القرآن والمضواء ٢
ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن
-
العدد: 8231 - 2025 / 1 / 23 - 16:11
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
القرآن والمضواء ٢
أبدأ في هذه الحلقة بسورة الفاتحة، مقارنا بين النص القرآني، والنص المضوائي لها، ولو إن الفاتحة ليست أهم ما جرى فيها طرح النص البديل من المضواء.
القرآن:
الحَمدُ للهِ رَبِّ العالَمينَ ﴿٢﴾ الرَّحمانِ الرَّحيمِ ﴿٣﴾
المضواء:
الحَمدُ كُلُّ الحَمدِ وَأَتَمُّهُ للهِ وَللهِ وَحدَهُ رَبِّ العالَمينَ ۞ المُتَنَزِّهِ عَن كُلِّ دينٍ ﴿٢﴾ الرَّحمانِ الرَّحيمِ ﴿٣﴾
سبب التعديل:
عبارة (كُلُّ الحَمدِ وَأَتَمُّهُ)، بإضافة (كل)، و(أتم) الحمد، تأكيد على كمال الله أفقيا بشموله على كل المحامد، أي كل الكمالات بإضافة (كل)، ثم تأكيد على البعد العمودي لهذه المحامد، بما يعني المدى المطلق لكل كمال بعبارة (أتم). أما عبارة (للهِ وَللهِ وَحدَهُ)، فدلالة على إن امتلاك البعدين المطلقين، أفقيا وعموديا، للكمال، هو مما يختص به الله وحده، لكون كل شيء سواه نسبيا، وهو وحده المطلق.
القرآن:
مالِكِ يَومِ الدّينِ ﴿٤﴾
المضواء:
المُجازي كُلَّ نَفسٍ بِالقِسطِ التّامِّ اليَقينِ المُبينِ ﴿٤﴾
سبب التعديل:
لأن لاهوت التنزيه المعتمد من كتاب (القرآن والمضواء) لا يعتمد القيامة الجماعية، المسماة أيضا بيوم الدين، بل هو جزاء لكل إنسان بمفرده عند انتقال روحه إلى الحياة الأخرى بعد موت جسده، وجعل جزاء كل إنسان جزاءً بالقسط، ذلك بالقسط التام غير المنقوص، وذلك كحتمية يقينية، مع كون ذلك الجزاء مُبينا أو بائِنا، بحيث تعرف كل روح، لماذا جوزيت بما جوزيت به، دون الحاجة إلى محكمة وحساب وعرض للأعمال، لأن علم الروح سيكون علما حضوريا.
القرآن:
إِياكَ نَعبُدُ وَإِياكَ نَستَعينُ ﴿٥﴾
المضواء:
إِيّاك وَحدَكَ نُؤَلِّهُ وَإلى مُثُلِكَ نَكدَحُ وَبِكَ نَستَهدي وَنَستَعينُ ﴿٥﴾
سبب التعديل:
رجح المضواء تجنب مفردة (العبادة) ومشتقاتها قدر الإمكان، ولذا استبدلها هنا بالتأليه، كل بما يراه من طريقة تعبير.
القرآن:
اهدِنَا الصِّراطَ المُستَقيمَ ﴿٦﴾
المضواء:
اهدِنا إِلى ثَمَّةِ صِراطٍ مُّستَقيمٍ ﴿٦﴾
سبب التعديل، لعدم اعتماد لاهوت التنزيه ثمة صراطا مستقيما واحدا، لا صراط مستقيما سواه، بل ترجيحه لتعدد السبل المستقيمة في حياة الإنسان، ثم لم يجعل فعل الهداية متعديا إلى مفعول به بقول (اهدنا الصراط)، بلا جعله بواسطة وبصيرورة تدريجية تكاملية المعبر عنها بفعل الجر (إلى) التي تعبر عن ثمة مسافة يترشد فيها الهدى أكثر فأكثر،، وليس دائما أو بالضرورة كحدث مفاجئ بدفعة واحدة، إلا في حالات استثنائية نادرة، لكن تتبعها مع هذا مسيرة ترشد عقلي وأخلاقي في خط الاهتداء، أي في طريق التأنسن والتعقلن.
القرآن:
صِراطَ الَّذينَ أَنعَمتَ عَلَيهِم ... ﴿٧﴾
المضواء:
مِمَّا اهتَدى إِلَيهِ أَيٌّ مِّنَ الَّذينَ أَنعَمتَ عَلَيهِم بِرِضاكَ لِمَا استَقاموا وَكانوا صالِحينَ ... ﴿٧﴾
سبب التعديل:
ذلك لما مضى ذكره من تعدد الصراطات المستقيمة، لأي من الذي استحقوا أن ينعم الله عليهم برضاه، سواء آمنوا بما آمنوا به، أو لم يؤمنوا بما لم يؤمنوا به، ولذا استحقوا رضا الله، لا لإيمانهم أو عدم إيمانهم بشيء غيبي، بل لاستقامتهم وصلاحهم ما استطاعوا.
القرآن:
.... غَيرِ المَغضوبِ ... ﴿٧﴾
المضواء:
... لا مِمّا سَلَكَهُ الَّذينَ لَم تَرضَ عَنهُم لِما طَغَوا وَّكانوا ظالِمينَ ... ﴿٧﴾
سبب التعديل:
استخدمت عبارة (عدم الرضا) بدل (الغضب)، تخفيفا، لما لله من رحمة، والذي أي عدم رضا الله عنهم، لا لعلاقة ذلك بعقيدتهم، بل بسبب طغيانهم وظلمهم.
.... وَلَا الضّالّينَ ﴿٧﴾
... وَلَا الَّذينَ قَصُرَت بِهُمُ السُّبُلُ أَن يَّكونوا مُهتَدينَ ... ﴿٧﴾
لاعتقاد لاهوت التنزيه بعدم وجود هدى مطلق ولا ضلال مطلق، ولأن الضلال النسبي، ومهما بلغ من درجة، والذي يعني عدم إصابة الصواب، أو عدم إصابته بالمطلق، هو غالبا أمر غير اختياري، ولذا قيل هنا أنه قد قصرت بهم السبل، أن يكون مهتدين تمام الهدى، ولم يُقَلْ حتى قصرت بهم عقولهم، لأن ليس كل الذين لم يبلغوا الحقيقة، أو الحقيقة المفترضة، هم من غير العقلاء.
إضافة:
... وَالَّذينَ لا تُؤاخِذُهُم مّا لَم يَكونوا ظالِمينَ ﴿٧﴾
للتأكيد على عدم مؤاخذة الله بعدله ورحمته، لمن لم يبلغ كل الهدى، فيما يتعلق بقضايا ما وراء الطبيعة، بل هو يؤاخذ الظالمين على ظلمهم، وبمقدار ما ارتكبوه بمحض إرادتهم، غير مجبرين جبرا خارجيا أو جبرا داخيا.