السنوار بطلاً


كمال غبريال
الحوار المتمدن - العدد: 8137 - 2024 / 10 / 21 - 15:22
المحور: مواضيع وابحاث سياسية     

مذهل ما نشهد من الجماهير العربية ونخبها، من تمجيد واحتفاء بمغامر مجرم. جلب الموت والخراب لقومه. مدمراً ليس فقط حاضرهم، وإنما مستقبلهم الذي سيشكله نظرة العالم لهم، كبيئة منتجة للإرهاب والإرهابيين. وينسف صورة التباكي والمسكنة والمظلومية التي يجتهدون طول الوقت للظهور بها أمام العالم.
فسوف ينظر إليهم العالم كما لو كانوا لا يحتاجون لوطن. وإنما يحتاجون لمعتقلات يجدون فيها التأديب والتهذيب والإصلاح.
وأنهم لا يمكن أن يكونوا أهل سلام. مالم يفرض الإذعان للسلام عليهم بالقوة.
فهل هذه الجماهير بنخبها فقدوا تماماً عقولهم، بحيث يزيل ذهولنا من مواقفها تصنيفهم كمجانين أو مخابيل؟!!
ليسوا مجانين أو مخابيل من يعتبرون عبد الناصر وصدام والقذافي والسنوار أبطالاً.
وليس الأمر العجز عن رؤية الواقع المزري. فهم لا يرونه فقط، وإنما يعانونه ويعيشونه كمداً وبؤساً وشقاء.
هي النظرة القدرية للحياة. التي لا تربط النتائج بأسبابها.
لا تربط هولاء الذين نمجدهم كأبطال، بالنتائج الكارثية التي نعيش أو نموت فيها نتيجة أعمالهم البطولية.
عدم الربط بين النتائج وأسبابها مرض عقلي متوطن. تظهر أعراضه في العديد من مناحي حياتنا. فنحن الأتقياء المؤمنين أيضاً ننسب للآلهة القدرة والسيطرة المطلقة. فيما نحن نعيش في عالم عشوائي لا تتحقق فيه أي من القيم التي ننسبها لآلهتنا مثل العدالة والرحمة والمحبة للبشر وماشابه.
فلو ربطنا بين النتائج المتحققة على أرض الواقع في سائر مجالات الحياة، بسببها الإيمانيّ ِ وهو الإله الذي نعطيه لقب "ضابط الكل"،لتوصلنا إلى أحد ثلاثة احتمالات:
- إما أن هذا "الضابط الكل" لا يضبط في الحقيقة أي شيء.
- وإما أنه بالفعل يضبط كل شيء لكنه شرير، ينفق وقته في العبث بنا، وفي ممارسة الشرور بمزاج عال واقتدار!!
- أو أن مسألة الاعتقاد في إله قادر تحتاج لإعادة نظر.
القدرية إذن في مقاربتنا هذه ليست هيمنة مما يسمى القدر. هي تصور عالم من الفوضى اللامنطقية. (قد يراه العقل المنطقي أقرب لساحة للمخابيل!!)
يحقق فيه العرب أمجاداً وانتصارات. وهم يتسولون سائر مقومات حياتهم من "الذين كفروا".