الحواس تتغير و تتطور أيضا بالتدريب
محمد حسين يونس
الحوار المتمدن
-
العدد: 8078 - 2024 / 8 / 23 - 07:28
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نتعرف علي العالم و الوجود من خلال حواسنا الخمسة (النظر و السمع و الشم و الذوق و اللمس ) هذه الحواس يتم تربيتها بواسطة المجتمع ..و البيئة.. ففي أول أيام ذهابي إلي منطقة الجبل الاصفر و المرور بجوار مصرف مياة الصرف الصحي السوداء .. أغلقت أنفي .. من الروائح القذرة و أبعدت نظرى أن أرى الأطفال و الفراخ و البط تلهو علي شاطئة .. و تأذيت من الهوسة و التجمعات التي أحاطت بالميكروباص تتساءل ماذا يفعل الخواجات في هذا المكان .
شعرت بحزن لازمني لمدة طويلة بسبب تدهور الحياة في بلدنا .و كيف يتواجد ناسنا في ظروف غير أدمية ..و لكنهم يعيشون
عملت بعد ذلك في هذا المكان لثلاثين سنة .. إعتدت الروائح و أصبحت أميز بينها ..و أكتشف أى خلل في دورة التنقية بالشم
.. كذلك النظر .. عندما كنت أمر علي التجمعات السكانية المتلاصقة المبنية بالطوب الأحمر دون بياض كنت أنتقد عشوائية المنظر ثم إعتدت علي رؤيته يوميا بحيث حزنت عندما هدت الحكومة بعض من هذه المنازل
.
تربية الحواس ..و تغيرها من مجتمع لأخر ..و من طبقة للطبقة .. و من مهنة لأخرى ..جعلنا لا نستمتع برؤية نفس الأشياء بنفس الدرجة .. فرؤية لوحة لمودلياني أو تمثال لرودان .. لا تثير نفس الإحساس بالجمال .. عند شخص تربي في زريبة بين الروث .. أو في معسكرات بالصحارى
و لا نطرب لنفس الأغاني والموسيقي فالحان الحركة الرابعة الكورالية لبتهوفن .. دوشة عند البعض بينما اغاني المطربين الجدد التي لا تطاق تذاع في الميكروباص طول زمن حركته . .و يطرب لها السائق و الركاب
.و لا نستجيب لرائحة طشة الملوخية أو رائحة خبيز العيش أو برفيوم من كريستيان ديور بنفس الدرجة ..
بالنسبةلي مباني العاصمة الجديدة و العلمين قبيحة و متكروته ..بينما يراها اخرون قمة المعاصرة ..و التقدم .. صورة شباب فريق كرة النادى الأهلي و زوجاتهم علي البلاج .. بالنسبة لي جميلة و شابة و فيها حب و حيوية .. بينما غند أخرين إستعراض و فجور
و مع ذلك
فمن حسن الحظ أننا لا نشم كل الروائح أو نسمع و نرى كل ما يدور حولنا القرية و..المدنية قصرت حواسنا .. في حدود إحتياجاتنا فضمرت قدرتنا.. علي تمييز الروائح ..مثل أنواع معينة من الكلاب تستطيع أن تقتفي اثر الرائحه لعشرات الامتار ..
كذلك لم نعد نسمع تحرك الكائنات المعادية ..بحيث لو وجد أحدنا في غابةأو صحراء فسرعان ما سيكون فريسة بسبب عدم قدرته علي تمييز الأصوات ..
علماء بلاد الواق الواق صنعوا سماعات .. تتابع همسات الكون .. و رتبوا الأكثر ضجيجا بينها فجاء في المركز الأول كوكبنا ..
نحن نصدر أعلي قدر من الأصوات و الضجة .. خصوصا بعد إستخدام الموجات اللاسلكية .. إن مذياع .. عم حسنين في السوق الذى يصدر أصواتا غير واضحة أو تلفزيون القهوة القريبة أثناء ماتش للأهلي ..الذى يستمتع به أصحابه يمثل لي تشتتا و إنزعاحا ..
فتصور ما كان سيحدث لنا لو أن حاسة السمع كانت قادرة علي إلتقاط أحاديث أو موسيقي تصدر عن شقة في الدور العاشر ..من العمارة المواجهه
و لم نعد نرى البعيد و القريب .. لو أن حاسة البصر لديك تشبة في حدتها الميكرسكوب .. لما إستطعت أن تعيش .. فملاية السرير البيضاء المغسولة .. عليها كائنات دقيقة تتغذى علي جلدك .. اثناء النوم .. و كوب الماء النقي ليس نقيا يحتوى علي ملايين الكائنات الحية الدقيقة التي تبتلعها دون أن تدرى و أنت مطمئن ولو نظرت ليديك أو جسدك فستذهل من حجم (البرازيت) التي تعيش عليه حتي بعد الغسيل أو الإستحمام .
العلم الحديث تعمق في التعرف علي الاشياء متناهية الصغر بواسطة ( النانو تكنولوجي ) و يحكي أننا كبشر نعتبر أقلية في هذا المكان .. حيث توجد مليارات المليارات من الكائنات الدقيقة التي لكل منها .. دور في إبقاء الحياة علي ما هي عليه ..و التي لولاها لتراكمت الجثث بالملايين دون أن تتحلل لعناصر مفيدة للوجود..و تسمح بإستمرا دورة الحياة
بكتريا الهدم أو الهضم .. و الدود المختفي في الأرض يخلخلها و يهويها ..بدونهما كانت اليابسة ستتحول إلي كتل صلدة لا تسمح بنمو بذور النباتات يعلوها جثث لا أول و لا أخر لها .
فإذا ما إتجهنا بأبصارنا عبر التلسكوبات .. فسنرى العجب .. كونا واسعا .. لا نهاية له .. سنشاهد القريب منا مجموعتنا الشمسية ..و مجرتنا سكة اللبانة .. ثم لا نرى مليارات المجرات مهما كان البصر قويا إلا بالمعدات الفضائية الحديثة التي ترصد أقل شعاع ضوء يسبح في الفضاء و لو سافر من 13 مليار سنة .
تغير حواس البشر من وضع الضوارى التي تعيش في الصحارى و الغابات .. إلي ناس القرية الهادئة والمدينة شديدة الضوضاء و الإزعاج .. درس لما يعنية التطور..و هو يشير إلي المستقبل ..
فعلماء الأحياء يقولون ان الإختبارات الجينية المرتبطة بالحمض النووى genealogical DNA test تدل علي اننا نستخدم أجزاء قليلة من مكونات سلسلة DNA الخاصة بالبشر ..
و أنه سيأتي اليوم الذى سنفهم فيه أسباب تواجد الأجزاء المهملة هذه ..و نستخدمها في تطوير إمكانياتنا .. ثم يشيرون إلي خصائص قوية عند حالات خاصة. منا . و لكنها غير مستغلة من معظم البشر.
علم السيكوكابينزيا المختص بتحريك الأشياء أو تغيير شكلها .بمجرد النظرلها ...أو الإستبصار والتخاطر عن بعد telepathy..و الحسد ..و السفرعبر الزمن .. أنشطة يدرسونها بجدية ويحكون قصص و تجارب قاموا بها من خلال علوم ((الباراسايكولوجي)) التي تفسرالظواهرالخارقة غير الشائعة ..
هذه العلوم غير المعروفة لأغلبنا و التي عندما نسمع عنها نعتبرها خيال .. هي مستقبل الإنسان .. الذى سيصبح في يوم من الأيام كائنا مخالفا تماما لما نحن عليه ..
يستطيع التحكم في الطاقة و توظيفها ..و لا يحتاج للغذاء التقليدى .. يستخدم كل الإمكانيات الكامنة داخلة ليصنع عالما جديدا و مجتمعا أخر و بشر متكاملين Super being .
المعارض لهذا الطرح .. قد يندهش أن بعض العلماء المحدثين .. يتحدثون .. عن أن هذا حدث من قبل و أنه قد مر علي الأرض خلا ل ملايين السنين دورة أو دورات من الكائنات العاقلة تطورت و ملكت العلم و التكنولوجيا .. ثم إندثرت ..
و أننا لسنا الجنس العاقل الأوحد الذى وجد في هذا المكان .. فربما نكون أصحاب الدورة العاشرة .. أو أكثر التي إستعمرت الكوكب ..
و قد نفني أنفسنا بنفس الطريقة التي نفي بها السابقون .. حضارتهم .. بل يقول البعض .. أن حضارة أو أكثر منها .. هاجرت .. لكواكب أخرى منتشرة في الكون .. عن طريق الثقوب الدودية و البوابات الكونية ..و أنهم يراقبوننا .. و يتدخلون في بعض الأحيان للإرشاد أو منع تدميرنا لأنفسنا .
.الإنسان كائن ضعيف كفرد .. صدقوني أغبي الطغاة جبروتا و قوة و سلطة تستطيع بعض البكتريا أن تفترسة ..
و لكنه كجنس أذكي و أقوى من البكتريا.. يتطور و يتغير ..و لا يتوقف .. يهضم معلومات قرون الظلام و يتحرك بثقة في إتجاه المستقبل