كلُّ معركةٍ عيد..
حسن أحراث
الحوار المتمدن
-
العدد: 8117 - 2024 / 10 / 1 - 02:52
المحور:
مواضيع وابحاث سياسية
كلُّ سنةٍ، يتذكر أغلبُنا تواريخ ميلاده. إنه أمر عادي، خاصة وتبادل عبارات التحية الصادقة والمشاعر النبيلة والاعتراف بالقرب والقرابة..
وإذا كان الحال هكذا عموما، فالأمر لا يختلف بالنسبة للمناضلين. إن استحضار المناضل لمحطات الميلاد الطبيعية بالنسبة له ولأصدقائه ورفاقه يعتبر لحظات فرح بمثابة العناقات الإنسانية الدافئة والتأكيد على أهمية العلاقات الاجتماعية الراقية. فمن حق المناضل، والإنسان عموما، أن يفرح وأن ينتزع/يصنع الفرح رغم البؤس الذي يُكبّله.. كما أن المناضل لا يفرح أبدا للألم أو للمعاناة..
لكن للأسف أن ينسى المناضل أو يتناسى تواريخ الميلاد الخالدة للشهداء، أي محطات استشهادهم أمر غير عادي وغير مقبول..
إن استحضار ملابسات استشهاد المناضلين والرفاق مسؤولية وواجب نضاليين. والهدف طبعا هو تخصيب الذاكرة المناضلة وإنعاشها وخدمة قضية شعب، بما يعنيه ذلك من إدانة للنظام القائم ومن تذكير بتضحيات الشهداء وتخليدها كبوصلة نضالية ومنارة للاسترشاد، وأيضا تسجيل الوفاء ومواصلة السير على درب الشهداء..
إنه مؤشر التزام نضالي، وليس ترفا وترديدا للشعارات المُضلِّلة..
"من يُكرِّم الشهيد يتبع خطاه"، إنها لازمة يُردِّدها الكثيرون دون أن يتْبعوا خُطى الشهداء. ومن يتبع خطى الشهداء يا ترى؟ أقصد بالأساس الشهداء عبد اللطيف زروال وسعيدة المنبهي ورحال جبيهة وبوبكر الدريدي ونصطفى بلهواري وتهاني أمين وعبد الحق شبادة والمعطي بوملي ومصطفى مزياني...؟
من يتبع حقّاً خطى هؤلاء الشهداء، ليرفع ويمارس شعارات النظام اللاوطني اللاديمقراطي اللاشعبي والثورة الوطنية الديمقراطية الشعبية على أرض الواقع..
من يتبع حقّاً خطى هؤلاء الشهداء، ليشتغل ليل نهار على بناء الأداة الثورية على أرض الواقع..
وبدون شك، فأعياد شعبنا هي انتصارات معاركه والمشاريع النضالية لمناضليه الأوفياء، فكل معركة عيد. وأكبر عيد هو يوم تحرره وانعتاقه..
فما أقسى أن يتزامن الألم والفرح!!
كيف تفرح بعيد ميلادك والعمال والفلاحون الفقراء يواجهون إجرام النظام القائم ليلا ونهارا وبالشارع العام وبالمناجم والمعامل والحقول، وكذلك الطلبة والمعطلون والشغيلة التعليمية والممرضون والأطباء...؟
وما بالك بالمشردين المنسيين الذين لا يذكرهم أحد..؟!
كيف تفرح بعيد ميلادك وسماسرة العمل السياسي والنقابي، أحزاب سياسية وقيادات نقابية وجمعوية، تضحك على ذقون العمال وبنات وأبناء شعبنا ويستنزفون دمهم؟
"شياطين" تملأ الدنيا ضجيجاً لكي لا يُسمع صوتُ العمال وبنات وأبناء شعبنا..
يُسمِّعون صوتهم المبحوح ويُلمِّعون صورتهم القبيحة على حساب العمال وبنات وأبناء شعبنا..
كيف تفرح بعيد ميلادك والسجون ملأى بالمعتقلين السياسيين والأبرياء؟
كيف تفرح بعيد ميلادك في ظل الاستغلال والاضطهاد ببلدك الحبيب...؟
فيديوهات توثِّق الفضيحة وأخرى تخفي الحقيقة المُرّة التي تفضحهم..
فبدل تصحيح الوضعية يتعايشون/يُطبعون معها..
إننا لا نرضى أن نورث رفاقنا الذُّل وكذلك شعبنا، كما العصافير داخل الأقفاص لا تورث صغارها العبودية..
كيف تفرح إذن بعيد ميلادك والخداع يطوقك طولا وعرضا، وقربا وبعدا؟
كيف تفرح بعيد ميلادك والشعبان الفلسطيني واللبناني تحت النار وجرائم الاغتيال؟
كيف تفرح بعيد ميلادك والتطبيع مع الكيان الصهيوني ببلدك صار واقعا لا غبار عليه، عسكريا وسياسيا واقتصاديا واجتماعيا وثقافيا...؟
كيف تفرح بعيد ميلادك والرجعية والصهيونية والامبريالية تعبث بمصير شعبك والشعوب المضطهدة؟
...
لنا يا رفاق لقاء اليوم وغدا ودائما...