بين القديم والجديد- المعادلة الحرجة


كمال غبريال
الحوار المتمدن - العدد: 7722 - 2023 / 9 / 2 - 20:48
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

ما يثور الآن بمصر من حوار محتقن. حول اقتلاع الأشجار من طرقات المدن. أو بهدم المقابر بما تحوي من عمارة تاريخية أثرية. وذلك لمختلف دواعي المصلحة العامة. من مد طرق وكباري وما شابه. يأخذنا لتلك الثيمة الأزلية. والقائمة بسخونة أحداثها وحواراتها دوماً. سواء في حياتنا العملية. أو في المعالجات الدرامية في السينما والتليفزيون.
هي ثيمة الصراع بين القديم والجديد.
أو الجديد الذي يزيح القديم ليحل محله.
القديم بما يتضمنه سلباً وإيجاباً. موضوعياً وعاطفياً.
والجديد أيضاً بما يعد أو يهدد به إيجاباً وسلباً. أملاً ورهبة.
عملية الإحلال أو الإزاحة هذه مستمرة. شئنا أم أبينا. . فرحنا أم حزننا.
لكن هذا لا يعني وضوح الخيط الأبيض من الخيط الأسود.
ولا يعني أن الصلاح في الوقوف بصورة مطلقة مع أحد الطرفين النقيضين. القديم أو الجديد.
كما لا يعني الصلاح أيضاً الوقوف في صف الموضوعية المادية لصالح الجديد. ضد العاطفة والحنين للقديم. أو العكس.
مثلاً:
- هل نقيم مصنعاً يلوث البيئة بدرجة أو بأخرى، يعمل به مئات العمال؟
أم نبقي على المنطقة كمحمية طبيعية؟
هل نزيل مقابر بما بها من عمارة قديمة ورفات الآباء والأجداد، لنمد كوبري أو طريقاً؟
أم نحافظ عليها احتراماً للتاريخ والذكري؟
أسئلة عديدة تثور في مناسبات متنوعة. تدور جميعها حول ذات المحور.
محور الصراع بين القديم والجديد.
الإجابة المتسرعة والنمطية أياً كانت هي خطأ.
الإجابة الموضوعية المادية النفعية المحضة والمطلقة خطأ.
الإجابة بحنين النوستالچيا بصورة محضة خطأ أيضاً.
الشعبوية والحشد العاطفي لتحديد الموقف خطأ.
والسلطوية والضرب عرض الحائط برؤية الشعوب خطأ.
القرار في مثل هذا الحوار بين القديم والجديد، أشبه بمعادلة كيماوية. تحتاج للدرس العميق المتأني للمكونات الداخلة فيها.
مع الوعي بأبعاد الأمر.
والذي هو سؤال أو حوار وجودي جوهري.
يحتاج الأمر للتناول من قبل علماء في مختلف المجالات. يعملون سوياً بروح الفريق.
وليس لجهات سيادية يوجهها عباقرة، يجهلون فداحة حجم وخطر ما يجهلون!!