ما جدوى الجبهات والشبكات والائتلافات...؟!
حسن أحراث
الحوار المتمدن
-
العدد: 8136 - 2024 / 10 / 20 - 02:23
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
في الستينات والسبعينات والثمانينات وحتى التسعينات من القرن الماضي، لم تكن جبهات ولا شبكات ولا ائتلافات كما هي الحال الآن.
كانت حتى تلك الفترة أحزاب سياسية رجعية مرتبطة بالنظام بالكامل، وأحزاب مُسماة إصلاحية متذبذبة وانتهازية، وتلك سمات الإصلاحية، وكانت منظمات ثورية سرية. بالفعل، كانت تحالفات بين الأحزاب السياسية، وأقدمها جبهة الدفاع عن المؤسسات الدستورية (فديك/FDIC) سنة 1963، كانت تحالفات بين حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الوطني للقوات الشعبية (الكتلة الوطنية سنة 1970) أو فيما بعد بين حزب الاستقلال وحزب الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية؛ وكانت تحالفات أخرى بين الأحزاب المذكورة وحزب التقدم والاشتراكية وحزب منظمة العمل الديمقراطي الشعبي (الكتلة الديمقراطية سنة 1992)؛ كما كانت الحال بالنسبة للحركة الماركسية اللينينية المغربية..
وكانت أيضا تحالفات أو تنسيقات بين النقابات المركزية، وخاصة الاتحاد المغربي للشغل والكنفدرالية الديمقراطية للشغل؛ وهو ما كان أيضا بالنسبة للجمعيات الحقوقية، العصبة المغربية للدفاع عن حقوق الإنسان والجمعية المغربية لحقوق الإنسان..
كان الوضوح السياسي وكانت الحياة السياسية ساخنة وكان الزخم النضالي قويا في ظل صراع طبقي محتد وقمع أسود. وقد ترتب عن ذلك محطات نضالية مشهودة، من أبرزها الانتفاضات الشعبية ونضالات العمال والفلاحين الفقراء والمعتقلين السياسيين والطلبة...
لم نغفل تأثير التحولات السياسية الدولية والإقليمية، ومنها بالخصوص ما يسمى ب"سقوط جدار برلين" ودور الامبريالية في المؤامرات التي فجرت الاتحاد السوفياتي والمعسكر الشرقي عموما. ولم نغيب أدوار الصهيونية والرجعية الى جانب الامبريالية في تدمير حركات التحرر الوطني عبر العالم، ومنها حركة التحرر الوطني الفلسطيني. ولم ننس جرائم القوى الظلامية كقوى رجعية الى جانب النظام القائم وعملائه في محاولات اجتثاث القوى الثورية بالجامعة وبالساحة السياسية (اغتيال الشهداء عمر بنجلون والمعطي بوملي ومحمد بنعيسى أيت الجيد)..
عموما، كانت الأحزاب السياسية حاضرة "بلحمها ودمها"، وكذلك النقابات والجمعيات والجرائد والمجلات، هذه الأخيرة التي أغنت المجال الثقافي والإعلامي والفني..
واليوم، "اختفت" الأحزاب السياسية والنقابات والجمعيات؛ وبرزت أشكال هلامية بديلة تجمع ما لا يُجمع وتستعصي على المحاسبة، وكأنها تبتغي "توزيع الماء، عفوا الدم" على "القبائل"، مستوحية ذلك من حكاية "ضاع دمه بين القبائل"!!
يتشكل الائتلاف المغربي لهيئات حقوق الإنسان من حوالي عشرين (20) هيئة، وكذلك الجبهة الاجتماعية المغربية (المغدورة) والجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع، ناهيك عن شبكة تقاطع للدفاع عن الحقوق الشُّغلية والشبكة الديمقراطية المغربية للتضامن مع الشعوب...
أمام كل هذه الترسانة الضخمة (عدديا)، نجد النظام القائم ينفذ جرائمه ويمرر كل مشاريعه ومخططاته الطبقية، على الأقل من جريمتي التعاقد والتقاعد الى التطبيع مع الكيان الصهيوني. وها هو الآن يهيئ لتمرير قانون الإضراب و"تعديل" قانون التقاعد...
وأمام كل هذه الترسانة الضخمة (عدديا)، هناك العديد من المعارك العمالية دون الالتفات اليها. ولعل أبرزها معركة عاملات وعمال سيكوميك بمكناس ومعركة عمال منجم بوازار بورزازات وعمال كوباك (جودة) بسلا ومعارك ساكنة فيكيك ومناطق أخرى...
وأمام كل هذه الترسانة الضخمة (عدديا)، يوجد أعداد هائلة من المعتقلين السياسيين بسجون الذل والعار...
وأمام كل هذه الترسانة الضخمة (عدديا)، هناك نضالات متواصلة للحركة الطلابية والمعطلين...
ما هي يا ترى جدوى هذه الجبهات والشبكات والائتلافات...؟
ما هو أثرها؟ ما هي حصيلة أو نتائج عملها (وقفات ومسيرات)؟
هل تم تنظيم محطات للتقييم والمحاسبة وتجديد أشكال الفعل التقليدية؟
إن المسؤولية مشتركة، لكن مسؤولية كل هيئة قائمة؛ وخاصة مسؤولية الهيئات السياسية..
والتاريخ يسجل هذا الانبطاح وهذا التخاذل وكافة أساليب الاختباء والمهادنة..
وشعبنا سيواصل كفاحه الى جانب بناته المخلصات وأبنائه المخلصين ودون نسيان شهدائه ومعتقليه السياسيين..
ملاحظة: لم نشر الى كتلة العمل الوطني سنة 1934 والى تحالفات وتنسيقات لاحقة (تحالف اليسار الديمقراطي وتجمع اليسار الديمقراطي أو فيدرالية اليسار الديمقراطي وأشكال اندماجية وتنسيقية ثناية أخرى...)، هذه الأخيرة التي لم يكن لها أثر كبير على مسار الحياة السياسية..