سيكلوچية العقلية الدوجماطيقية


كمال غبريال
الحوار المتمدن - العدد: 7649 - 2023 / 6 / 21 - 20:49
المحور: العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني     

اعتناق دوجما أو عقيدة جامدة مغلقة، سواء كانت عقيدة دينية أوإيديولوچية، لا يكون اعتناقاً عقلياً وحسب.
فتأثير هذا الاقتناع الذي قد يبدأ فكرياً أو عقلياً، يمتد إلى التركيبة النفسية للإنسان. لتحوله كما لو غرفة مظلمة بلا نوافذ ولا أبواب. لا يدخلها ولا يخرج منها ما يخالف أو يختلف عما تضم من مكونات جامدة متيبسة أو متحجرة.
فيصبح الإنسان الدوجماطيقي غير مؤهل نفسياً للتفاعل الإيجابي مع ما هو خارج هذه الغرفة. إذ يصير في حالة عجز عن التفاعل سواء العقلي مع الأفكار المغايرة. أو حتى عن التفاعل مع الأحداث والوقائع العينية الحياتية، التي تكذب ما يحتفظ به في جمجمته أو غرفته المغلقة من تصورات.
على أعتاب حالة الجمود والانغلاق هذه ينتحر المنطق. ولا يعود مجدياً لإخراج الإنسان من عالمه الخاص المظلم هذا.
ما يحدث أن طول وقت اعتناق دوجما ما، يحولها في سيكولوجية معتنقها، من كونها حزمة أفكار خارجية اعتنقها سواء بالاقتناع أو بالوراثة، لتصير في ذهنه وسيكولوچيته هي وجوده ذاته. هي هويته وكيانه. الذي إذا ما أصابه ضرر أو نقد، سيشعر أنه زلزلة له ولحياته.
لذا يكون اندفاعه دفاعاً عن الدوجما، هو في الحقيقة دفاع عن نفسه. ودفاع عن كيان الجماعة التي يشترك معها في اعتناق الدوجما.
نستطيع هكذا القول، أن الخروج من تلك الحالة الدوجماطيقية، لا يكون فقط عبر جهد تفاعلي عقلي مع أفكار مختلفة. لكنه مع هذا يحتاج لاستعداد سيكولوچي للتطور لحالة مرونة. مصحوبة بشجاعة الانعتاق من حالة الجمود والاسترخاء العقلي والنفسي. لاستقبال رياح أو أعاصير الجديد الذي ينتظره خارج كهفه الدافئ المظلم.