رحلتي من كهف الخرافة لفضاء العقلانية (1)
كمال غبريال
الحوار المتمدن
-
العدد: 8082 - 2024 / 8 / 27 - 12:21
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نقطة البداية
للرحيل من عالم الخرافة.
بلاعودة.
تصور الروح هو محور كل ما بناه الخيال الإنساني من هياكل غيبية أو خرافية.
لذا فالتأمل العقلاني لهذا التصور هو نقطة البداية التي ننطلق منها.
إما للإيغال في متاهة الهياكل الدينية الغيبية،
أو أن نفارقها إلى عالم الواقع العيني المادي.
*****
قبل بداية تشكل الجنين في رحم الأم:
1- هل كانت هناك ثمة روح ما تنتظره في مكان ما مثل مستودع للأرواح؟
2- أم وجود الروح مرتبط بتشكل ونمو جسد الجنين؟
*****
في الحالة الأولى حيث الروح كيان مستقل عن الجسد، يأتي إليه ليتلبسه فور بداية تشكله،
يستدعي الأمر وجود مستودع هائل للأرواح.
كل منها لها جسدها المخصصة له.
والذي ستغادر مستودع الأرواح لتتلبسه،
متى بدأ في التشكل في رحم أمه.
الكلام هكذا عن مستودع لأرواح جميع البشر الذين كانوا منذ الأزل. والذين سيكونون إلى الأبد.
موجودون معاً كما لو في جراچ أو زريبة للأرواح هائلة الضخامة.
ولن نتطرق هنا للزوم مستودعات لأرواح الحيوانات والحشرات وحتى النباتات.
حتى لا ندخل في خلاف مع من يزعمون اختصاص الحيوان البشري بلاهوت غير النفس،
يميزه عن سائر أنواع الحيوانات أو الكائنات.
هكذا يلزم في مستودع الأرواح البشرية وجود أرواح للأطفال الذين لن يكتمل نموهم في الأرحام.
وأرواح للأجنة التي ستولد مشوهة بكافة التشوهات.
فأرواح هذه الأجنة وفق هذا التصور مخلوقة وموجودة منذ ملايين أو مليارات السنين منذ بدء الخليقة.
تنتظر لحظة بدء تشكل الجنين، لتتلبسه بضعة أسابيع أو شهور.
حتى يسقط وفق ماهو مقدر له، ميتاً من الرحم قبل اكتمال تشكله!!
هل يبدو هذا الخيار عبثياً وبالغ الحمق!!
*****
لو كان الخيار الثاني بالغ البساطة والوضوح هو الصحيح.
وما نطلق عليه الروح نشاط أو فاعلية مرتبطة بوجود الجسد ونموه التدريجي داخل الرحم،
فهذا يعني أن الروح مجرد فعالية بيولوچية للجسد المادي.
وإذا لم يكن للروح وجود قبل تشكل الجسد،
فإن هذا يذهب بنا بالضرورة إلى عدم وجود الروح بعد خمود أو موت الجسد.
ويكون مانطلق عليه العالم الآخر، محض تصورات ساذجة لا يليق بكامل العقل ترديدها.
*****
ونكون من هذه النقطة قد بدأنا رحلة طويلة.
تستبعد وتنفي وتطهر العقل من كل ما هو خرافي.
هي نقطة الرحيل من عالم الخرافة
بلاعودة.