس من تلقاء نفسي. لكن هذا النوع من الحساب غير موجود. بالعكس (...) في هذا الظرف بالخصوص، يكاد يكون من الواجب أن نصبح تقريبا دولة واحدة. يجب علينا توحيد علاقاتنا الخارجية ودفاعنا؛ لأنك عندما ترى العالم يتقلب، روسيا ضد اوكرانيا، إسرائيل داخلة فينا طولا وعرضا، الصين لا نعرف ماذا ستصنع مع الولايات المتحدة، كما تطرح علامة استفهام على العلاقة بين الصين وتايوان، إلخ.. في هذا الوقت يجب على دول المغرب والجزائر وتونس وليبيا موريتانيا ودول الساحل أن تشكل ما يشبه الكونفدرالية عساها تقدر على الدفاع عن نفسها، وإلا سيكون المستقبل مخيفا. لهذا انصح إخواننا الجزائريين أن يتوقفوا عن تحريض الناس باستعمال الأكاذيب كتلك التي اتهموا فيها المغاربة بإشعال الحرائق التي شبت في مناطق متفرقة من بلادهم. أين هم هؤلاء مشعلو الحرائق في غاباتكم؟ كل مصيبة وقعت في الجزائر إلا وتدعون أن المغاربة هم من تسببوا في حدوثها. هذا ظلم. ولكن الحمد لله. نظامنا ملكي ليس له انتماء طائفي وغير مؤسس لا على حزب، لا على جيش، لا على طائفة، لا على أسرة ولا على قبيلة..نظامنا يقوم على التحكيم وعلى المشروعية التاريخية والدينية، وهي ما يمنع جلالة الملك من أن يسيء إلى جيرانه. لما كنت رئيس الحكومة أدليت ذات يوم بتصريح إيجابي في حق الجزائر، فبعث إلي سيدنا بفؤاد عالي الهمة ليقول لي إن الملك يقول لك إنه لن يقوم بأي شيء فيه سوء للجزائر. لا تبالغوا علينا! سيدنا لا يتمنى لكم إلا الخير. عندما زاركم رئيس الدولة ومكث عندكم لمدة، فهذه إشارة رمزية من جلالته يجب أن تتلقوها وتفهموها. نحن لا نريد لكم إلا الخير. أنا أوجه خطابي إلى رئاسة الدولة الجزائرية وإلى المواطنين الجزائريين وليس إلى الحكومة التي لا وزن لها. الطريقة التي تتعاملون بها معنا ليست معقولة".
بعد ذلك، توجه إلى عزيز غالي متستعملا ضمير الغائب: "على صاحبنا أن يعمل عقله، وأقول نفس الشيء لمن يستضيفونه في قنواتهم ليوزع الشتائم ذات اليمين وذات اليسار، وليتفوه بأشياء غير صحيحة، ومن بينها أنه قال إن المخزن بدأ في تسخين طنجرة العدالة والتنمية". ثم ما لبث أن خاطيه بضمير المخاطب: "عندما سمعتك تقول هذا الكلام، قررت أن أرد عليك اليوم، لكني نسيتك لولا هذا الصحافي النبيه المسمى هشام التابع لجريدة (إطلالة بريس). عندما سمعتك تقول مثل ذلك الكلام عرفت أنك لا تفهم شيئا، وأنك "كترگع" و"بودينة". يجب أن تضع في بالك أن طنجرة العدالة والتنمية لا يسخنها إلا العدالة والتنمية ولا يخمد النار من تحتها ولا يبردها إلا العدالة والتنمية،. وختم بنكيران خرجته الإعلامية بتوجيه الخطاب إلى رئيس الجمعية الحقوقية مستعملا ضمير الغائب للمرة الأخيرة: "ليعلم سي عزيز أن اولئك الذين كانوا يتصلون بنا هاتفيا وتوقفوا عن ذلك نقول لهم: الله يهنيكم، لأننا حزب سياسي قانوني. من أراد أن يتكلم معنا فمرحبا، ومن رفض لهلا يهدرو، ولي فجهدو يديرو.."