لبنان الحمامة الذبيحة


كمال غبريال
الحوار المتمدن - العدد: 8125 - 2024 / 10 / 9 - 16:17
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

لبنان خليط من طوائف مايفرقها أقوى فاعلية مما يجمع بينها. . مارون وأرثوذكس وسُنَّة وشيعة ودروز وخلافه.
هل ثمة أمل لهذه الفسيفساء في البراء من كل هذه الانتماءات التي لم تجلب سوى الخراب، والتوحد تحت راية لبنان الوطن؟!!
الحقيقة أن التشتت والتشرذم ليس فقط أمر تعدد انتماءات للأفراد على حساب الانتماء الوطني. فالأخطر من عاطفة الانتماء لجماعة مغلقة على نفسها، هو تعدد ثقافات المجتمع الواحد أو الوطن الواحد.
ليس ذلك التعدد الذي نحسبه ثراء للساحة الوطنية. لكنه تعدد ثقافات متضاربة متعادية.
ففيما الثقافة المسيحية بتعدد طوائفها تميل للغرب الليبرالي وثقافته. نجد العداء اللدود من الثقافة الإسلامية بشقيها السُنِّي والشيعي للعالم الغربي شعوباً وثقافة ومنهجاً وأسلوب حياة. ثم العداء الديني المستحكم بين طرفي الانتماء الإسلامي، سُنَّة وشيعة.
كل هذه التضادات والعداوات واختلافات الرؤى وأسلوب الحياة، تنعكس على المجتمع اللبناني، وتشكل مسافات أو طبقات تباعد عازلة، تُجهض أي رؤى سياسية تعمل على صهر الجميع في انتماء وطني واحد.
لكن مشكلة لبنان أيضاً ليست فقط في طبيعة تكوينه الداخلي. هي أيضاً في محيطه. فلبنان الليبرالي الديموقراطي غربي التوجه الذي عرفناه حتى ماقبل الحرب الأهلية، هو جزيرة صغيرة داخل محيط شاسع من صحارى التخلف والاستبداد والطغيان الشرقي والكراهية لكل ماهو مسيحي وغربي.
وليس من المتوقع من مثل هذا المحيط أن يصمت ويقبل بوجود تلك الحمامة اللبنانية المتحضرة الديموقراطية. لذا كان اغتيال تلك الحمامة هدفاً مقدساً لكل من محيطها. وللمكونات المعادية للحضارة والعاجزة عن تقبلها من التركيبة اللبنانية الداخلية.
ولقد شهدنا تحالف السُنَّة مع الفلسطينيين ضد المسيحيين تارة.
ثم تحالف الشيعة مع إيران ضد تحالف السُنَّة والمسيحيين تارة أخرى.
ولا يخدعنا ادعاء تحالف الشيعة وإيران بأنه مقاومة ضد إسرائيل. فهذا مجرد قميص عثمان. يستر الهدف الحقيقي من رأس جسر لإيران في لبنان في قلب العالم العربي. بجانب ركائزها في أطرافه. بالعراق وسوريا واليمن. والتطلع لركيزة له في مملكة البحرين.
هل معنى هذا أننا نقول أن الواقع البائس الحالي هو قدر لبنان الأصيل والمتأصل، وأن لا مجال ولا أمل في تغييره، لارتكانه لحقائق موضوعية ديموغرافية، وأن أقصى مانستطيع علاجاً له هو استخدام المسكنات المؤقتة كلما اشتد الوجع؟!!
ربما كان الأمر بالفعل كذلك!!