في الذكرى العاشرة (10) لاستشهاد الرفيق مصطفى مزياني


حسن أحراث
الحوار المتمدن - العدد: 8063 - 2024 / 8 / 8 - 00:21
المحور: الشهداء والمضحين من اجل التحرر والاشتراكية     

الحضور الى تانديت، التربة الطيبة التي أنجبت الشهيد، واجب نضالي. حضور الذكرى العاشرة (10) لاستشهاد رفيقنا مصطفى مزياني، كما سابقا ودائما، وفاءٌ للعهد والتزام بمواصلة خدمة قضية الشهيد وكافة الشهداء، قضية شعبنا وفي طليعته الطبقة العاملة.
حضور الذكرى تجديد للعهد فوق قبر الشهيد، موقفاً وممارسةً؛ حضور كله عزم على تطوير الذات المناضلة وأساليب عملها، لتكون في مستوى إنجاز المهام النضالية التي تطوق عنق المناضل الثوري وتطرح نفسها بحدة على جدول أعمال المناضلين حقيقة، ولنساهم من موقعنا في رفع تحديات هذه المرحلة الصعبة في خِضم الصراع الطبقي ببلادنا..
مَرَّ حتى الآن، 13 غشت 2024، عشر (10) سنوات عن الإجهاز الدموي على حياة الشهيد مزياني. نعم، مَرّ عقدٌ من الزمن على تصفية مناضل ثوري عشق الحياة الكريمة والثورة ولم يتردّد أمام إجرام النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي في التضحية بحياته لتستمر معركة تحرر شعبنا وانعتاقه، من أجل الثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية..
وليس غريبا أن تشتعل بُؤرةٌ نضالية هنا وأخرى هناك قبل إعدام الشهيد وبعده، ليس غريبا أن ترتفع راية الثورة خفاقة في سماء بلادنا وأن تزداد نار الثورة اشتعالا. فلم تذهب دماء شهداء شعبنا هباءً، ومن بينهم شهداء هذا الشهر الشاهد بوبكر الدريدي (1984) ومصطفى بلهواري (1984) وعبد الحق شبادة (1989) وخلادة الغازي (2017)، وبدون شك شهداء كثيرين منسيين.
إننا نحيي في أجواء ذكرى استشهاد رفيقنا مزياني عاملات وعمال سيكوميك بمكناس الذين يحترقون أمام مرآى العالم "الأصم والأعمى والأبكم"، إنهم وعائلاتهم (أطفال وشيوخ...) يفترشون الأرض ويلتحفون السماء. وندين تواطؤ القيادات النقابية البيروقراطية مع الباطرونا ومع النظام، خدمة لمصالحها الضيقة، وكذلك الأحزاب السياسية المتخاذلة والطيعة؛ ومن بين هذه الأحزاب الرجعية القوى الظلامية المتورطة في اغتيال رفاقنا والمُبارِكة للمخططات الطبقية للنظام الرجعي القائم وأسياده الرجعية والصهيونية والامبريالية.
فأيُّ "نضالٍ" نقابيٍّ في ظل الصمت المُخجل أمام المجزرة الرهيبة لما يزيد عن ثلاث سنوات والتي تُنفّذ عن سبق الإصرار وفي واضحة النهار في حقّ عاملاتٍ وعمالٍ أفنوا شبابهم من أجل لقمة عيشٍ مُرّ، ومن بينهم من قضى أزيد من ثلاثين سنة عمل وكدح؟!!
إن هذه المعركة وحدها امتحان لنا جميعا. لقد رسبنا في جُلّ الامتحانات، فهل يحقُّ لنا أن نواصل التشبث بأوهامنا وهلوساتنا؟
ندّعي، هروبا الى الأمام، مناصرة فلسطين ونخرج عن "بكرة أبينا" الى الشارع لمناصرة فلسطين. وعندما يتعلق الأمر بمناصرة قضايانا، لا تكاد تجد أحدا...
مفارقةٌ في حاجة الى الاستيعاب. لا نلوم من يخرج الى الشارع لمناصرة هذه القضية العادلة أو تلك، بل نحيّي ذلك ونحترمه. لكننا نلوم، بل نفضح من يختبئ وراء القضايا العادلة وعلى رأسها القضية الفلسطينية، قضيتنا الوطنية، ليكرس معاناة شعبنا ويبرِّر جرائم النظام القائم عدو القضية الفلسطينية والمُطبِّع مع الكيان الصهيوني...
إنه لا يكفي لتخليد ذكرى الشهيد مزياني أن نرفع الشعارات الثورية وأن نتنقل الى مسقط رأسه بتانديت، ولا حتى الوقوف على قبره لترتيل "آيات ملائكية" مكرورة ومحفوظة على ظهر قلب. ولن نستطيع بدون شك القيام بكل شيء وبالشكل المطلوب والمنتظم في غياب الحزب الثوري، الحزب الماركسي اللينيني...
فلماذا نزور قبر الشهيد مصطفى مزياني كل سنة ولا نزور قبري الشهيدين الدريدي وبلهواري بمراكش وقبر الشهيد شبادة بالدار البيضاء؟
ولماذا لا نزور قبر الشهيد عبد الحكيم المسكيني بالقصيبة؟
ولماذا لا نزور قبور باقي الشهداء والشهيدات؟
إن المطلوب الذي يهجره الكثيرون وبخلفيات وتبريرات مختلفة وعن وعي انتهازي ثاقب هو مهمة بناء الذات السياسية المناضلة بالساحة السياسية والقادرة على تنظيم وتأطير نضالات الجماهير الشعبية المضطهدة وفي مقدمتها الطبقة العاملة والفلاحين الفقراء، والقادرة كذلك على بلورة الصيغ والأشكال النضالية التعبيرية عن الوفاء لكافة الشهداء ودعم المعتقلين السياسيين والنضال من أجل إطلاق سراحهم...
إنها المهمة النضالية الفاصلة أو الخط الفاصل بين المناضل حقيقة وأشباه المناضلين...
نقولها ونردّدها في سماء تانديت وفي سماء بلدنا الجميل، وعلى مسامع الحاضر والغائب...
رفعنا الشعارات حتى "الملل" بالمقرات والساحات ومنها شعار إسقاط النظام، وتنقلنا فرادى وجماعات ولسنوات الى مختلف المقابر وبمختلف المدن والقرى حيث يشهد الشهداء والشهيدات على ضعفنا، بل وعلى عجزنا المُزمن. تحسّرنا على جهلنا قبري رفيقينا الشهيدين عبد اللطيف زروال والمعطي بوملي وقبور شهداء الانتفاضات الشعبية والثورات "المغدورة"...
أذرفنا الدموع وحتى الدماء أمام المعارك البطولية لبنات وأبناء شعبنا، ومن بينهم الآن معركة عاملات وعمال سيكوميك بمكناس، كما سابقا عمال شركة أمانور بطنجة...
نظَمنا الشعر ودبّجنا البيانات والبلاغات، وأبدعنا في صياغة كلمات ورسائل النعي والعزاء...
ونخجل أن نعترف أننا أيضا "برَّرْنا الخيانات" والانتكاسات دون أن ندري...
لكن لا نخجل أن نقول: إننا نتعلم من شعبنا ومن بناته المناضلات حقيقة وأبنائه المناضلين حقيقة...
إنه نقدُنا الذاتي المسؤول وبصوت مرتفع...
لكن، الى متى وماذا بعد؟
الى متى هذا التيه وهذا الاستنزاف...؟
"ما العمل" الآن؟
لا نريد جوابا "على الهواء"، نريد عملاً على الأرض...
لسنا نَكِرات، عناوينُنا معلومة وأيْدينا نظيفة ورصيدنا النضالي يتحدّث عنا...
لنكُن لينين اليوم وماركس اليوم وانجلز اليوم...
لنكُن كُلّ الثوار عبر التاريخ وبدون استثناء...
الثوار في حاجة الى تجارب الثوار، لكن لا أحد بالمفرد في حاجة الى عاطفة أحد أو دموع أحد. لأن "سحر" العاطفة والدموع لحظيٌّ وزائلٌ. والمناضل الفرد لا يمكن أن يُؤدّي جميع المهام النضالية. هل مطلوب منه أن يساهم ماليا هنا وهناك، وأن يتنقل الى هنا وهناك؟
هل مطلوب من المناضل الفرد أن يمسح دموع كل الأطفال وأن يربت على كتف كل الشيوخ...؟
هل المناضل "قناص" محترف يقتفي أثر المعارك ليباركها؟
هل مطلوب من المناضل الفرد أن يضع البرامج والخطط وأن يصيغ الأفكار والشعارات والتصورات السياسية والإيديولوجية؟
وباختصار، فالرهان بالمطلق السلبي على المناضل الفرد، أي الزعيم أو القائد، انهزام قبل انطلاق المعركة...
والخطير أننا نصنع نمورا من ورق هدايا للنظام، نمور لا تستسيغ ولا تستلذّ إلا لحمنا في آخر المطاف. شعبنا وبنات وأبناء شعبنا ليسوا في حاجة الى الأصنام مرة أخرى. إننا في حاجة ماسة الى تكسير الأصنام. وإن اليد الواحدة لا تُصفّق..