ستة نصوص قصيرة جدّا


بشير الحامدي
الحوار المتمدن - العدد: 8193 - 2024 / 12 / 16 - 17:08
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

ـ 1 ـ
في مطلق الأحوال ومهما تأخر التاريخ فالبلدات الصغيرة والتي تعمق بؤسها وإبعادها وتهميشها بلدات كتالة والعيون والرقاب وقرقنة والعمران وجبنيانة وبن قردان والمكناسي والشابة والرديف والقطار... إلخ. ومدن كسيدي بوزيد والقصرين وقفصة والكاف وسليانة وجندوبة وقابس ... إلخ ستعود للانتفاض والعصيان وكل الأوضاع تدفع في اتجاه ذلك.
المطلوب ليس الانتفاض والعصيان في حد ذاته المطلوب أن يواجه شباب هذه البلدات والمدن ومعطلوها وكل مواطنيها مسلحين بدروس الاحتجاجات السابقة
المطلوب أن يواجه مواطنوها بخبرات هزائمهم السابقة
أول المطلوب الانتظام للدفاع الذاتي في مواجهة أجهزة القمع النظامية لأن العصابة الحاكمة ليس لها من حلول غير حلول القمع والتنكيل.
المطلوب أولا الصمود في مواجهة القمع وخوض معركة الدفاع الذاتي ...
المطلوب الانتظام في مجالس مواطنية للدفاع الذاتي وللإدارة والتسيير في كل بلدة
لا يكفي أن نصفق لهروب معتمد أو وال ونعود لمنازلنا في انتظار تعيين غيرهما
يجب أن نواجه مسلحين بدرس التسيير والإدارة الذاتيين فلا شيء يمكن أن ننتظره من عصابة الانقلاب
السلطة لا تنهار إلا لما تنهار أطرافها ويزحف الحريق لمركزها
أجهزة القمع لا تنهار إلا لما تفقد سيطرتها على البلدات والمدن الداخلية
هذا درس 17 ديسمبر يا شباب ومواطني بلدات الجمر فلا تنسوه
فلا انتصارات لا جزئية ولا شاملة دون هذه الخبرة وهذا الدرس
وليكن شعاركم ومهمتكم دائما: لننتظم ونقاوم فلا شيء حسم والعودة لمربع 17 ديسمبر صارت لازمة وبإرادتكم وإصراركم ستصير ممكنة
ـ 2 ـ

بعد أن أفشلوا التجربة من المؤكد أنهم لن يقدروا على منع الجماهير من إعادة تجربة جمنة ليس في القطاع الفلاحي فقط بل في كل القطاعات. السيادة على القرار وعلى الثروات والموارد والتخطيط والعمل والإنتاج من قبل الأغلبية التي لا تملك في مسار 17 ديسمبر صارت تعني تجربة جمنة.
تجربة جمنة جعلت عويل العصابة يعلو لأنها وحدها التجربة التي جعلت شعارا لشغل استحقاق يا عصابة السراق وشعار شغل حرية كرامة وطنية وشعار الشعب يريد إسقاط النظام تبدو مهام ممكنة التحقيق.
جمنة شعلة 17 ديسمبر التي لن تنطفئ
ـ 3 ـ
من ضمن الأعطاب التي جاء بها عهد قيس سعيد وسيكون لها تأثير بالغ السوء على الحركة الاجتماعية وعلى استراتيجيات المقاومة التي يمكن أن تنشأ عفويا أو بشكل منظم وفي كل مجال من مجالات المقاومة وعلى امتداد عشريات فكرة إمكانية التغيير من فوق.
هذه الفكرة حسم فيها 17 ديسمبر ولكنها ولأسباب عديدة ليس هذا مجال التعرض إليها والتوسع فيها عادت ووجدت طريقها لتتأسس كأحد أهم إستراتيجيات الثورة المضادة مع تفعيل الفصل 80 من دستور 2014 ومع المراسيم التي صدرت بعد هذا التفعيل والتي تقدّم على أنها حالة استثناء بينما هي في الحقيقة حالة ديكتاتورية وحكم فردي لا غبار عليها تمهّد لتقنين مؤسسات الدولة البوليسية (مؤسسة تنفيذية على راسها رئيس بيده كل السلطات ويحكم بالبوليس والجيش وغرفة تشريعية بلا صلاحيات لأن تشريعاتها محكومة بموافقة الرئيس.
الأشد مرارة أن أنصارها ومؤيدوها ليسوا في الحقيقة سوى ضحاياها ومن تستهدفهم.
ـ 4 ـ
معارك "تحرير الثروة" وتحرير "سيادة الشعب" هي المعارك التي يجب أن تتصدر لائحة معاركنا ضد مافيات المال والسلاح والاعلام النوفمبريين العائدين بقيس سعيد ورؤساء حظيرته والكومبارس الدائرين به.
كل ما نكتبه أو نصرح به وننشره في الحقيقة ليس موجها لهم... فنحن لم تكن لنا أوهام حولهم منذ البداية منذ هيئة بن عاشور ومنذ حكم الخوانجية ومنذ انتخاب قيس سعيد الذي كتبنا وقتها أنه منقذ المنظومة والمنقلب على 17 ديسمبر (le sauveur du systéme ).
معارك من سيفوز بمشاركة العصابة إدارة أزمة النظام ومواصلة تنفيذ استراتيجيات القوى المهيمنة والمخابرات وسياسات صناديق منح القروض معارك لا تعنينا وأعلنا معارضتنا لها.
صحيح أن موقفنا غير مسموع وصحيح أن هذه حركة جنينية اليوم ولا يسمع حتى ثغائها ولكنها موجودة وعلى الأرض وأكبر أعطابها أنها مشتتة مجموعات مشتتة شخصيات مشتتة أحزاب وجمعيات مشتتة. لابد من معالجة هذا العطب بتخير السبل الممكنة التي يتيحها الواقع الملموس لتجاوزه والانطلاق في المقاومة في كل القطاعات وفي كل المجالات.
ليس المطلوب أن ينتظم الآلاف في البداية فمجموعات صغيرة في كل قطاع وفي كل بلدة وفي كل مدينة وفي كل جهة في البداية تكون كافية للتأسيس لهكذا مشروع. وخطوة كهذه وفي هذه الظروف أفضل من ألف جبهة ومن ألف تحالف حزبي ووحدها كفيلة بالعودة بالأغلبية إلى مربع المقاومة وفرض الحقوق.
نهج المقاومة المستقلة لم يمت وسيعود أقوى وأقوى إن تمكنّا من استخلاص دروس تجربتنا والتسلّح بها وخوض معركتنا وجها لوجه مع عصابة المال والسلاح بقطبيها النوفمبريون العائدون اليوم بقيس سعيد وبالأجهزة المسلحة للدولة والخوانجية وحلفاؤهم من كل لون الطامحون لجعل عجلة التاريخ تدور للوراء.
ـ 5 ـ
في جانفي 1978 نزل العسكر وقتّل المواطنين العزل في الشوارع والساحات لفرض سياسات التفقير البورقيبية التي واجهها الخدامة بالإضراب العام.
وفي 1984 نزل العسكر أيضا وقتّل مئات المواطنين لفرض الزيادة في أسعار المواد الأساسية وعلى رأسها سعر الخبز.
وفي 2010 و2011 نزل العسكر أيضا للشوارع مسلحا لحماية الانهيار الشامل للنظام وكانت مهمته الأولى والأخيرة العمل على فرض الانقلاب على 17 ديسمبر التي لخصتها كلمة أحد مسؤوليه الكبار آنذاك رشيد عمار في اعتصام القصبة الأول "خلو الحكومة تخدم " والتي وقع ترجمتها عمليا وبعد سويعات من إلقائها إلى قمع وحشي للمعتصمين لتفكيك اعتصامهم وهي المهمة التي عاضده فيها جهاز الدولة الثاني جهاز البوليسية.
مثل هذا الوضع يمكن أن يعاد في عهد قيس سعيد في صورة حصول تعبئات مواطنية جذرية
الماكينة النوفمبرية لا يستبعد منها ذلك لأنه وقتها لن يكون أمامها من حلول أخرى للاستمرار في السلطة. الوضع الآن في الظاهر يتقدم لصالحها ولكنه بالمقابل يمكن أن ينقلب عليها وساعتها فقط تنكشف حقيقة قيس سعيد والماكينة التي تدير الشأن السياسي في الظل ولا تظهر في الصورة.
نحن لا ننسى إن عيوننا مفتوحة على التاريخ وعلى الحاضر أيضا وعلى ما يمكن أن تنتجه استراتيجيات الخروج من الأزمة بمزيد إنتاج الأزمات.
ـ 6 ـ
17 ديسمبر لا يحتاج الخردة السياسية و النقابية
الخردة السياسية والنقابية لها أسماء كثيرة يمينا ويسارا
وبياننا لها وفي كلمة هو:
..إن واجهنا عزلا في 17 ديسمبر 2010 فإن الأمر سيكون مختلفا في المرات القادمة عندما تنهض الأغلبية لافتكاك حقوقها كل حقوقها... لن يتأخر ذلك كثيرا يا حفنة الخونة المجرمين مهما أبطأ فما من انقلاب عمّر ولا أقصر من عمر الخيانة والخونة.
17 ديسمبر متواصل والأغلبية لم تخسر سوى معركة بينما الصراع مستمر وعملية الفرز متواصلة.
سنكون قبضة لا تهزم مسار الركود في الصراع ... سنكون قبضة لا تهزم ونحن نغيّر ميزان القوى في المعركة الطبقية لصالح الأغلبية.
سنكون قبضة لا تهزم.
عندما نكون قبضة واحدة.
فعل واحد.
حاضرا ومستقبلا ومصيرا.
لتسقط الأغصان اليابسة.
الشجرة ستظل واقفة وتثمر وتتحول إلى غابة.
سيبقى 17 ديسمبر دائما حيا فلا تهنؤوا...

الحمامات. تونس
16 ديسمبر 2024