لماذا يشترى الخلايجة في سوق غير مشجع


محمد حسين يونس
الحوار المتمدن - العدد: 8167 - 2024 / 11 / 20 - 07:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

أصبحت لا افهم .. أود أن اسمع من حضراتكم .. تفسيرا لسبب هجوم الخلايجة.. علي شراء أراض و منشئات في مصر..و توثيقها عالميا بمعاهدات و إتفاقات غير معلنة .. أو مشاركتهم لجهات نافذة في بلدنا مع إحتفاظهم بالنسبة الأكبر من الاسهم ..و كيف أصبحوا يتحكمون في إقتصادنا بواسطة إدارة الديون و المشاريع لصالحهم ..
لقد إتسعت الرقعة (و تتضاعف يوم بعد يوم ) ..و تتم بطرق غير شفافة .. لا نعرف عنها إلا القليل الذى يرشح ( صدفة أو عمدا ) بصوره غير يقينية
.
هل هي بداية خير كما حدث منذ قرن مع التطور الليبرالي و إختلاط المهاجرين من الاقطار المجاورة .. على المستوى الإعلامي ( الأهرام ،روز اليوسف ،الهلال كلها مؤسسات إمتلكها غير المصريين ) أو المستوى الفنى ( نجيب الريحانى ،فريد الأطرش ،أسمهان ،عبد السلام النابلسى أو بيرم التونسى ).. و عاشوا على الرحب فى مصر مساهمين فى إنضاج التيار الحضارى للمنطقة . .و تمتين قوتها الناعمة .
أم فاتحة كوارث عاني منها الأجداد مع ديون إسماعيل وتوفيق و سيطرة صندوق الدين علي الإقتصاد و السياسة .. حتي بدايات القرن العشرين ..و كان هذا مقدمة لغزو عسكرى بريطاني .
نحن دائما ما نجهل ما يحدث حولنا .(كالأطرش بالزفة ) فقد يكون لمصر المدونات الاقدم في العالم .. لانهم كتبوا و قراوا منذ زمن بعيد .. لكن للاسف نحن سكان هذا المكان .. لا نفهم معناها و نراها لغة العصافير
و لم نعد نعرف تاريخنا بعد أن باعدت فيما بيننا إختلافات تمنع التواصل .. و نترك أبحاثه و دراساته لمن هم أفضل منا .. في إستخدام العلم و المنطق .. و وسائل البحث المتقدمة ليحلوا طلسمات القدماء .. و يستنطقوا الأدلة من الحجارة و الفخار و الأدوات المدفونه في القبور مع الموميات و ما تركه الأولون من نقوش علي المنشئات تصارع الزمن و الجهل و الإهمال.
حاجة تكسف ..معلومات أغلبنا عن القدماء نستقيها إما من وثائق قديمة تصورهم كفراعنة عتاة متوحشين كتبها اليهود و العرب و نكلوا فيها بملوك مصر و المصريين تنكيلا ..إنتقل لأجيال عديدة من الأحفاد كرهوا القدماء و أثارهم
أومختصرات الأستاذ حبيب مدرس التاريخ عن إنتصارات تحتمس الثالث و رمسيس الثاني تشيع الجهالة أكثر من العلم ..أو عن طريق التراجمة حول الاثار يثرثرون بحواديت لتسلية السامع (و إبهاره ) .. و من عناوين الصحف و المجلات التي تحكي بإسلوب غامض عن أن مصر كانت أم الدنيا ..أو لازالت
.
المراجع الأجنبية مثل ..(( أطلس العالم القديم شعوب الماضي و أقطاره )) تجمع علي أن المعجزة تمت في زمن البداية منذ 15000 سنة ..عندما قام السكان المحليين لأكثر من ثلاثة الاف سنة بتعمير الوادى..و تدجين النهر ..بأدوات بدائية
مصب النيل كان مكانا خطرا تتخلله مجموعة من السبخات والبرك و المستنقعات و الأحراش تتكاثر فيها وحوش الماء و الحشرات..و لكن بجهد البشر أصبح القطرالأول بين بلاد العالم القديم الذى به حكومة موحدة و يعيش علي أرضه ناس في مدن و قرى .
.تاريخ هذا الإعجاز من المفترض أن يتعلمة الشيوخ قبل الأطفال و الشباب.. ليعرفوا أن مصر لم تكن هبة النيل كما قال هيرودوت .. بقدر ما جاءت كنتاج لجهد الأجداد. كما وضح جمال حمدان ..
الحياة لسبعة الاف سنة علي هذه البقعة من الأرض بعد إصلاحها و تهذيبها .. حديث طويل علينا أن نعرفه كما جرى دون مكياج و محسنات قسرية ..بنجاحاته و فشله .. بتقدمة و إندحارة ..نتعلم منه كيف كان أبناء كميت ( مصر ) علي القمة البشرية يوم أن كانوا جسورين يخوضون في البحار العليا للمجهول ..
ونتعلم أيضا أسباب سقوط الأباء بوطنهم إلي أسفل السافلين ..عندما تجمدوا و إستسلموا ..لا يناقشون أحاديث الكهان السقيمة و لا قهر المرتزقة من بعد الاسرة 22. .
علماء المصريات (مانيتون و أخرين ) يقسمون التاريخ المصرى الي ثلاث مساحات زمنية واسعه ..
عصور موغلة في القدم .. قد تصل إلي 13000 سنة ق.م كان هناك بعض التجمعات الحضرية في أماكن متفرقة تسعي بين الوادى و الصحارى المجاورة تنتهي إلي زمن ما قبل التاريخ حيث إستوطن الناس الأرض و تعلموا الزراعة و تربية الحيوان و سكنوا في (نومز ) من (6000 ق.م إلي 3100 ق.م )...
بعدها بدأ التاريخ المكتوب ..المقسم إلي 31 أسرة و إستمر من (3100 ق.م إلي 332 ق.م) مع غزو الإسكندر لمصر ... ثم زمن الفقد و التوهه و الإحتلال و السقوط دون قيام.. منذ (332 ق.م إلي 2024 م ) و هي فترة لم نخرج من أسرها إلا لمدد محدودة.. واحدة منها تمت منذ قرن بالتمام و الكمال .. بعد إندحار الإمبراطورية العثمانية ..و زوالها
.
فقد رفعت بريطانيا عنها الحماية .. و تحول السلطان إلي ملك .. وكان لها دستوراعصريا ..و نظاما برلمانيا أوروبي الطابع .. و تداولا لسلطة تحددها الجماهبر .. و جامعة مدنية التعليم ..و مدرسة فنون جميلة تخرج فنانين عالميين و إتحاد نسائي لسيدات غير مبرقعات ..وكانت الملجأ لكل مفكر أو فنان أو ثورى تضيق به بلاده
لقد ساهم أبناء الجامعة المصرية .. المدرس والطبيب والمهندس والقانوني والمثقف بالإضافة إلي العامل الماهر فى تحويل المنطقة من بداوة القرون الوسطى الى حضارة القرن العشرين
ومع ذلك فخريجي و طلاب المدارس لا يعرف أى منهم عن مجتمع ما قبل يوليو غير إن 2% من السكان كانوا يمتلكون مصادر الثروة و أن الفلاح كان حافيا .. أما التحضر و الثورية و العلم و الفن فقد بدأوا بعد تلك الليلة المباركة ..
.
الا يدعو هذا للتأمل و التألم ..و فحص التاريخ الذى تعلمناه مشوها ..و تصويبه لمعرف الجذور التي إينعت شجرة الشر و جعلتنا علي ما اصبحنا علية .. إيه رايكم .