إيمانيات
كمال غبريال
الحوار المتمدن
-
العدد: 7698 - 2023 / 8 / 9 - 20:49
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
"الإيمان" يعني بالنسبة لي
"الاقتناع العقلي" العميق
القابل للتعديل والحذف والإضافة.
ولا يعني التسليم مغمض العينين والعقل بما يتم فرضه أو توريثه.
***
"وَأَمَّا الإِيمَانُ فَهُوَ الثِّقَةُ بِمَا يُرْجَى وَالإِيقَانُ بِأُمُورٍ لاَ تُرَى." (عبرانيين 11: 1)
آسف جداً……
لا أستطيع الثقة بما لا يُرى لمجرد أنك تؤكد لي خيالات لا دليل عليها.
***
هناك فرق بين "الإيمان" و"التدين".
يمكن للإنسان أن يؤمن بإله أو آلهة، وأن ينسب لهم ما يشاء مِن الصفات.
هو فضاء مفتوح لعقل الإنسان وخياله، يسرح فيه كما يشاء.
أما التدين فهو أمر آخر.
التدين يعني اعتناق دين محدد،
والذي هو منظومة اعتقادات وأفكار، موثقة في المرجعيات النصية للدين، ومؤيدة بتفسيرات القائمين على شؤون الدين من رجال.
الدين بالتالي منظومة محددة مغلقة، يُعد التعديل فيها مِن قبل أحد انشقاقا واستحداثا لدين أو طائفة جديدة.
مَن يتهمون الكهنة ورجال الدين بالجمود، لا يدركون عمق قضية الدين والتدين، ويخلطون بين التدين والإيمان الحر.
***
فقط عندما ننتهي من مناقشة قضية "الإيمان والكفر"، سنجد متسعاً لمناقشة مشاكل حياتنا الكارثية!!
***
ليس من قبيل التقية، أن نقرر بحزم ووضوح، أن العلمانية غير معنية بإيمان وإلحاد. هي فقط تسعى لفهم العالم، وتأسيس سائر علاقات حياتنا، على أساس العلم، لتحقيق المصلحة المشتركة للإنسان والإنسانية.
***
لا تحاكموا العلمانيين على إيمانهم، فالإيمان مكانه القلب، الذي لا يستطيع أحد منكم أن يطلع على ما يكنه. فقط حاكموهم على رؤيتهم لمستقبل هذا الوطن، الغارق منذ قرون طويلة، في التخلف والفقر والجهل والمرض.
***
الإيمان بخالق أو عدمه قضية شخصية، لا شأن للمجتمع أو الدولة بها. والعلماني الحق لا يثير هذه القضية، ولا يقبل أن يحاكمه أحد فيها، ولا يدفع عن نفسه تهمة الإلحاد أو الإيمان.
***
العلمانية قادمة ولاريب لهذه المنطقة المنكوبة بخزعبلاتها. لكن التساؤل هو عن الثمن، الذي سنضطر لدفعه حتى نصل إليها.
***
"دائرة الإيمان" مناطها القلب والوجدان، و"دائرة العلم" مناطها العقل والمنطق. الخلط بين الدائرتين مهلكة، فلكل منهما مجال تطبيقه.
***
"دائرة الإيمان" للعلاقة الخاصة بين الفرد وإلهه، وهي علاقة ثابتة مهما مر الزمن وتغيرت العصور. و"دائرة العلم" للعلاقة بين البشر وبعضهم البعض، تحقيقاً للتوافق وللصالح المشترك، على ضوء المتغيرات الحياتية.
الفشل في التفريق بين الدائرتين، يؤدي إلى ما تشهده منطقة الشرق الأوسط الآن من خراب وفشل.
***
تشبُث كثيرون بالخرافات،
مع تصور أن العلمانية هي مجرد فصل الدين عن الدولة.
ترتب عليه شيوع فكرة اتركني في إيماني الذي لا يضرك.
اتركني غارقاً في خرافاتي وخزعبلاتي مادمت لا أقتلك أو أجبرك على اعتناق عقيدتي.
هي هكذا حرية السقوط.
حرية التجديف في أوحال مستنقع الفقر والجهل والمرض.
الحرية والعلمانية يا سادة
أن تحلق كما الطيور.
لا أن تغوص في الأوحال كما الديدان.