المعتقلون السياسيون بين الأمس واليوم..


حسن أحراث
الحوار المتمدن - العدد: 8078 - 2024 / 8 / 23 - 07:30
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

أولا، الحرية لكافة المعتقلين السياسيين؛
ثانيا، كل التضامن مع المعتقلين السياسيين وعائلاتهم في ظل إجرام النظام القائم؛
ثالثا، إنه على عاتق كل مناضلي شعبنا النضال من أجل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين دون شرط أو قيد، وذلك من باب المسؤولية والواجب النضاليين، باعتبار الاعتقال السياسي قضية طبقية..
للعلم، كان المعتقل السياسي بعد إطلاق سراحه يُفرض عليه "التأشير" على حضوره لدى الأجهزة القمعية بمقراتها المختلفة (بدون تعميم، حالة مجموعة مكناس سنة 1977)..
بعد ذلك فرض المعتقلون السياسيون أو جُلّهم عدم الامتثال للتضييق والاستفزاز، وبالتالي رفض الحضور الى مقرات الأجهزة القمعية بعد إطلاق سراحهم وبأي صيغة (عفو أو غيره...)..
الأمر المُهمّ ليس خارج السجن، بل داخله. ومعلوم أن المعتقلين السياسيين قد خاضوا معارك بطولية من داخل مختلف سجون الذُّل والعار من أجل تجميعهم وتحسين أوضاعهم داخل السجن. ولا يمكن أن نتناول تجارب "ضحايا" القمع السياسي أو ما يُسمى ب"الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان" (وفق المعايير المُسماة دولية) دون استحضار المعركة البطولية التي خاضها المعتقلون السياسيون سنة 1977، والتي استشهدت على إثرها المناضلة الماركسية اللينينية الرفيقة سعيدة المنبهي في 11 دجنبر من نفس السنة..
ولمن يجهل، أو لمن لا ذاكرة له، فالجمعية المغربية لحقوق الإنسان تأسست في 24 يونيو 1979، من أجل الدفاع عن الحقوق المدنية والسياسية، وفي قلبها وضعية المعتقلين السياسيين بالسجن المركزي بالقنيطرة..
ورغم ذلك، فالأمر لم يقف عند حد تحسين الأوضاع داخل السجن (حالة المعتقلين السياسيين بالسجن المركزي بالقنيطرة)؛ بل ساهم هؤلاء المعتقلون السياسيون في الدينامية النضالية خارج السجن؛ وهو ما لا نعيشه اليوم، على الأقل بنفس القوة والحماس النضاليين. وأستحضر تقديم أحد المعتقلين السياسيين ضمن مجموعة 1977 بالقنيطرة المعروفة بمجموعة السرفاتي، سنة 1984 الى جانب معتقلين سياسيين بسجن لعلو بالرباط إبان محاكمتهم إثر الانتفاضة الشعبية ليناير 1984، والمحسوبين سياسيا على منظمة 23 مارس (صدر في حقهم حكم بثماني سنوات سجنا نافذا).
اختصارا، كان المعتقل السياسي المناضل حاضرا داخل السجن وخارجه. وذلك من خلال معاركه وإنتاجاته السياسية والفكرية. ولا نخفي استفادتنا الكبيرة من تلك التجارب النضالية الباهرة. كنا نتطلع بشغف الى قراءة مجلة "الى الأمام" ومجلة "23 مارس" السريتين ومنشورات سرية أخرى من بينها منشورات منظمة "لنخدم الشعب". وبالإضافة الى المجلتين المذكورتين والمنشورات الأخرى، كُنّا على موعدٍ منتظم مع مجلات وجرائد تحمل بصمات وإسهامات المعتقلين السياسيين بأسمائهم وبأسماء مستعارة؛ ونذكر من بينها، خاصة مجلتي الجسور والمقدمة...؛ وحتى جريدة أنوال، لم تكن بعيدة عن إسهامات المعتقلين السياسيين بالسجن المركزي بالقنيطرة وعن متابعة أوضاع المعتقلين السياسيين وإضراباتهم عن الطعام (مجموعة مراكش 1984 كمثال)..
كنا، من داخل الجامعة ومن خارجها، نستحضر الانتماءات السياسية، وكنا صارمين في التعاطي مع مختلف الأطروحات والمواقف السياسية. وكثيرا ما استوقفتنا النقط والفواصل. لكن التقدير النضالي كان قائما خاصة بالنسبة للحركة الماركسية اللينينية المغربية (الحملم) وتنظيماتها داخل السجن وبالمغرب والخارج، وبالنسبة أيضا لمنشوراتها..
اختصارا، مرة أخرى، كان حضور المعتقل السياسي بالحياة السياسية قويا. وليس من خلال الجمعيات أو النقابات أو الأحزاب السياسية أو حتى من خلال الموضة (التنسيقيات والائتلافات والجبهات...)، لقد كان حاضرا بفعل نضاليته واجتهاداته والتزاماته؛ بدون تعميم طبعا، ودون إغفال تضحيات العائلات والرفاق من مختلف المواقع بالمغرب وخارج المغرب..
كان المعتقل السياسي ومن داخل السجن مؤثرا وفاعلا في الحياة السياسية. وقد ساهم المعتقلون السياسيون والحملم عموما في إشعال فتيل الانتفاضة المجيدة ليناير 1984. وكان دور التلاميذ والطلبة والأساتذة المرتبطين بالحملم كبيرا الى جانب الجماهير الشعبية المضطهدة، خاصة بالشمال. وكان من الطبيعي أن تمتلئ السجون بالمعتقلين السياسيين سنة 1984.
أما اليوم، فالوضع مختلف تماما. فلا نكاد نلمس إسهامات المعتقلين السياسيين ومتابعاتهم للحياة السياسية. بدون شك، مياه كثيرة مرّت تحت الجسر، وشروط الواقع الراهن ليست هي نفسها شروط الماضي، ومن بينها القطبية الدولية. وأهم ميزة غائبة الآن هي عدم انحدار المعتقلين السياسيين الحاليين من تجارب سياسية أو تنظيمات سياسية جذرية، كما كان الحال بالأمس. وللدقة غياب تنظيمات سياسية جذرية مُنظِّمة ومؤطِّرة..
وفي نفس الوقت، لابد من الإشارة الى الصعوبات التي كانت سابقا تقف أمام المعتقلين السياسيين وعائلاتهم وعموم المناضلين والرفاق، مقارنة باليوم؛ حيث وسائل التواصل الآن مُتاحة ودروس ونتائج نضالات الأمس قائمة (الزيارة المباشرة ووسائل الإعلام...)..
اليوم، مطلوب أن يكون المعتقل السياسي أقوى حضورا وتأثيرا..
العطب، يكمن بالأساس في غياب التنظيم الثوري وفي الارتباك والتردد الحاصلين في صفوف المناضلين..
أما عطب الأعطاب، فيكمن في حضور الارتزاق والتيه في الواقع وعبر مختلف وسائل التواصل الاجتماعي، ومن بينها الفايسبوك. والنظام القائم يدير اللعبة بدهاء كبير، خاصة وإقحام المناضل والجلاد في سلة/زنزانة واحدة بهدف الإذلال والتمييع..
وفي الأخير ودائما، لنناضل من أجل إطلاق سراح كافة المعتقلين السياسيين بدون قيد أو شرط..
إنها معركة المناضلين الماركسيين اللينينيين كباقي معارك العاملات والعمال..