رصاصة في الجيب وأخرى في حقيبة السفر. كتابة تعود لسنوات السبعين من القرن الفائت
بشير الحامدي
الحوار المتمدن
-
العدد: 8175 - 2024 / 11 / 28 - 16:49
المحور:
الادب والفن
هذه ورقة من دفتر قديم يعود حبره لسنة 1979. من ذاك الدفتر الصغير الذي تسلمته في رحلتي الأخيرة للعاصمة. لست مشهورا ليجلب ما أكتبه المعجبين ولست ممن سيمضي على منشوراته المئات والآلاف ولكن برغم ذلك سأكتب كل ما في الدفترين دون حذف أو إنقاص وأنشر كل ما بهما لأن بي رغبة كبيرة في أن يطّلع حتى البعض على الرصاصات التي كنا نخبئها ونسير بها وسط الجموع ولأن هذه الرغبة لن تنطفئ ما لم تجر الحقيقة في نفوسنا فنكشف عن كل شيء مخبأ.
غدا نلتقي مع نص آخر من الدفتر هو رسالة لإحداهن كتبتها سنة 1979 بعنوان "من رجل استمات في صراعه مع الحياة "
ـــــــــــــــــــــــــــ
رصاصة في الجيب وأخرى في حقيبة السفر
صوت خاطبه وهو في نصف إغفاءة. لا! لا تثأر... لما الثأر
حدّق حوله فلم ير غير بقايا آدمية وغبار وجماجم
كان كل شيء ينم على أن جريمة ما وقعت... نعم وقعت. إن آثارها بادية للعيان... وخرج ليثأر...
لقد قرّر الثأر
لم يهتم بالصوت الذي خاطبه
لقد قرّر أن يثار ممن مزّقوا أشتات نفسه ورموه بالوحل... وأقسم ألا يكون ذلك على غير يديه.
أخذ على نفسه عهدا أن يلبي نداءات القابعين وراء الأسوار يطلبون النجدة...
يومهم انتظار
غدهم انتظار
حياتهم انتظار
أنهى صراعه مع نفسه وقال
الخلاص لا يكون إلا جماعيا
خلاصه في خلاص الآخرين
فجأة انتبه...
لماذا هو الآن هنا معلقا بين فرائض الدنيا وأحكام السماء... لعله مازال في أحلام يقظته.
وحاول أن يقف...
لم يستطع فكأنّ هناك من يشدّه لمكانه.
هزّ رأسه إلى أعلى الغرفة.
أنبوب الضوء كعادته به
الحقائب في مكانها...
الأثاث البسيط هو نفسه
وعاد لإغفاءته من جديد ورآهم هذه المرة...
ها هم يوثقونه كالعادة... واستمرّ في غفوته غير عابئ بعيونهم المتّقدة شررا... ولم يذكر شيئا آخر سوى أن الرصاصة مازالت في جيبه والأخرى في الحقيبة ولم يهتدوا لهما...
فيفري 1979