الدوجما والعنف
كمال غبريال
الحوار المتمدن
-
العدد: 7568 - 2023 / 4 / 1 - 20:56
المحور:
العلمانية، الدين السياسي ونقد الفكر الديني
هناك نوعان من العنف يترتبان على اعتناق العامة لدوجما:
- عنف يفرضه الشكل: حيث اعتناق منظومة فكرية مغلقة أياً كان محتواها الموضوعي، يستبعد الآخر تلقائياً وينفيه.
- عنف يفرضه الموضوع: بقدر ما يتضمن محتوى الدوجما من توجهات وتوجيهات تستهدف الآخر.
النوع الأول تشترك فيه كل أنواع الدوجما. بغض النظر عن نوعيتها وطبيعة محتواها الموضوعي. ولا يكون للدوجما ذاتها علاقة بهذا العنف، إلا بالقدر الذي يساهم فيه مجرد وجود دوجما من الأساس، تفرق بين الناس على أساس الانتماء لها.
ويتشابه هذا النوع من العنف مع ذلك الذي يحدث بين التكتلات العرقية أو القومية. والتي عادة لا تحتوي في طبيعتها على عداء للآخر. وإنما فقط مجرد انتماء واعتزاز بالجماعة. يؤدي المبالغة المتعصبة فيه إلى نفي الآخر واستهدافه.
وتتوقف حدة العنف الحادث هنا على طبيعة الجماعات أو الشعوب ودرجة تحضرها. لذا يمكن بتطور الوعي الإنساني والحضارة التخفيض من حجم هذا النوع من العنف. إلى ما قد يصل به قريباً من الصفر. وهذا ما نرصده في المجتمعات المتدينة والمتنوعة عرقياً المتقدمة حضارياً.
النوع الثاني يتوقف على طبيعة محتوى الدوجما. وحجم الشحنات العدائية التي يبثها خطابها ضد الآخر.
وتشترك بعض الإيديولوچيات مع بعض العقائد أو الدوجما، في أن قوامها الرئيسي، أو محور أساسي من محاورها، يقوم على العداء للآخر.
والعنف المترتب على هذا النوع تتوقف شدته على كل من طبيعة الدوجما ودرجة تحضر الشعوب.
لذا نرصد أن التطور الحضاري بالتعليم والبيئة المتحضرة تأثيرها محدود في الحد من هذا النوع من العنف. وإن كان توفير بيئة حضارية يحد بالتأكيد إلى درجة ما من مفعول مثل هذه الدوجما العنيفة. لكن ليس بدرجة التأثير في عنف النوع.
وطبيعي حيث يوجد النوع الثاني من العنف، أن يرافقه النوع الأول.
البشرية تعيش الآن عصر موت أو نهاية الإيديولوچيا. والتي شابهت ورافقت الدوجما في إذكاء نيران العنف بين البشر.
لكننا بعيدون وربما لن نصل أبداً، إلى اندثار الدوجما الدينية، التي تقوم موضوعياً بالأساس على استهداف الآخر.