تفضلوا حضراتكم ..منتظر الحوار


محمد حسين يونس
الحوار المتمدن - العدد: 8076 - 2024 / 8 / 21 - 06:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

ما المكاسب التي نالها المصريون عندما خرجت الجماهير غاضبة في 30 يونيو 2013 ..
هل تحقق خلال السنوات العشر التالية الامن المفتقد .. وتخلص المصريون من الفقر و العوز و غلاء المعيشة و أصبحوا أكثر سعادة علي مقياس السعادة العالمي
أم تخلصوا من حكم الفرد ومارسوا ديموقراطية حقيقية وجرى وضع ضمانات في الدستور لتداول السلطة لا تتغير بالإستفتاء ..و ساد التوافق في تعامل الحكومة معهم فلا إعتقالات و لا سجون ولا قضايا سياسية ولا حبس إحتياطي يمتد لسنين ..وأصبح يجرم انتهاك كرامة المواطنين.للحفاظ علي حقوق الانسان وتقدم مستوى تعليمة و صحتة وممارسته للرياضة و الفن ومواجهتة للعجز عن العمل.
هذه هي أهداف الإحتجاجات و الثورات عبر التاريخ ..و لكنها لم تحدث ولم تشكل جزءا و لو يسيرا من مخططات النظام التالي.. لقد بنوا قصورا و أبراجا و مدنا فاخرة مكلفة و شقوا طرقا و أقاموا كبارى و هدموا المنازل و المدافن و الاثار وقطعوا كما هائلا من الاشجار غير مهتمين بقضايا البيئة ..فلم يتغير مستوى النظافة وجمع القمامة في طول البلاد وعرضها...و جرى كبت الفنون و الثقافة الجادة ...ولم يظهرالسيد علي عبد العال رئيس مجلس النواب السابق و زمرته إحتراما مناسبا للدستور فعملوا علي تغيير بنوده عدة مرات و تفصيل قوانين مجحفة لا تتناسب مع مصالح الناخبين .
لقد كان المصريون طول العقد الماضي في جانب ..و الحكومات المتتالية ببرلماناتها ..و قوانينهاو خططها في جانب أخر
.إدارة بلد يسكنها أكثر من مائة مليون مواطن ليس بالأمر السهل ..من المفترض أن تخضع احتياجات المجتمع و الالتزامات المترتبة عليها . لدراسة واسعة...تشمل كيفية الوفاء بها وتغطية نفقاتها في حدود الاولويات والمتاح من الموارد ...
إدارة المجتمع هذه مسئولية جماعية لكل السكان ..
فهم من سيدفعون الثمن ..لذلك يفوضون عن طريق الإنتخابات الحرة حزبا حاكما يقوم و أجهزته بإعداد برامج ..و خطط و يحدد الأهداف و الوسائل و تقوم حكومة الحزب بتنفيذها بمتابعة ورقابة برلمانية وشفافية إعلامية يكون للمعارضة الدور الاساسي فيها ..و للشعب الكلمة النهائية .
في بلدنا لا يوجد حزب حاكم و لا معارضة ومش عايز أقول و لا شعب .. توجد حكومة إختارها الرئيس بطرق لا يعلمها إلا الملأ الأعلي الملتف حوله تنفذ سياسة غامضة ..وتختصر (أى الحكومة ) دورها التخطيطي فيما تقدمه سنويا للبرلمان من موازنات مالية (لا يقرأها إلا قلة القلة )..تمثل خارطة طريق تقريبية (غير ملزمة ) لما ستكون عليه سياستها .
الموازنة المالية التي نشرتها الحكومة للعام المالي 2024 – 2025 تتوقع أن إجمالي المصروفات بالمليون جنية 3.870.186 و الإيرادات 2.625.168 ..بعجز 1.244.999...مليون جنية
كيف سيسوى هذا العجزالمهول مليون و مئتان و خمسة و أربعين الف مليون جنية .. أى بليون وربع ؟.
توصيات صندوق النقد الذى يرسم سياسة الحكومة منذ بداية زمن الإصلاح الإقتصادى .هي .. إضافة مزيد من الديون ..رفع حصيلة الضرائب رغم أنها تغولت وتزيد عن 77% من مجمل إيرادات الحكومة .. تخفيض الإنفاق علي الأجور و مخصصات الدعم بزيادة أسعار الوقود و الكهرباء و الخبز و النقل...و التخلص التدريجي من الخدمات بتركها للسوق و القطاع الخاص
دخل الحكومة ..ينفق منه علي الأجور 575 مليار جنيه (14.9 % ) وفوائد الدين 1834 مليار جنيه (47.4% ) والدعم مشتملا برامج الحماية الإجتماعية 635 مليار جنيه (16.3% )
فهذا يعنى أن تلك البنود الثلاثة فقط تمثل حوالي 78.6% من إجمالي الإنفاق العام (3870 مليارجنيه ) و أن ما يتبقى لكل مجالات الإنفاق الاخرى فى حدود 21,4 % بما فيها الصحة والتعليم و الثقافة و القضاء و الإعلام ..و الرياضة و الإنفاق عن فرق الألومبياد الفاشلة ..والبيئة..وإنشاء البنية التحتية. و الأمن و الحكم المحلي ..و توفير السلع الضرورية (أدوية ومستلزمات طبية ، أغذية ،مواد خام ، قطع غيار و وقود و زيوت ) ..فهل هذا يعبر عن حكم رشيد متفهم لواجباته نطمئن إليه.
فلنراجع البنود الثلاثة التي تمثل 78.6% من الإنفاق
اجور لسبعة مليون موظف و عامل تضخمت مرتبات بعضهم خلال العشر سنوات الماضية لدرجة غير متوقعه مثل ما يحصل علية المستشارين الحكوميين وأعضاء مجلس الشعب وكبار رجال الدولة وغيرهم من الواصلين المحظوظين .. في حين أن باقي العاملين يعانون من إنخفاض دخولهم و عدم قدرتهم علي الوفاء بإلتزاماتهم .
ما يقترب من نصف المصروفات (47.4 % من الإنفاق ) أو (69.9% من الإيرادات) تسديدا لفوائد الديون.(وليس اصولها ) التي إستدانها النظام خلال السنين الماضية من أجل مشاريع و أوجه صرف غير معروفة و غامضة تقتصر للشفافية ..بكلمات أخرى ..أغلب حصيلة الضرائب ( 77%).من الإيراد . تذهب لتسديد فوائد الديون (69,9 % )
الحاكم يخطط لتخفيض التزامات الدعم ..(أو الحيطة المايلة) ..ليس بترشيد الإنفاق بل بزيادة أسعار الغاز و الكهرباء و الوقود و الخبزو المواصلات علي المستهلك ...
و يقلل من إلتزاماته بقطع الكهرباء و تخفيض وزن الرغيف ..أو تركه لتقلبات السوق ..و يؤجر المستشفيات ..و لا ينفق علي المدارس و الجامعات إلا أقل القليل و يشجع القطاع الخاص للقيام بهذه الأنشطة حتي لو كانوا مصاصينة دماء من الخلايجة و السعوديين
لا نعرف هل تخطط الحكومة لتعديل الميزان التجارى لصالح التصدير.. لقد تركوا الأمر لصاحب الوزارتين قائد قوات غزو جزيرة الوراق مدمر المساكن و المدافن ..ومورد المنوريل و القطارات السريعة و هذا مؤشر غير متفائل
مؤشرلت التنمية التي تقدرها الموازنة للعام القادم ( 3.5 % )..نسبة متواضعة للغاية و في الغلب لن تتحقق .. لان متوسط سعر الفائدة الذى تقدرها (25 % ) مرتفعة بصورة مربكة ..و معدل التضخم (4.5 % ) نسبة غير واقعية علي الإطلاق و مضحكة .. أما القيمة المتوقعة للدولار في مقابل الجنية المصرى فستظل في رايها 50 جنيه..و هو أمر يشبه الخيال .
علي الجانب الأخر هل ميزانية الحكومة شامله كل أوجه الإنفاق و الإيراداتفي مصر ..هل هي واقعية تعكس حال الإقتصاد المصرى أم مثقلة بالبنود الغامضة لجهات فوق القانون و المحاسبة (حوالي ست جهات) غير مسموح بفحص تفاصيل ميزانيتها .. و لا تتضمن موقف الصناديق القومية و الخاصة.. وهل عندما ستعاني الحكومة من عجز الإنفاق ستغطية بطبع أوراق نقدية وإصدار سندات عالية الفائدة.كالعادة ..أم ستببيع مزيدا من أصول و أراضي جديدة .. كل هذا امور غامضة لا يصرح من وضع الموازنة بها
لقدوصلنا إلي نهاية الطريق .. المصريون بعد 30 يونيو 2013 يعانون في الغالب ..
المسن قبل الصبي و الغني مع الفقير ..و لم يجد الأطفال و المراة و العجزة و المعدمين ..أى إهتمام في خطط الحكومة و إنفاقها لذلك آن الاوان لنتحاور علي وضع قواعد و أسس و مؤشرات نتفق عليها لتقييم أداء الحكومة ..ماداموا يصرون علي أن يحكموننا بدون برنامج يعكس سياسة واضحة تهربا من النقد و الحوار .
المؤشرات المقترحة.. تغطي
- رصد مدى تطور إجمالي الناتج القومي خلال العقد الماضي و سبب عدم نموه بالصورة المتوقعة ..مع تحديد نسبة مساهمة الإنتاج الميرى ( جيش و شرطة و مخابرات ) في أداء الأنشطة المدنية (زراعة ، صناعة ، إنشاء ، صيد ، إستيراد ، ريال ستيت و إدارة الرياضة و الفن و الإعلام و الخدمات الصحية والتعليمية و الإدارية )
- مقدار الحريات السياسية ، ومدى فاعلية مشاركة الأحزاب والنقابات و مؤسسات المجتمع المدني كمنظمات المرأة والشباب وحقوق الانسان.ودرجة تيسير إسلوب التقاضي و عدد سجناء الرأى و المعارضين السياسين .
- مؤشرات تقيس التنمية البشرية مثل الصحة والتعليم والفقرومستوى الدخل للفرد ونسب البطالة والعنوسة ومستوى نشر المعرفة والتقدم العلمي. و إستتباب الأمن والاستقرار وتطور وسائل الاتصال والتكنولوجيا .
- ومؤشرات عن مدى عدالة توزيع الثروة وفاعلية مكافحة الفساد وحجم التخلخل الطبقي ...
مؤشرات حقيقية تظهر مدى نجاح الحكومة في عملها وأداء واجبها الرئيسي أى(( إدارة الدولة بطريقة تساهم في تحسين نوعية الحياة لدى ناسها .وقيادتها في طريق أن تصبح دولة تحترم حياة مواطنيها وحقوقهم في المقام الأول وتبذل جهدا حقيقيا لاستثمار الموارد المتاحة في تطوير المجتمع ، لا هدر الموارد على الفساد والرشاوى و العمولات وشراء المهمات التي لا تستخدم إلا ضد مصالح المواطنين)).
تفضلوا حضراتكم ... منتظر الحوار !!