بين إسرائيل وأمريكا/ مصر أولاً وأخيراً


كمال غبريال
الحوار المتمدن - العدد: 8251 - 2025 / 2 / 12 - 10:37
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

هل الحفاظ على مصالح مصر يستدعي الدخول في حالة عداء مع أمريكا، ومواجهة قد تكون عسكرية مع إسرائيل؟
سؤال يُلِح الآن مع مايحدث في غزة، وما خرج به علينا وعلى العالم الرئيس الأمريكي دونالد ترامب.
ويصير السؤال أكثر إلحاحاً، ليس فقط لعلو موجات حماسة (حماقة) الغوغاء على صفحات وسائل التواصل الاجتماعي. التي تعطيك مساحة لأن تكون بطلاً عسكرياً وعملاقاً اقتصادياً ومخططاً استراتيجياً، مادمت قد تمكنت من شراء جهاز سمارت فون صيني، وأنشأت عليه حساب فيسبوك وتويتر وتيك توك.
لكن أيضاً تتفاقم أهمية السؤال ونحن نرى المحسوبين على الأمة المصرية من صفوة الصفوة. وكريمة المفكرين بل والفلاسفة، يسقطون في هاوية الحماسة الحمقاء الموروثة من العهد الناصري. عهد الحماقات والوكسات والخيبات.
لكن بغض النظر عن ردود الأفعال الغوغائية هذه، وبغض النظر عن انجرار أو اضطرار حتى بعض المسؤلين لمسايرتها بتصريحات تفوح منها رائحة العنترية، فالأمر بالفعل خطير مع الاندفاعات الطائشة لرئيس أمريكي يشهد العالم مثيله للمرة الأولى.
الإجابة التي نستطيع أن نجيب بها عن سؤال كيف نستطيع الحفاظ على مصالح مصر لن تكون إجابة رشيدة بغير أن نضع محددات تبقينا ملتزمين بخط صارم يصل بنا إليها:
- أن نلتزم في البحث بالمصالح المصرية الحقيقية فقط لاغير. وأن نستخلص ونُخَلِّص هذه المصالح من ركام التهويمات والشعارات والمفاهيم والعداوات الدينية الموروثة لهذا الطرف أو ذاك. والتي حرصنا طوال نيف وثلاثة أرباع قرن على إذكاء نيرانها.
- أن ندرك ونقر أن الدخول في مواجهة عسكرية مع مباشرة أو غير مباشرة مع إسرائيل، هو الضد تماماً للمصالح المصرية. ولن نقول ماهو أبعد من ذلك أو أكثر تفصيلاً ووضوحاً!!
- أن الاختلاف في المواقف والرؤى مع الإدارة الأمريكية لابد وأن يدار ليس بمنهج عداء أو مواجهة أو تحد. وإنما بروح ومنهج شريكين يبحثان معاً كيفية التوصل لتحقيق المصالح المشتركة. فالعداء لأمريكا حماقة تخلصت منها الإدارة المصرية منذ عهد السادات. لكن رائحتها مازالت تعبق دواوين الدولة وأروقتها. ومازالت تفعل فعلها في عقول وأحشاء الصفوة على مقاهي وسط البلد. والمقاهي الشعبية التي تكاد تحتل الآن أغلب مساحة مصر.
- أن نحسب جيداً عناصر القوة والضعف المصرية في معادلة القوى بين كافة الأطراف. محاذرين من ڤيروس العنتريات المستوطن في عقول المتحدثين بالعربية، لغة المدح والهجاء والفخر والرثاء.
في ظل هذه المحددات ومع الالتزام الصارم بها، لن يكون الأمر سهلاً بالتأكيد. لكن بالدبلوماسية المتزنة والحصيفة نصل لتحقيق مصالحنا، كما تصل جميع الأمم الراقية. التي تختلف وتتحاور لتصل إلى توافق. وليس تلك التي تختلف فتتشاجر وتدخل في صراعات حمقاء، تؤدي إلى مانشهده حولنا من كوارث.
في الختام أعيد وأكرر لترددوا معي:
مصر أولاً وأخيراً. . مصر أولاً وأخيراً. . مصر أولاً وأخيراً.