الموجود بلا واجد
كمال غبريال
الحوار المتمدن
-
العدد: 8151 - 2024 / 11 / 4 - 12:23
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
نقارب هنا سؤال وجود واجد للموجودات.
أو وجود سبب أول عاقل ومخطط وفاعل ومنظم للوجود بكل عناصره المادية. صماء كانت أم بيولوچية.
ولا نتطرق هنا لما تزعمه مختلف العقائد الدينية من آلهة. فهذه رؤى إنسانية نابعة من الخيال الإنساني. وغير ملتزمة بالحقائق المادية للوجود. وإن زعمت الانطلاق منها لبناء هياكلها الميتافيزيقية.
كما نتجاوز في مقاربتنا هذه لمزاعم ضرورة وجود سبب أول لوجود الكون، حقيقة انعدام الزمن في حالة انعدام وجود الكون بموجوداته. حيث الزمن في المفهوم العلمي ليس تياراً ثابتاً مستمراً. وإنما هو مرتبط بالوجود المادي ومواصفاته التي يتغير بتغيرها. ليكون مفهوم "قبل وبعد" الذي يستلزمه عمل قانون السببية، لامحل له في حالة عدم وجود كون من الأساس. لنخلص لحقيقة أن "لا وجود لما قبل الوجود". أي لا وجود لواجد أو خالق يستلزمه وجود الوجود.
إذا عبرنا هذه الحقيقة العلمية الفيزيائية، وذهبنا إلى ماهو في الحقيقة مماحكات فلسفية. أو رؤى عقلانية نظرية محضة. نجد أن وجود خالق أو سبب أول عاقل أوجد الكون والحياة، يستلزم وجود أمرين متلازمين في سائر الكون وكل موجوداته:
- الانتظام وانعدام العشوائية. ما يؤكد القصدية بالكون. ويلزم لإثبات الانتظام وجود تفسير لكثير من الظواهر الطبيعية. ومنها الشروخ في القشرة المكونة لسطح الكرة الأرضية، والتي تسبب الزلازل. كذلك تفسير وجود البراكين. وهي ظواهر إن لم تكن عشوائية، فهي تشير لفشل أو أخطاء في عملية التكوين أو الخلق.
- توفر الغائية التي تبرر القصدية من وجود سائر الموجودات. خاصة فيما يتعلق بالكائنات الحية. التي نجد للصنف الواحد منها أعداداً مهولة من الفصائل. مثل الخنافس التي يوجد منها أربعمائة ألف نوع. ونفس هذا ينطبق على ملايين الكائنات التي كانت موجودة وانقرضت منذ حقب طويلة.
كما يلزم هنا لإثبات القصدية تفسير وتبرير تطور الكائنات. والذي ترصده وتثبته الحفريات الموجودة. ومثل ذلك التعدد نجده في مليارات المجرات والنجوم والكواكب. سواء الموجودة الآن أو انطفأت أو انفجرت.
بدون تحقق الأمرين ينتفي وجود سبب أول مُنَظِّم ومُخَطِّط وفاعل.
وتكون القوانين الطبيعية والبيولوجية مع قانون الاحتمالات المعروف بقانون الصدفة، هو المشكل للعالم وكامل الكون والوجود.