انتصار الميالي - كاتبة ومدافعة عن حقوق المرأة وعضو في سكرتارية رابطة المرأة العراقية - في حوار مفتوح مع القارئات والقراء حول: بناء الدولة المدنية ودور المرأة وإمكانية تأثيرها حاضرا ومستقبلا .
انتصار الميالي
الحوار المتمدن
-
العدد: 5848 - 2018 / 4 / 17 - 23:50
المحور:
مقابلات و حوارات
من اجل تنشيط الحوارات الفكرية والثقافية والسياسية بين الكتاب والكاتبات والشخصيات
السياسية والاجتماعية والثقافية الأخرى من جهة، وبين قراء وقارئات موقع الحوار
المتمدن على الانترنت من جهة أخرى، ومن أجل تعزيز التفاعل الايجابي والحوار اليساري
والعلماني والديمقراطي الموضوعي والحضاري البناء، تقوم مؤسسة الحوار المتمدن بأجراء
حوارات مفتوحة حول المواضيع الحساسة والمهمة المتعلقة بتطوير مجتمعاتنا وتحديثها
وترسيخ ثقافة حقوق الإنسان وحقوق المرأة والعدالة الاجتماعية والتقدم والسلام.
حوارنا -222- سيكون مع الأستاذة انتصار الميالي - كاتبة ومدافعة
عن حقوق المرأة وعضو في سكرتارية رابطة المرأة العراقية - حول: بناء الدولة المدنية
ودور المرأة وإمكانية تأثيرها حاضرا ومستقبلا .ْ
المقدمة أو تمهيد
المَرأة هي أنثى الإنسان البالغة، كما الرجل هو ذكر الإنسان البالغ، وتستخدم الكلمة
لتمييز الفرق الحيوي (البيولوجي) بين أفراد الجنسين أو للتمييز بين الدور الاجتماعي
بين المرأة والرجل في الثّقافات المختلفة.
وقد واجهت المرأة صعوبات كثيرة في الماضي فقد كان لا يسمح لها باختراع الأشياء وإذا
اخترعت شيئا ما سمي الاختراع باسم زوجها. وازداد دور المرأة فعالية في عصر النهضة
الأوروبية، وعلى الأخص خلال القرن العشرين ، فأصبح لها حق التعلم والعمل والمشاركة
في جميع نواحي الحياة.
لقد لعبت المرأة العراقية دوراً ريادياً وحقيقياً في المجتمع في القرن الماضي قبل
وبعد ثورة 14 تموز 1958 وتابعت مسيرتها بعد 2003 ومارست حريتها بالمفهوم الصحيح
للحرية كمسؤولية ودور , وحاولت القضاء على كل النكبات والويلات والمصائب التي مرت
بها المرأة وذلك من خلال تخليص الدستور العراقي من الثغرات التي يعاني منها في حقل
المرأة مثبتة بعض الضمانات مثل الكوتا , والتمسك بقانون الأحوال الشخصية رقم 188
لسنة 1959 المعدل , وضع إستراتيجية وطنية شاملة للنهوض بالمرأة ولإدماجها والارتقاء
بها في الحياة الاقتصادية والاجتماعية، وضع خطة وطنية لتنفيذ قرار مجلس الامن 1325
لتمكينها من ممارسة حقوقها كافة ( السياسية , الاقتصادية , الاجتماعية , الثقافية )
وفي لجان المصالحة الوطنية وبناء الامن والسلام.
مفهوم الدولة المدنية والدولة الدينية
الدولة الدينية والمدنية مفردات ومفاهيم كثر حولها الجدل والنقاش وتجمّع حول هاتين
المفردات أنصار كثر ممن يرون بصلاح هذه أو فساد تلك وهناك أنصار للدولة الدينية
وللدولة المدنية والجدلية بين هذين المفهومين لا زالت قائمة ومنبع الإشكالية بين
الدين والسياسة أو بين العقل السياسي والعقل الديني مثار جدل صاخب خصوصا في
المجتمعات المدنية المعاصرة التي لم تحسم خياراتها وتحدد موقفها الأخير بشأن هذه
القضية وهناك من يجادل بأن الدولة المدنية هي نتاج الفكر العلماني الذي يفصل بين
الدين والسياسة والبرلمان الفرنسي ناقش مفهوم العلمانية أثناء إعداد الدستور عام
1946 وعرفه باسم حياد الدولة حيال الديانات ومصطلح الدولة العلمانية يعني دولة
المؤسسات التي تقوم على الفصل بين الدين والسياسة ففي الديانات مذاهب وأراء
واجتهادات ومعتقدات واختلافات وإشكاليات ولا يجوز اهتمام الدولة ولا مؤسساتها
المدنية في هذه الاختلافات ومهمة الدولة المدنية الدستورية هي المحافظة على كل
أعضاء المجتمع بغض النظر عن القومية والدين والجنس والفكر وهي تضمن حقوق وحريات
جميع المواطنين باعتبارها تقوم على قاعدة الديمقراطية وهي المساواة في الحقوق
والواجبات خصوصا أن هناك من يرى أنه لا يمكن بناء الدولة المدنية في ظل الدولة
المذهبية أو الدينية لان العقيدة أية عقيدة كانت لا تؤمن بحق جميع المواطنين على
قدم المساواة طالما أن القانون الديني يميز بين العقائد والتوجهات الفكرية
والسياسية، وهناك آخرون يرون أن الدولة الدينية هي المطلوبة كونها تقوم على أساس
العقيدة والتي هي المرتكز الأساسي للمجتمعات الإسلامية ومن هنا تؤسس جميع الأمور
القانونية في الدولة على أساس التشريع الإسلامي ذات الغالبية على أساس أن الإسلام
هو مصدر التشريع وليس على أن الأمة هي مصدر السلطات . وهي مثبتة على نظرية حالة
الحاكمية المطلقة للعقل الديني بأن نجعل الضرورات الدينية التي يدركها العقل الديني
بأنها حق مقدم على الدوام على المصالح السياسية التي يدركها العقل السياسي بوصفها
ضرورات لا يجوز التخلي عنها وتضيعها ولو على حساب الحق.
مواصفات الدولة المدنية
هى التى تقوم على أساس الحرية والعدالة والمساواة والحق فى التقاضى والديمقراطية
لجميع الأفراد داخل المجتمع بطوائفه تحت مظلة من الحريات منها حرية العقيدة وحرية
الرأى وحرية التجمع السلمى والانتقال وحرمة المسكن ومبدأ المساواة بين أفراد
المجتمع وتجنب أى تمييز بين شخص وآخر على أساس الجنس أو الانتماء أو الدين أو
الطائفة وهو ما يعبر عنه لفظ «المواطنة» وما ينطوى عليه الدستور وغيرها من مبادئ
العدالة الاجتماعية وعدم الظلم أو التعرض للإيذاء وتطبيق روح الديمقراطية وهى حكم
الشعب بالشعب واختياره لمن يحكمه واختيار النظام السياسى الذى يمثله ويخضع له
والمشاركة فى المجالس النيابية والحياة السياسية فى ظل القانون الذى ينظم الحياة
العامة للناس والوعى الكامل من أفراد المجتمع واقامة العدل والحق للجميع دون تفرقة
بنزاهة وقوة واقتدار بصرف النظر عن المكانة الاجتماعية للأفراد دون تمييز فالدولة
المدنية هى دولة القانون.
معايير الدولة المدنية والديمقراطية
تؤكد معظم القوى العلمانية والدينية التزامها بالدولة المدنية، لم تفتأ الأحزاب
الإسلامية يوماً عن التأكيد بأنها لاتسعى لبناء دولة دينية بمعنى أنه لا مشكلة
لديها في الالتزام ببناء الدولة (المدنية) ولاتتوقف عن الادعاء بأنها حامية للدولة
المدنية، لمجرد كونها قوى غير دينية. أين المشكلة إذن، إن كان الجميع يؤمن بالدولة
المدنية وينادي بها؟ المشكلة تكمن في التفاصيل وفيما لا يقال، وليس فيما يقال.
المطلوب مجتمعياً ليس إقامة دولة مدنية بمعناها الفضفاض، وإنما دولة مدنية
ديمقراطية ذات معايير محددة، تلتزم بها القوى الدينية وغير الدينية كافة، بغض النظر
عن تفسيرها للدين أو العلمانية أو أي فكر آخر. بعد ذلك، كل تيار حر في تفسيره طالما
لا يؤثر على هذه المعايير أو يغير فيها، أو يلزم الآخرين بغيرها.
1- المعيار الأول: الالتزام بالتداول السلمي للسلطة، فلا يحتكر حزب السلطة، ويحتكم
في الظروف كافة لصندوق الاقتراع، يحترمه ويسلم بنتائجه. فيصبح الفيصل الذي يعكس
إرادة الشعب هو الصندوق، يأتي بمن يريد للسلطة، ويخرج منها من يريد، ولا يستخدم
فريق ارتباطه العقائدي أو قوته العسكرية للبقاء في السلطة. فللجميع حق العمل
السياسي السلمي، وليس لأحد احتكار السلطة أو إقصاء الآخر.
2- المعيار الثاني: احترام حرية الأفراد والمجموعات، لا يتسلط عليها أحد بسبب
معتقده، حتى لو كان في السلطة. فالدولة المدنية هي وحدها القادرة على حماية الفرد
ومعتقده، وهي التي بشكلها المدني الديمقراطي تمثل مظلة قانونية تتسع للجميع. وحامية
للآخر، لا مكان فيها للعنصرية ولا متسع فيها للإقصاء.
3- المعيار الثالث: بناء المؤسسات فلا دولة مدنية ديمقراطية من دون بناء المؤسسات
التنفيذية والتشريعية والقضائية، ناهيك عن ضمان تطور صحافة حرة، لضمان بناء نظام من
الفصل والتوازن ومراقبة السلطات بعضها للبعض الآخر، بحيث لا تهيمن واحدة منها على
الاخرى وبالتالي على عملية صنع القرار.
4- المعيار الرابع، احترام حقوق الإنسان فعلا وقولا. ويتضمن هذا المعيار دعم حقوق
الفرد الأساسية، والسياسية والثقافية والاقتصادية، بغض النظر عن دينه أو معتقده أو
جنسه.
هل غالبية المجتمع العراقي متفق مع معايير الدولة المدنية الديمقراطية، أم أنه يحب
رنين المصطلح دون محتواه؟ تستخدم أغلب القوى الدينية هذا المصطلح لترويج وصولها
للسلطة وإخفاء رغبتها في فرض أنظمة معينة على الناس. فيما تستخدم بعض القوى غير
الدينية هذا المصطلح لإيهام العامة بأنها تقف ضد التطرف الديني، بينما تمارس هي
نفسها تطرفا فقط لأن الطرفين لهما مصالح بعيدة عن مصالح خاصة الشعب والبلد.
( الدولة المدنية الديمقراطية) هي التي تتفق عليها مكونات المجتمع كافة بالتوافق،
وليس وفق حسبة الأغلبية والأقلية، هي التي تحدد الإطار العريض للمجتمع، بغض النظر
عن الآراء والقوى المختلفة فيه. وفق هذا التعريف، لا يعني التزام أغلب الأحزاب
الدينية وغير الدينية بالدولة المدنية شيئا إن لم يرافقه التزام بالديمقراطية
بشروطها كافة،اذا ليس المطلوب دولة مدنية خالية من محتواها الحقيقي، بل المطلوب
دولة مدنية ديمقراطية بكامل معاييرها الحقيقية.
مدخل حول المرأة والحقوق المدنية والسياسية
تعد قيم المواطنة والمساواة من أبرز القيم والمفاهيم التي أضحت تمتاز بصفة العالمية
والكونية، لتأخذ قدر كبير من الانتشار والقبول في سياقات كثيرة متنوعة ثقافيا،
وحضاريا، واقتصاديا، كأحد أبرز القيم التي يمكن أن تساهم في إحلال قدر كبير من
العدالة والسلام الاجتماعي، إلا أن إنسانية وانتشار هذه القيم لم يحل دون أن يواجه
تطبيق هذا المفهوم بعقبات هيكلية تطرحها السياقات المختلفة التي تسعى لتبني هذه
القيم وفي القلب منها قيمة المواطنة، والسياق العربي والعراقي تحديدا مثال لذلك،
والذي تتداخل فيه الاعتبارات الحداثوية، والتقليدية، مع العوامل الهيكلية
الاجتماعية والاقتصادية، وهو ما أوجد ضرورة تفكيك هذه العلاقة المشتبكة. وقد أنتجت
هذه الاعتبارات جملة من الاختلالات فيما يتعلق بقيم المواطنة والحقوق والحريات
المرتبطة بها، وفي مقدمتها الحقوق المدنية والسياسية على أكثر من مستوى. وهي
الوضعية التي تزداد وطأتها سوءا في فئات اجتماعية أكثر من غيرها، فيما يمكن تسميته
بالفئات الأقل حظا أو الأكثر تهميشا، وفي مقدمة هذه الفئات المرأة، والتي تعاني من
تمييز فيما يتعلق بهذه الحقوق على أكثر من مستوى، أولها هو غياب التعامل والمعالجة
للمواطنة كقيمة شاملة للجميع ومن ثم رؤية الاختلالات التي تعانى منها وضعية المرأة
ضمن مجموع كلي اجتماعي وسياسي، وهو ما يجد سبيله للترجمة في التعامل التقليدي
والبسيط من جانب السلطة مع المرأة، باعتبارها فئة مجتمعية منفصلة، كما يتضح في
النصوص الدستورية والقانونية المحدودة من الأساس، مصحوب بتبني السلطة لتصورات
تقليدية عن المرأة وأدوارها الاجتماعية، وموقعها في النظام السياسي، وهي الرؤية
التي تشترك فيها القوى السياسية، وهي رؤية تتداخل فيها التصورات التقليدية الدينية
مع التقاليد المجتمعية السائدة والتي لم تترك انعكاسها فقط على تعاطي السلطة والقوى
السياسية معها، بل وعلى ممارسات المواطنين ايضاً، وهنا يمكن ان نؤشر نقاط الخلل في
الدستور العراقي:
1- رغم ان المادة (14) من الدستور ونصها (العراقيون متساوون امام القانون دون تمييز
بسبب الجنس او العرق او الاصل او اللون او الدين او المذهب او المعتقد او الرأي او
الوضع الاقتصادي او الاجتماعي)، قد اشارت صراحة الى كون العراقيون متساوون الأ انها
حصرت المساواة امام القانون فقط وكان من الأفضل ان يقرر حالة المساواة بشكلها
المطلق وفي جميع جوانب الحياة القانونية والاجتماعية والسياسية والاقتصادية
والوظيفية.
2- المادة (45) من الدستور تنص على (تحرص الدولة على النهوض بالقبائل والعشائر
العراقية النبيلة بما يساهم في تطوير ألمجتمع وتمنع الأعراف العشائرية التي تتنافى
مع حقوق الإنسان). فهذه المادة تعيدنا الى القبلية والعشائرية فالمرأة العراقية هي
اكثر شريحة متضررة من الأعراف العشائرية وكمثال على ذلك زواج النهوة والكصة بكصة،
والفصلية وهي الممارسات التي تحصل في مجتمعنا ذات الطابع العشائري ولها انتشارها
الواسع في المجتمع ومع ذلك لا يوجد نص قانوني عقابي صريح بهذه الأوضاع وهي تتنافى
مع مبادئ حقوق الإنسان رغم وجود مادة عقابية وهي المادة التاسعة من قانون الأحوال
الشخصية بالحبس مدة لا تزيد على ثلاث سنوات ، وبالغرامة أو بإحدى هاتين العقوبتين
وتعتبر العقود القائمة على الأكراه عقودا باطلة الأ ان المرأة العراقية لا تسنح لها
اية فرصة بسبب السلطة العشائرية المانعة.
3- نصت المادة ( 44 -أولا): ( للعراقي حرية التنقل والسفر والسكن داخل العراق
وخارجه) ولكن حرية التنقل والسفر عمليا غير مكفولة للعراقية دون سن( 40 )عاما
والقانون لا يجيز لها الحصول على جواز السفر دون موافقة الزوج أو الأب أو الأخ حتى
لو كان الأخير يصغرها سنا بكثير.
حقوق المرأة والدولة المدنية
يدل مفهوم حقوق المرأة على ما يُمنح للمرأة والفتيات من مختلف الأعمار من حقوق
وحريات في العالم الحديث، والتي من الممكن أن يتم تجاهلها من قبل بعض التشريعات
والقوانين في بعض الدول، و لتحقيق ذلك تشكلت العديد من المؤسسات و الحركات
والتجمعات من قبل النساء و حتى الرجال في العديد من الدول للدفاع عن هذه الحقوق.
حقوق المرأة هو ذلك الإسم الذى يشتمل على كافة الحقوق الإجتماعية والإقتصادية
والسياسية والقانونية والثقافية التى تمتلكها النساء بشكل مساوٍ مع الرجال. واكتسب
مفهوم حقوق المرأة أهمية خاصه في القرن 19 ويقوم عدد كبير من المؤسسات والمنظمات
المختلفة في جميع أنحاء العالم بعمل دراسات من أجل القضاء على كافة المشاكل وأشكال
التمييز التى تواجهها النساء.
المرأة والدولة المدنية والعلمانية
ان الدعوه الى مدنية الدوله تحظى بأهتمام المرأه العراقية الواعية والمدركة لأهمية
دورها لانه في المحصله ستعود بفائده كبيره عليها وعلى المجتمع بشكل عام، وان دور
المرأه في الدفع بأتجاه الدوله المدنيه يجب ان يأخذ الحيز الاكبر من اهتمامها
واهتمام المدافعين عن مشروع الدولة المدنية لان بتحقيقه سيكون من السهل عليها تحقيق
مساواتها في الحقوق الانسانية وحماية هذه الحقوق والاهم حريتها واستقلال شخصيتها
وتحقيق ذاتها كأنسان وليس كأنثى.
احزاب الاسلام السياسي تقاوم هذا الامر بشراسه لانه اذا تحققت مدنية الدولة سينحسر
نفوذها وبالتالي خروج المرأة من قوامة الرجل وسيطرته مما يحقق مساواتها وعدم
تبعيتها له بل ستكون شريك مناصف مما قد يراه رجال الاسلام السياسي فقدان لجزء مهم
من امتيازات هيمنتهم وتسلطهم على المرأة.
ان الدول العربية ومنها العراق التي سقط حكامها فيما يعرف بثورات الربيع العربي لم
تكن مدنية ولا علمانيه بالمفهوم العلمي الذي يشمل تشريع القوانين المدنيه واهمها
حقوق الانسان والمساواه والحريه والعداله الاجتماعيه، بل كانت حكومات استبداديه
دكتاتوريه تقوم على حكم الفرد وحرمانه من حقوقه والهيمنه على سياسة واقتصاد البلد،
والدوله المدنية أو العلمانيه لا تعني الدوله الملحده كما يصورها ويروج لها رجال
الاسلام السياسي، انها الدوله التي تفصل الدين عن السياسه وتكون فيها حقوق الانسان
والحريه والعداله الاجتماعيه مصانه للجميع ومن ضمنها المرأه ولا فرق فيها بين الرجل
والمرأة.
دور المرأة في بناء الدولة المدنية والديمقراطية
ان القوانين المدنيه تعتبر ان الدين هو حريه شخصيه وان مبادئ حقوق الانسان لا تفرق
بين الاعراق والاديان والثقافات والطوائف والمملل وحقوق الجميع مصانه.
لماذا على المرأه بالذات ان تناضل في سبيل مدنية الدوله لان الدولة المدنية
بمعاييرها الحقيقية تستطيع ان تضمن لها حقوقها التي جائت بها المعايير والمواثيق
والالتزامات الدولية.
أن المرأة هي القوة الريادية للأدارة الذاتية الديمقراطية، فكلما تمكنت المرأة من
المشاركة بطبيعتها وخصوصيتها في بناء المجالس الشعبية والأكاديميات السياسية
والروابط والمنتديات الإجتماعية، كلما تمكنت هذه الإدارة من تمثيل حقيقة المجتمع
ومصالحه وإدارته بشكل جوهري.
الى جانب البعد الثقافي والسياسي والأقتصادي والحقوقي للأمة الديمقراطية ومشروعها
العملي المتمثل في الإدارة الذاتية فأن البعد الإجتماعي يمس دور المرأة وتحررها
ومساواتها مع الرجل بشكل مباشر. لأننا لا نستطيع أن نتصور حياة حرة ومجتمع سياسي -
أخلاقي في ظل العبودية المتجذرة المكرسة على المرأة. لأن حرية الرجل ووصوله الى
قناعة فكرية مرتبط تماماً بدور المرأة الريادي في بناء المجتمع.
بناء العلاقات الإجتماعية الحرة بين الأفراد وبناء العلاقات العائلية على أساس
ديمقراطي، من الشروط الأساسية في عملية بناء المجتمع الديمقراطي، مثل هذه العلاقات
تتحقق فقط في أجواء وصول المرأة الى مستوى لعب دورها في عملية بناء الإدارة
الديمقراطية الأجتماعية.
كل الثورات التي أخفقت في الوصول الى الحرية الحقيقية على الرغم من التضحيات
والمقاومات الكبيرة، كانت بعيدة عن فهم قضية دور المرأة الريادي في سياق العملية
الثورية، لأن الثورة تعني بناء المجتمع وليس الدولة، بمعنى آخر تعني بناء العلاقات
الأجتماعية الحرة بآلية المؤسسات الديمقراطية الذاتية للمجتمع وإداراتها، ولكن كل
الثورات السابقة انحرفت عن هذا الهدف وحاولت تقليد الثورة المضادة المتمثلة في
مؤسسة الدولة. فالثورة الأجتماعية الأولى (الثورة الزراعية - القروية ) قادتها
المرأة الأم وخدمت البشرية بمؤسساتها الإجتماعية الطبيعية والعفوية حتى هذه اللحظة،
بينما الثورة المضادة المتمثلة في ظهور الدولة قبل الاف السنين أوصلت الأنسانية الى
نقطة الإنهيار على أرضية تكريس عبودية المرأة.
الأمة الديمقراطية كمشروع لبناء المجتمع الديمقراطي بآلية الإدارة الذاتية المستقلة
عن الدولة، هو مشروع اعادة المجتمع الى طبيعته الأصلية عبر لعب المرأة لدورها
الطبيعي والريادي في بناء العلاقات الاجتماعية الطبيعية وتحرير البشرية من سرطان
مؤسسة الدولة القائمة على اساس ذكورية القيادة والادارة معاً.
علينا ان ندرك بأن نجاح مشروع الدولة المدنية الديمقراطية الذي يهدف إلى بناء مجتمع
حر وديمقراطي مرهون بمدى مشاركة المرأة بطاقتها وقوتها الذاتية وتنظيماتها في عملية
بناء مؤسسات الدولة، المرأة تعتبر قوة وطاقة رائدة في عملية البناء ، ونقطة
الأنطلاق في عملية التحرر ستبدأ بتحرر المرأة أولاً وليس ثانياً، ومنحها المزيد من
الفرص لتأخذ دورها الحقيقي في بناء الدولة المدنية القائمة على أساس المواطنة
والعدالة والمساواة واحترام حقوق الانسان، وبمقدار الاقتراب من هذه الاهداف نضمن
الشكل الحقيقي للدولة المدنية وبمقدار الابتعاد يحدث العكس، ولتحقيق دور فاعل
للمرأة العراقية في بناء الدولة المدنية يلزم اتخاذ خطوات ملموسة عبر:
1- تنفيذ وإصدار التشريعات والقوانين الكفيلة بضمان مساواة المرأة مع الرجل في
مختلف ميادين الحياة.
2- معالجة أثار التخلف الاجتماعي المدمرة للمرأة وعدم معرفة التنوع الاجتماعي
انطلاقا من مسألة تحرير المرأة ونيل حقوقها من خلال مجتمع يدرك جيدا أهمية المساواة
بين الجنسين.
3- أعداد منهاج تربوية تعترف بحقوق المرأة, والتصدي وبحزم لظاهرة الأمية وانخفاض
مستوى التعليم لدى الفتيات.
4- دعم جهود المرأة للحصول على فرص التعليم والعمل بما يضمن لها استقلالها
الاقتصادي.
5- الالتزام واحترام جميع المواثيق الدولية المتعلقة بحماية حقوق المرأة .
وتقول المناضلة السودانية الراحلة فاطمة احمد ابراهيم
(ان نضال المرأة من أجل حقوقها لن يحقق أهدافه المرجوة الا اذا ارتبط نضال المرأة
بالنضال الوطني العام من أجل التحرر والتقدم الاجتماعي والديمقراطية وتحقيق العدالة
الاجتماعية).