زيادة مرتقبة في سعر “البوطة الكبيرة”… فين غادا بينا حكومة أخنوش؟


أحمد رباص
الحوار المتمدن - العدد: 8182 - 2024 / 12 / 5 - 01:16
المحور: الادارة و الاقتصاد     

بعد زيادة 10 دراهم في ثمن قنينة الغاز الكبيرة ابتداء من أبريل الأخير، ها هي حكومة المخزن الاقتصادي تلوح بزيادة بنفس القدر في سعر القنينة ذاتها. مرت الزيادة الأولى بسلام وتحقق مراد عزيز أخنوش وصحبه دون أن يثير القرار ولو شرارة صغيرة تنم عن غضب شعب مقهور أصلا نزلت المصائب تباعا على قاعدته العريضة المكونة من الفقراء والاشد فقرا ومن الطبقة المتوسطة التي أصبحت في خبر كان، انطلاقا مما توصلت إليه المندوبية السامية للتخطيط نتيجة كارثية مفادها أن 80 ٪ من الأسر المغربية صرحت بتدهور معيشتها. فين غاديا بنا، يا حكومة أخنوش؟
لن أسلك مسلك تحريض الناس على الخروج إلى الشارع من أجل الاحتجاج على الزيادة الثانية المرتقبة في سعر "البوطة الكبيرة"، لسبب وجيه وهو أن صوتي لن يكون أقوى مدعاة للاستنكار من وعي المواطنات والمواطنين بتكرار لجوء الحكومة إلى جيوب الفقراء كلما لمست أن السيولة المالية في تناقص.
لكن من المتاح لي ولغيري أن يسجل ملاحظات جادت بها على وعيي الظروف العامة التي جاءت بهذه الحكومة التي سميت في بادئ الأمر بحكومة الكفاءات. بماذا نفعتنا هذه الكفاءات المزعومة؟ لقد تأكد لنا أنها بارعة في شيء واحد وهو تعميق مآسي الفقراء عن طريق الزيادة في أسعار المواد الأساسية من خضروات ولحوم ومحروقات وماء وكهرباء، إلخ..
كان حربا بهذه الكفاءات التي قيل إن أخنوش استقطبها وأدمجها في حكومته أن تبحث عن حلول لأزماتها المالية بعيدا عن جيوب الفقراء. أمامها إمكانات هائلة للنجاح في هذا المسعى: محاربة التهرب الضريبي، القضاء على الفساد، إغلاق صنابير الريع بمختلف أشكاله، إلخ..
ترأس بنكيران الحكومة الأولى من نوعها بعد الربيع الديمقراطي واتخذ قرارات قاسية آلمت شرائح واسعة من الشعب المغربي (تخريب صندوق المقاصة، الإجهاز على سن التقاعد، تجميد الأجور، إغلاق باب الحوار الاجتماعي...) دون اكتراث بالاحتجاجات والمسيرات التي غصت بها آنذاك شوارع مدن البلاد. وعندما انتهت ولايته الأولى، خرج يتبجح بمنجزاته غير المشكور عليها، وأعرب عن ندمه على عدم إقدامه على قرارات أخرى أشد إيلاما. لكن الأقدار العمياء ساقت للشعب المغربي ائتلافا ثلاثيا كارثيا ليكمل ما بدأه بنكيران؟ فلم الندم يا شيخ العرب؟
لماذا أصبح الشعب المغربي بمثابة حائط قصير بالنسبة إلى حكومة زاوجت بين السلطة والتروة؟ لماذا لم تعد هذه الحكومة تحسب له أي حساب وتعتبره أي اعتبار كلما أرادت أن تضع يدها على مكونات عيشه الكري؟ الجواب كامن في عجز أحشائه عن إفراز أحزاب ونقابات وجمعيات تتحدث باسمه وتمثل صوته في كل من البرلمان والحكومة. وأنى له ذلك وقد جرى تمييع المشاركة السياسية أمام عينيه وتنفير شبابه من الانخراط في أحزاب لم يعد همها التأطير والتثقيف، بل تسرب إلى هياكلها الصدأ وتآكلت مشروعيتها بفعل الطمع والجشع، فلم يجد الشعب أمامه إلا بحر التفاهة ليغوص في أعماقه على أمل التخلص الوهمي من واقع بات مقرفا وبئيسا.