رؤية 30 يونيو بعد 11 سنة
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن
-
العدد: 8024 - 2024 / 6 / 30 - 09:26
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في مثل هذا اليوم سنة 2013 .. خرج القوم .. يطالبون بتصحيح المسار ..و ينتقدون نظام الحكم مثل أى شعب يعيش ديموقراطية حديثة ..
لم يكن المطلوب هدم المعبد علي من فيه كما فعل شمشون .. بل إصلاح الخط الذى إنحرف به الحكام بعيدا عن أهداف ثورة 2011 ..
لم اخرج في هذا اليوم ..و لكن يقولون أن من خرجوا يعدون بالملايين .. منهم سيدات من مصر الجديدة ومدينة نصر بقيادة أختي.. و بنتي و حفيدتي و صديقاتها.. لقد كن خائفات أن تحولهن قوانين أم أيمن عضو برلمان أصحاب اللحي المرسلة و المقصوصة .. لما أصبحت علية سيدات إيران و أفغانستان و جنوب لينان.
و في الحق ..لقد أظهر الأخوان عدم كفاءة أو قدرة علي الحكم خلال السنة التي تولوا فيها و فشلوا في تقديم خطابا ديموقراطيا صحيحا مصحوبا بقياسات ملموسة لحقوق الإنسان .
بل كان لهم هفوات مثل ((الإخوان أسيادكم)) ردًا علي الفنان التشكيلى صلاح عناني الذي إنتقد الجماعة وحزب الحرية والعدالة.أو ((طظ في مصر وابو مصر واللي في مصر)).التي قالها المرشد...أوإفتراح طرد المسيحيين و العلمانيين من بلدهم ((لو مش عاجبكم، روحوا لكندا ولا أمريكا))
الأخوان بمجرد تمكينهم بعد تواجد في الشارع السياسي دام ل85 سنة ..لم يفكروا في تحسين حال المصريين بقدر ما حاولوا السيطرة عليهم..
بدأوا (بتسرع ) في تغيير القوانين وأخونة إدارة الدولة و السيطرة عليها بأساليب فاشيست القرن السابق.. وتركوا التيارات السلفية تستوطن سيناء و تجعل منها مركزا للتجمع العالمي .و فشلوا في وضع سياسة إقتصادية و تنموية تراعي مصالح الناس
و كان نتيجة ذلك إستياء الذين كانوا يتوقعون من حكومة ما بعد الثورة وضعا يقوم بتغيرات راديكالية لصالح الناس .... فبدأوا في جمع توقيعات تعبر عن عدم رضاهم ملتفين حول حركة تمرد (التي ظهرت فجأة و إختفت فجأة )
الناظر من بعيد .. يرى أنه حراك ديموقراطي ..و لكن عندما تقترب تجد أنه كان صراعا ..علي كل من السوق و السلطة .. بين مليونيرات الأخوان من جهة ومليونيرات قادة القوات المسلحة .. بدأ بالكلمات و إنتهي بالضحايا .و الإعتقالات .و الإستيلاء علي الثروات .
نفهم هذا عندما نتأمل ما صرحت به المتحدثة الأمريكية قبل هذا التاريخ
فقد أعلنت ( دون خجل من شبهة التآمر ) في مؤتمر صحفي شهده العالم باكمله ..أنهم في واشنطن كانوا علي علم ( منذ زيارة كلينتون و وزير الحربية لمصر ) أن هناك مخططا يعده الاخوان لاجراء تعديلات أساسية في قيادة القوات المسلحة المصرية وأن هذه التعديلات قد تمت بعد موافقة و مباركة صناع القرار الامريكي ..
وأضافت أن القادة الجدد (الذين حلوا مكان المعزولين) تم تدريبهم خلال زمن سابق في أمريكا و معروفين جيدا ( و لم تقل و انما ظهر من سياق الكلام ) أنهم محل ثقة القيادة الامريكية .
كلمات الادارة الامريكية كان لها نتيجتين
أحدهما ..إشارة غير مرئية و هي أن بعض ضباط القوات المسلحة من القادة الجدد لهم خطوط إتصال فعالة مع الامريكان و كلمة مسموعة ....وهم في الغالب الحل التبادلي رقم 2 عند االبيت الأبيض و البانتجون في حالة فشل ( الإسلام هو الحل ).
و النتيجة الأخرى الواضحة كانت طمأنة الأخوان أنفسهم وجعلهم يسرعون ( بشره طفولي) للاستيلاء علي مناصب جديدة تضاف لما وضعوا أيديهم عليه..( نائب الرئيس ، قيادات كبرى من الجيش و الشرطة و المخابرات و القضاء و الاعلام ، رؤساء تحرير الصحف )، وظائف أصبحت كلها خلال سنة حكمهم حكرا عليهم بالاضافة الي رؤساء.. (الجمهورية ، الوزارة ، مجلس الشعب ، مجلس الشورى و لجنة كتابة الدستور).
فاذا ما أضفنا لذلك المسئولين عن النقابات و الخلايا النائمة التي لم يعلن عنها في البنوك ، الشركات ، مؤسسات التجارة الداخلية و الاستيرادية ، البورصة ومندوبي مصر في المؤسسات الدولية و في باقي المواقع الحساسة و الرقابية أو الدينية الرسمية..
فضلا عن المليشيات الذين احتلوا الشوارع و الميادين و أماكن الانتاج الاعلامي و أشاعوا الذعر بين المتظاهرين أو المعارضين أو السكان القبط و المسلمين المسالمين ..
و مع إحتكار السوق في منافسة مع الإقتصاد الميرى ..و التوجه نحو قطر لتضع يدها علي المشاريع الجديدة المقترحة ..و علي حماس لدعم نظام حكمها في غزة . فان معني هذا ..
أن الشعب الذى هاج و ماج من أجل ازاحة طاغوت الحزب الوطني أحل محله كابوسا أكثر ضراوة و جوعا و شراسة من الجماعة بكوادرهم ، أقاربهم ، معارفهم ، محبيهم ، مريديهم و كل من قال أنا اخوانجي
السيد مندوب الجماعة في القصر الرئاسي و منفذ تعليمات مكتب الارشاد بعد أن أصبح يمتلك قوة غير مسبوقة بإعلانه الدستورى الذى حصن قراراته من الطعن أمام القضاء ...جمع بين السلطات الثلاث و تحريك ديماجوجية الشارع .. فلم يعد يواجَه بأى مقاومة لقراراته مهما كانت شاذة أو غريبة ..
في هذه الأيام زاد السواد حتي أنني لم أستبعد أن أستيقظ فأجدهم قد غيروا اسم بلدى بقرار جمهورى و تعليمات للجنة اعداد الدستور ليصبح ((جمهورية الاخوان الديكتاتورية العظمي الاقليم المصرى )) و أن العلم قد أضيف له سيفين و كلمات دينية موحية و أن السلام الجمهورى أصبح نشيد الاخوان الذى دبجَّه حسن البنا منذ ثمانين عاما .
لقد كنا دائما عرضة لتجريف ثرواتنا من الحكام و لكن كان المجرف في الغالب عاقلا لا يذبح الفرخة التي تبيض له بيضة ذهب .. حتي القت الاقدار بعد غروب شمس جمال مبارك .. بنظامين متتاليين متطابقين علي العرش
أحدهما ينفي مصر في إطار دولة خلافة عظمي و يجرف كل إمكانياتها لصالح تحقيق هذا الهدف بما في ذلك تكوين مليشيات و جيش مواز له سلاحة خارج إطار المنظومة العسكرية
و الأخر.. أوليجاركية مسلحة من المليارديرات ..تخضع مصر لإرادة الأخرين ..و تتخذ نفس خطوات سابقيها ..
و لأنها لا تمتلك المريدين المتحمسين مثل الأخوان لذلك إستخدمت من تثق فيهم من رجال القوات المسلحة الحاليين و السابقين ..و أصبحنا لنجد كل مفاصل الدولة ..و الإقتصاد و الإعلام ..و البرلمان و القضاء و الحكومة ..يديرها الموثوق في ولائهم .. أكثر من المشهود بكفاءتهم .
و تتكرر الصورة .. فالضباط بمجرد تمكينهم لم يفكروا في تحسين حال المصريين بقدر ما حاولوا السيطرة عليهم .. بدأوا بإمتلاك السوق و طرد منافسيهم أو إرهابهم .. ثم... تغيير الدستور والقوانين وعسكرة إدارة الدولة و السيطرة عليها بأساليب تعلموها من الجيل الرابع للحروب ..وتحالفوا مع التيارات السلفية و الحزب الوطني في صورة حزب (مصيبة وطن ) ..وزاولوا الإنتخابات ىنفس إسلوب الأخوان في إغراء المصوتين بالهدايا و المكافئات ..
فشلوا هم أيضا في وضع سياسة إقتصادية و تنموية تراعي مصالح الناس
و إن زادوا بالقيام بإجراءات التغييرات التي سحقت الجنية المصرى أمام الدولار ..الأمر الذى لم ينجح في تحقيقة السابقون ..
وأصبحت هناك جماعات تسيطر علي السوق دون منافس .. لا تشبع هي و اولادها و أنصارها من تجميع الثروة انها فرصتهم للقفز علي الاكتاف و الحصول علي النصيب الاعظم الذي باستطاعة أيديهم ان تمسكه من مغارة ((ذهب ، مرجان ، ياقوت ، احمدك يارب )) ..
و هكذا بين النظامين تشوه الجميع و طال السخام الاهبل الذى يضع جزمتهم فوق رأسة و يرقص بها ..و الغافل الذى يتصور أن هناك نهضة قادمة ..و يجلس منتظرا نصيبه..و من لا راى له ويرى أن الحياة قصيرة يجب عدم شغلها بهموم لا طاقة له بها .. فإغنم من الحاضر لذاته وتجاهل ما يحدث حوله .
النظامين لم يقدما خطابا ديموقراطيا صحيحا مصحوبا بقياسات حقوق الإنسان و إستوليا علي مناصب الدولة..و لجأوا للخليج للدعم .. في المرة الاولي قطر و الثانية الإمارات .. و كل منهما حصن قراراته دستوريا و منع الطعن فيها ..
فلماذا خرج المصريون في 30 يونيو 2013 .و لماذا صبروا 11 سنة علي سياسات متشابهه
.اليوم(( ومع جرى الوحوش)) الذى يقوم به الرجال و النساء ، كبار السن و الشباب ، الاطفال والصبايا .. تحول المصريون ((للاسف )) قصدا او بدون شعور الي حاملي معاول تهدم بلدهم ..(( انظر حولك لتعرف اى معول تحمل و اي صرح تهدم )).
لم نعد اسوياء نحلم و نبني و نزود عن الوطن ..بعد ان كسرنا المصانع المنتجة ودمرنا الاقتصاد الذى لم يدمره النهب ابدا ،و سادت الفتونة علي الشارع و السوق ، وجلس المسنون في مراكز اتخاذ القرار يعبثون بمصر و امن مصر .
اشعر انني قد اخطأت المسار والدرب فدخلت الي حاره من حارات نجيب محفوظ في بداية القرن الماضي التي تمتليء بالفتوات و اشباه الفتوات و المنتظرين الفرصة للفتونة .. وانه لا مخرج...
30 يونيو التى بدت كتعبير ديموقراطي عن الإستياء .. إنتهت بحرق مقرات الحزب الحاكم ..و الجماعة الداعمة له ...و أدت ل3 يوليو ..و بداية عصرتحكم اللواءات و المليارديرات .. و لم تقدم ما هو أفضل من سابقتها . .. المشاكل هي المشاكل ( بما في ذلك قطع التيار الكهربائي و عدم توفر الوقود ) و الحلول هي الحلول ( تحميل الناس ثمن الفوضى و الإستعانة بمليشيات القبائل و شركات الأمن لضمان إنتظامهم ) .. الفارق هو زى من يتخذ القرار أى ماذا يرتدى .. و طول لحيته
لا أؤيد الحكم الإثني المبني علي تغليب الدين ..و لكنني حزين علي ؤئد الديموقراطية الوليدة التي أعقبت ثورة الناس ..و عودة الحكم الأوتوقراطي الذى ثاروا عليه في 2011 .