بين أزمة الحرب وأزمة العقل الشرقي


ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن - العدد: 8122 - 2024 / 10 / 6 - 16:16
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

تداخلت وتشابكت وتناقضت المَعَمَنِّيَّة والضِّدَّمَنِّيَّة لدى الشَّرْقَوْسَطِيّين منذ بدء الحرب الإسرائيلية- الحَماسِيَّة، ثم الإسرائيلية-الحِزبُلّاهِيَّة، والإسرائيلية-الجُمهورِسْلامِيَّة. وبالرغم من خطورة الأزمة في جانبها القتالي وما يستتبعها من دمار، وحجم الضحايا في غزة ثم في لبنان، على يد إسرائيل التي لا تتوانى عن أبشع الجرائم، إذا توقف عليها حماية نفسها، والقضاء على كل من يهدد وجودها؛ ظهرت أزمة من نوع آخر، هي ما يمكن تسميتها (أزمة العقل الشرقي)، فأصبحت الأكثرية في شرقنا تعتمد قاعدة «عدو عدوي صديقي»، بل غالى البعض وجعلها بلسان الحال، وإن لم يجرؤ استحياءً منه ليقولها بلسان المقال، «عدو عدوي حبيبي». فأصبحت حماس وحزب الله والجمهورية الإسلامية أحبة هؤلاء، سواء كانوا إسلاميين، أو مجرد مسلمين، أو عروبيين، أو يساريين، أو حتى أشخاص لم تكن لهم يوما علاقة لا بالدين، ولا بالعروبة، ولا باليسار، ولا بأصل السياسة، فأصبحوا يحضرون تظاهرات الحماوسة والحزبللاهية والمعادين لليهود.
فكما وقف الكثير من هؤلاء بالأمس مع ڤلاديمير پوتين في حربه العدوانية ضد أووكرانيا، نجدهم هم وأضيف إليهم أضعاف أضعافهم، حتى من غير ذوي الاهتمام بالشأن العام والسياسة سواء في المنطقة أو في العالم.
نعم من الطبيعي بل ومن المفرح، أن يصطف الجميع في صف واحد، بما في ذلك من غير المهتمين بالأوضاع السياسية والعامة، عندما تكون القضية قضية حق وعدالة. وإذا سئلت، أليست نصرة حقوق الشعب الفلسطيني بقضية حق عادلة تستحق التضامن والنصرة. هنا أقول ألف نعم ونعم، إنها لتستحق، ولكنت أول المشاركين في التضامن مع هذه القضية، لولا أن أكثر نشاطات التضامن مع الشعب الفلسطيني، أصبحت إعلان تضامن مع حماس وحزب الله والجمهورية الإسلامية، وتضامن مه إسماعيل هنية وحسن نصر الله وعلي خامنئي. وعلى الأغلب هي نوع من الإعلان عن العداء لليهود. فلا أعرف كيف ليساري بل وملحد، أو على الأقل لا علاقة له بالدين، أن يتضامن مع حماس وحزب الله الإسلاميتين، ويروج لمنشوراتهما المكتظة بالمفردات الدينية والتكفيربة. وكيف لكردي أن يصطف مع عروبيين لا يؤمنون بالحقوق القومية للكرد، وكيف تتضامن امرأة سافرة مع النظام الإيراني، وهي التي تعلم بوجود عشرات الإيرانيات اللاتي يقبعن في السجون، واللاتي قتلن في التظاهرات، واللاتي اغتصبن وأعدمن بسبب عد التزامهن بالحجاب الشرعي، وهي الكارهة أصلا للحجاب، ثم يتضامن عراقي معارض للميليشيات الولائية وقوى الإسلام السياسي مع حماس وحزب الله والجمهورية الإسلامية، وهو يعلم أن النظام الإيراني وقاسم سليماني وأبو مهدي المهندس كانوا وراء قتل المئات من التشرينيين. ما معنى أن يخرجوا شباب عراقيون من الجنسين، متدينين وغير متدينين، ولدوا ونشأوا في الغرب، في تظاهرات إسلاموية متطرفة. بصراحة لم أعد أفهم، من حقك بل من الواجب التضامن مع الشعب الفلسطيني وحقوقه المشروع، ومن حقك بل من الواجب إدانة الجرائم الإسرائلية من إبادة جماعية وتدمار ورعب، لكن أن تكون حماسيا أكثر من حماس، وحزبللاهيا أكثر من حزب الله، وخامئيا أكثر من خامنئي. فهذا ما لا أفهمه. ومن هنا لا أستطيع أن أفسر هذه الظاهرة إلا بـ:
أزمة العقل الشرقي.
06/10/2024.