الأحداث الراهنة ومستقبل المنطقة ١


ضياء الشكرجي
الحوار المتمدن - العدد: 8118 - 2024 / 10 / 2 - 00:11
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

الأحداث الراهنة ومستقبل المنطقة ١
ابتداءً لا بد أن أبين شيئا للقراء، كي لا يحاكموني على هذه المقالة، إلا في ضوء ما سأبينه هنا في البداية. أعترف أني خاصة في السنوات القليلة الأخيرة، لم أعد متابعا دقيقا للأحداث السياسية في العراق وعموم منطقة الشرق الأوسط، ولكوني غير متابع بالدرجة الكافية، فلا يمكن أن أكون محللا سياسيا، ولو أني لم أعتبر نفسي حتى في السابق محللا سياسيا، بل أعتبر نفسي وبعيدا عن كل من النرجسية وتصنع التواضع، مفكرا سياسيا، وربما حالما سياسيا، وفكري السياسي مبني على أربعة ركائز، هي ١) الديمقراطية، ٢) العلمانية، ٣) الليبرالية، ٤) العدالة الاجتماعية)، ولي تصوراتي التفصيلية لكل من هذه الركائز، ليس محل ذكرها هنا، ولا أريد أن أذكر لماذا لم أختصر ذلك بركيزتين، هما الليبرالية والعدالة الاجتماعية، لكون الديمقراطية والعلمانية متضمنتين في الليبرالية، وإعراضي عن التفصيل من أجل ألا أطيل في المقدمة، ولا أخرج عن صلب ما أريد تناوله.
لا أريد بالضرورة فيما هي الأحداث الراهنة أن أبدأ بالسابع من أكتوبر ٢٠٢٣، بل من الثامن والعشرين من سپتمبر ٢٠٢٤، يوم اغتيال إسرائيل للأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وما سبقه من اغتيالات لقياديين مهمين في الحزب المذكور، وما يمكن أن يترتب على ذلك.
بلا شك نحن ندين كل الجرائم التي ارتكبتها الحكومات الإسرائلية المتعاقبة، ولاسيما حكومة نتنياهو اليمينية الحالية، من جرائم مروعة ضد الشعبين الفلسطيني واللبناني، ولا أقولها لدرء تهمة انحيازي إلى إسرائيل، فمن يعرفني وقد تابعني، يعلم أني لا أقول إلا ما أؤمن به، ولا أتخفى بالتقية فيما أفكر به. ومخالفتي لسياسة الحكومات الإسرائلية وإدانتي لما ارتكبته منذ أكثر من ثلاثة أرباع القرن، لا تنطلق من فكر عروبي ولا إسلامي، وإن كنت قد مررت في حياتي بالفكر العروبي لأربع سنوات في مراهقتي وأول شبابي، والفكر الإسلامي لربع قرن من عمري، فإني كعلماني ليبرالي منذ ٢٠٠٦ أنظر إلى القضية الفلسطينية من بعد إنساني أولا، ثم من بعد شَرْقَوْسَطِيّ، كوني في مشاعري مواطنا كونيا أؤمن بالمواطنة الكونية في وطننا الكبير كوكب الأرض، ومواطنا شَرْقَوْسَطِيًّا، بأديانه وقومياته، علاوة على كوني مواطنا ألمانيا وأَوْروپِيًّا، ليس من الناحية الرسمية فحسب، كوني أحمل الجنسية الألمانية منذ ١٩٩٠، بل من حيث مشاعري واهتمامي وفكري السياسي والعام.
بالرغم من إدانتنا للجرائم التي تقوم به إسرائيل، فأنا أنتمي إلى الذين يرفضون الحل الإسلاموي والعمل الإرهابي ضد المدنيين، يهودا إسرائليين كانوا، أم فلسطينيين، أم لبنانيين. فحتى الذي يبرر عقائديا لما يؤمن به للحل الإسلاموي، يجب أن يلتفت إن ضرر هذا الحل أكبر أضعاف المرات من فائدته، إن كانت له ثمة فائدة، على القضية الفلسطينية وشعوب المنطقة، لاسيما الشعبين الفلسطيني، على الأخص الغزاوي بالدرجة الأولى، واللبناني، على الأخص شيعة الجنوب والضاحية.
ومنذ تأسيس الدولة الإسرائلية على أرض الشعب الفلسطيني سنة ١٩٤٨ حتى الآن، لم يقدم العرب، وأعني بالذات العروبيين عموما، والناصريين والبعثيين على وجه الخصوص، أي حل عادل وواقعي، وعندما حول الخميني قضية فلسطين إلى قضية إسلامية، ورفع شعار (إسرائيل يجب أن تباد)، لم يقدم حلا عادلا وواقعيا للقضية الفلسطينية، لا هو ولا نظامه، ولا أتباعه في المنطقة، ولا عموم المسلمين سنة وشيعة، لاسيما المتعصبين دينيا، وبالتالي الكارهين لليهود عقائديا، بقطع النظر عن إسرائيل، أو الإسلامويين من السنة والشيعة؛ السنة متمثلين بشكل خاص بحماس، والجهاد الإسلامي، والإخوان، والشيعة متمثلين بشكل خاص بحزب الله، والحوثي، والميليشيات الشيعسلاموية العراقية، لاسيما (الولائية) أي الموالية لولاية الفقيه متمثلة بشخص علي خامنئي، ومن ورائهم، أي هؤلاء الإسلاميين، جمهورية إيران الإسلامية، والولي الفقيه خامنئي، ومن قبله مؤسس الكارثة الإسلامية خميني. ومن غير شك إن حزب الله كان دائما رأس حربة المقاومة والممانعة، مما جعله يتمتع بشعبية حتى لدى أكثر المسلمين السنة المتعصبين، أو لنقل المتحمسين في نصرتهم للقضية الفلسطينية مشكورين، والتي أي هذه الشعبية تراجعت إلى حد كبير، لما شارك حزب الله في القمع الدموي ضد الشعب السوري، حماية لحليفه وحليف ولي أمره النظام الإيراني الديكتاتور بشار الأسد وشقيقه الدموي ماهر الأسد، ولا يمكن أن نجد للنظام السوري هذا الأعذار، بأن يقال بأنه أنقذ سوريا من حكم الإسلامويين، الطائفيين سنيا، والمتطرفين إسلامويا، والذي للأسف سرعان ما ركبوا موجة الثورة السورية التي أطلقها شباب سوريا بنَفَس ديمقراطي مدني، بعيدا عن كل من الإسلاموية، والطائفية السنية.
ترقبوا الحلقة القادمة.
كتبت بكل حلقاتها في ٠١/١٠/٢٠٢٤