لاهوتيات: المسيحي واستشعار الإثم
كمال غبريال
الحوار المتمدن
-
العدد: 8403 - 2025 / 7 / 14 - 22:13
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
يقول كاتب سفر رسالة يوحنا الأولى بكتاب العهد الجديد:
"إِنْ قُلْنَا: إِنَّهُ لَيْسَ لَنَا خَطِيَّةٌ نُضِلُّ أَنْفُسَنَا وَلَيْسَ الْحَقُّ فِينَا." (1 يو: 8)
ويروي لوقا في إنجيله قصة قالها يسوع:
"9 وقال لقوم واثقين بأنفسهم أنهم أبرار، ويحتقرون الآخرين هذا المثل:
10 «إنسانان صعدا إلى الهيكل ليصليا، واحد فريسي والآخر عشار.
11 أما الفريسي فوقف يصلي في نفسه هكذا: اللهم أنا أشكرك أني لست مثل باقي الناس الخاطفين الظالمين الزناة، ولا مثل هذا العشار.
12 أصوم مرتين في الأسبوع، وأعشر كل ما أقتنيه.
13 وأما العشار فوقف من بعيد، لا يشاء أن يرفع عينيه نحو السماء، بل قرع على صدره قائلا: اللهم ارحمني، أنا الخاطئ.
14 أقول لكم: إن هذا نزل إلى بيته مبررا دون ذاك، لأن كل من يرفع نفسه يتضع، ومن يضع نفسه يرتفع»." (لو 18: 9- 14)
+++++
لاشك أن ما جاء أعلاه، ومثله بنفس المعنى نصوص كثيرة بالأسفار المقدسة، هو أسوأ ما باللاهوت المسيحي.
الإلحاح على إشعار المؤمن بالدونية والإثم.
وأن تكون حالته النفسية مهما كان صلاح أعماله مثل حالة العشار بالقصة، لا يجرؤ على رفع عينيه للسماء، بل يقف مخزياً طالباً الرحمة!!
أما الفريسي بقصتنا العجيبة هذه،
فلم يخرج من الهيكل مبرراً،
رغم أنه بدأ صلاته بشكر الإله أنه لم يجعله مثل الخطاة!!
لم تذكر لنا القصة أن الفريسي كان كاذباً في مزاعم فضائله!!
ونلاحظ أن الفريسي بالقصة لم ينسب فضائله لنفسه،
وإنما شكر الإله عليها.
باعتبار الإله هو من أنعم عليه بها.
لكن هذا لم يكن كافياً لإرضاء الإله (المتغطرس).
فالإله حسب القصة يريدك أن تقف أمامه مخزياً،
حتى ولو لم ترتكب مايستوجب الخزي!!
***
هكذا في اللاهوت المسيحي يتفق الإله نوابه الكهنة على الأرض،
بوجوب استشعار المؤمن للخطية والخزي الدائم وإحناء الرأس خزياً!!
فهكذا يتمسك الناس بالتوسل للإله ليرحمهم،
ويخضعون لهيمنة الكهنة.
يقبلون أياديهم، ويضعون فيها عشورهم وبكورهم ونذورهم.
هكذا يحتم اللاهوت المسيحي على المؤمن الذلة والمسكنة لكن يرضى عنه الإله.
وهكذا أيضاً يشيع النفاق والمسكنة وادعاء التواضع الكاذب بين المؤمنين الأتقياء!!