القرآن والمضواء ٤
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن
-
العدد: 8235 - 2025 / 1 / 27 - 12:02
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
القرآن والمضواء ٤
القرآن:
خَتَمَ اللهُ عَلى قُلوبِهِم وَعَلى سَمعِهِم وَعَلى أَبصارِهِم غِشاوَةٌ وَّلَهُم عَذابٌ عَظيمٌ ﴿٧﴾
المضواء:
وَلا يَجِبُ أَن يَّكونَ قَد خَتَمَ اللهُ عَلى قُلوبِهِم وَأَسماعِهِم وَلا يَجِبُ أَن تَكونَ عَلى أَبصارِهِم غِشاوَةٌ وَّلا يَجِبُ أَن يَّنالَهُم مِّنَ اللهِ عَذابٌ لِمُجَرَّدِ أَنَّهُم لَم يَكونوا يُؤمِنونَ ﴿٧﴾
سبب التعديل:
كما مر تكرارا، فوفق لاهوت التنزيه يمتنع على الله معاقبة الذين لم يستطيعوا أن يؤمنوا، لكون الاقتناع أو عدم الاقتناع بشيء غير ملموس، هو في الغالب أمر جبري، ويمتنع عدل الله على المعاقبة على ما هو جبري.
القرآن:
وَمِنَ النّاسِ مَن يَّقولُ آمَنّا بِاللهِ وَبِاليَومِ الآخِرِ وَما هُم بِمُؤمِنينَ ﴿٨﴾
المضواء:
وَمِنَ النّاسِ مَن يَّقولُ آمَنّا بِاللهِ وَبِاليَومِ الآخِرِ أَو بِأَيِّ شَيءٍ مِمّا آمَنَ بِهِ أَكثَرُ النّاسِ مِن حَولِهِم وَما هُم بِمُؤمِنينَ ﴿٨﴾
سبب التعديل:
ظاهرة إخفاء ما يؤمن وما لا يؤمن به الإنسان، وإظهار خلاف ما يؤمن به، سواءً كانت نفاقا مدانا أو تقية معذورا صاحبها، ذلك حسب الظروف؛ هذه الظاهرة ليست مختصة في قضايا الدين والإيمان، بل يمكن ادعاء الإيمان بمبادئ حقوق الإنسان، أو بالديمقراطية، أو بمساواة المرأة بالرجل، رغم عدم إيمان المدعي بأي من ذلك.
القرآن:
يُخادِعونَ اللهَ وَالَّذينَ آمَنوا وَما يَخدَعونَ إِلّا أَنفُسَهُم وَما يَشعُرونَ ﴿٩﴾
المضواء:
يُخادِعونَ الَّذينَ آمَنوا بِما يَدَّعونَ الإيمانَ بِهِ وَما يَخدَعونَ إِلّا أَنفُسَهُم وَما يَشعُرونَ ﴿٩﴾
سبب التعديل:
مخادعة الله لا معنى لها، فالذي يؤمن بالله يعلم أنه يمكن أن يخدع الناس، ومن المستحيل أن يخدع الله، والذي لا يؤمن بالله، فلا معنى لأن يخدع كائنا، هو عنده ليس إلا عدما، لكن حقا إن المنافقين والكذابين، الذين يظنون أنهم استطاعوا خداع الناس، إنما هم يخدعون أنفسهم بالدرجة الأولى وهم لا يشعرون.
القرآن:
في قُلوبِهِم مَّرَضٌ فَزادَهُمُ اللهُ مَرَضًا وَّلَهُم عَذابٌ أَليمٌ بما كانوا يَكذِبونَ ﴿١٠﴾
المضواء:
في قُلوبِ البَعضِ مِنهِم مَّرَضٌ وَّسَيَجزيهِمُ اللهُ مِنَ الجَزاءِ بِما يَستَحِقّونَ وَهُم لا يُظلَمونَ ۞ فَإِن كانوا مِنَ الَّذينَ يَكذِبونَ ابتغاءَ الشَّرِّ أَو طَلَبًا لِّمَصلَحَةٍ لِّأَنفُسِهِم مِّن غَيرِ أَن يَّكونوا لِذالِكَ مُضطَرّينَ ۞ فَبِذالِكَ جَزاءَهُم يَنالونَ ۞ وَمِنهُم مَن يُّضطَرُّ أَن يَّقولَ آمَنتُ بِما هُوَ لَيسَ بِهِ مِنَ المُؤمِنينَ ۞ فَلا جُناحَ عَلى مِثلِ هاؤُلاءِ إِن أَخفَوا ما يُؤمِنونَ وَما لا يُؤمِنونَ بِهِ خَوفًا مِّن بَطشِ أَو أَذَى المُتَعَصِّبينَ ۞ أَو كانَ في ذالِكَ حَرَجٌ كَبيرٌ هُم لَهُ لا يُطيقونَ ۞ طالَما لَم يَعتَدوا عَلى غَيرِهِم وَما كانوا لِأَحَدٍ ظالِمينَ ﴿١٠﴾
سبب التعديل:
لأن التعميم والإطلاق خلاف ما يعتمده العقلاء، إذن بعض هؤلاء، وليسوا كلهم، هم مرضى القلوب، وحتى هؤلاء بدل قول أن (لَّهُم عَذابٌ أَليمٌ بما كانوا يَكذِبونَ)، اعتمد (المضواء) قول (سَيَجزيهِمُ اللهُ مِنَ الجَزاءِ بِما يَستَحِقّونَ وَهُم لا يُظلَمونَ)، أي إن عوقبوا فلا يعاقبون وفق ما صوره القرآن، بل بقدر ما هو معقول من العقاب، خاصة وإن لاهوت التنزيه يحتمل أن الظالمين والمجرمين هم إما كلهم وإما أكثرهم هم مجبرون بعلم الله، لأنهم مرضى، ولذا ربما لا يستحقون العقاب، لكن من مستلزمات العدل الإلهي تعويض ضحاياهم، الذين لن تكون لديهم في تلك الحياة الرغبة بالتشفي والانتقام. مع هذا يرى المضواء واللاهوت المعتمد منه أن هؤلاء (إِن كانوا مِنَ الَّذينَ يَكذِبونَ ابتغاءَ الشَّرِّ أَو طَلَبًا لِّمَصلَحَةٍ لِّأَنفُسِهِم مِّن غَيرِ أَن يَّكونوا لِذالِكَ مُضطَرّينَ) فهم (بِذالِكَ جَزاءَهُم يَنالونَ)، ثم لم يعمم صفة النفاق عليهم، بل اعتبر أن (مِنهُم مَن يُّضطَرُّ أَن يَّقولَ آمَنتُ بِما هُوَ لَيسَ بِهِ مِنَ المُؤمِنينَ)، ولذا اعتبر (أَلّا جُناحَ عَلى مِثلِ هاؤُلاءِ إِن أَخفَوا ما يُؤمِنونَ وَما لا يُؤمِنونَ بِهِ خَوفًا مِّن بَطشِ أَو أَذَى المُتَعَصِّبينَ)، بل نفى النفاق حتى عن الذين (كانَ في ذالِكَ حَرَجٌ كَبيرٌ هُم لَهُ لا يُطيقونَ)، خاصة (طالَما لَم يَعتَدوا عَلى غَيرِهِم وَما كانوا لِأَحَدٍ ظالِمينَ).