بلاغ تنويري أم تنوير بلاغي؟!


حسن أحراث
الحوار المتمدن - العدد: 8057 - 2024 / 8 / 2 - 03:06
المحور: الحركة العمالية والنقابية     

البلاغ المقصود صادر عن الاتحاد المحلي للكنفدرالية الديمقراطية للشغل بمكناس (CDT). إنها حقيقة مُرّة، لكنها ليست غريبة. فمتى كانت القيادات النقابية البيروقراطية على رأس هذه النقابة القطاعية أو تلك أو على رأس هذه المركزية أو تلك الى جانب العاملات والعمال؟!
ومن ينتظر منها دعما أو تضامنا فكمن ينتظر "الذي قد يأتي أو لا يأتي"، وهو بالتأكيد ما لا ولن يأتي. ويكون الانتظار مُجرّد حكايةٍ تُقصّ على آذان الأطفال الصغار على فراش النوم..
قد نتفهم بعض الغرابة، لأن الأمر تجاوز مستوى أو سقف عدم الوقوف الى جانب العاملات والعمال الى مستوى الوشاية بهم/هن والحث على اتخاذ "ما يلزم" في حقهم/هن (القمع والاعتقال والمحاكمات والمزيد من التشريد...)؛ والدعوة مُوجّهة بالواضح الى العمالة والنيابة العامة. وقد تذكّرت وشاية أحدهم عندما قال "يجب اعتقال الجنرالات بباريس والرباط"، قاصدا المناضلين المستقرّين بفرنسا (مدينة باريس) وبالمغرب (مدينة الرباط)..
الجميل/القبيح هنا هو الوضوح الذي غاب ويغيب عن "المناضلين"، لأنهم يقومون بأبشع من ذلك في الظلام ووراء ظهر العاملات والعمال..
الوضوح، سواء معنا أو ضدنا يحملنا المسؤولية ويضعنا عُراة أمام مرآة أنفسنا. وهو ما حصل مع هذا "التنوير البلاغي".
شخصيا، أعتبر البلاغ التنويري المُذلّ تنويرا بلاغيا دون أن يسعى الى شرف ذلك.
إنه يفضح أصحابه وأصحابَ أصحابِه على مستوى المركزية النقابية ككل.
وهنا الأمر لا يحتاج الى عبقرية؛ سأقول المسكوت عنه، حيث لا يكفي التنديد بالبلاغ التنويري وبمضمونه..
إن العمق يطال الهيئات السياسية التي تُحسب عليها المركزية النقابية الكنفدرالية الديمقراطية للشغل (CDT)..
شكلا، "مضى" عهد حزب المؤتمر الوطني الاتحادي (الحزب بمثابة نقابة أو النقابة بمثابة حزب)، ونحن الآن أمام فدرالية اليسار الديمقراطي بمكوناتها حزب المؤتمر الوطني الاتحادي و"أغلبية" حزب الطليعة الديمقراطي الاشتراكي و"قليلون"/"كثيرون" عن الحزب الاشتراكي الموحد (معذرة، ليست هناك إحصائيات للعموم)..
باختصار؛ "العائلة" الاتحادية، من الاتحاد الوطني للقوات الشعبية وعبر الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية وتشكيلات سياسية أخرى متفرعة عنهما، تقود المركزية النقابية. والسؤال الذي يطرح نفسه بصيغة "تفسير الواضحات من المفضحات": "إلى أين؟".
هذا السؤال لا يعني فقط الكاتب العام للكنفدرالية عبد القادر الزاير، بل يعني بالدرجة الأولى الأمين العام لحزب فدرالية اليسار الديمقراطي عبد السلام لعزيز..
وبدون سطحية تحليلية، هناك أيضا من يتحمل المسؤولية؛ وأقصد كل الأحزاب السياسية وقيادات الهيئات النقابية والجمعوية. ومن باب إسقاط الطائرة، السؤال يعني كذلك قيادة الاتحاد المغربي للشغل بقبضة الباطرون الميلودي موخاريق، ويعني أيضا المناضلين المتمترسين بخنادق هذه المركزية "التاريخية"..
فأين هذا "الكوكتيل" من الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المُزرية التي تكتوي بنارها الجماهير الشعبية المضطهدة، وخاصة العمال والفلاحين الفقراء...؟
ولا يفوتني أن أطرح السؤال عن نفسي أولا، وثانيا عن رفاقي وكل المناضلين، خاصة في صفوف الكنفدرالية الديمقراطية للشغل أمام بلاغ المهزلة "البلاغ التنويري"..
يتحدث الرياضيون عن تنويم المقابلات الرياضية لغاية الحفاظ عن النتيجة، و"الكوكتيل" السياسي والنقابي والجمعوي يسعى الى تنويم الصراع الطبقي تواطؤاً مع النظام القائم وحفاظاً على مصالح طبقية وفق توصيات وتعليمات الامبريالية ومؤسساتها المالية، وفي مقدمتها البنك العالمي وصندوق النقد الدولي..
إن الجماهير الشعبية ببلادنا تخرج في وقفات بالعديد من المدن تضامناً مع الشعب الفلسطيني وتنديداً بجرائم الكيان الصهيوني وبالتطبيع من طرف النظام القائم والأنظمة الرجعية. وذلك يُثلج الصدر، لأننا نعتبر القضية الفلسطينية قضية وطنية. لكن السؤال الذي يُطرح على من يدعو الى هذه الوقفات (الجبهة المغربية لدعم فلسطين ومناهضة التطبيع) هو:
لماذا لا يدعو أيضا الى وقفات ومسيرات للاحتجاج على الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية المتردية، في ظل الغياب المشبوه "للجبهة الاجتماعية المغربية" وباقي النقابات والجمعيات؟
فمن يصمت عن معاناة شعبه، كيف يدّعى التّصدي لمعاناة شعوب أخرى؟