العلاقة بين فلسفة إبكتيتوس والأخلاق المسيحية


كمال غبريال
الحوار المتمدن - العدد: 8526 - 2025 / 11 / 14 - 05:35
المحور: قضايا ثقافية     

Gemini AI:

توجد علاقة قوية ومعقدة بين فلسفة إبكتيتوس الرواقية والأخلاق المسيحية، حيث تتشابهان في العديد من النقاط الأخلاقية الأساسية، بينما تختلفان جذريًا في أسسهما الميتافيزيقية واللاهوتية.
تعود قوة هذه العلاقة إلى حقيقة أن الرواقية كانت الفلسفة الأخلاقية السائدة في العالم الروماني عندما بدأت المسيحية في الانتشار، مما أدى إلى تلاقح ثقافي واضح.
🤝 أوجه التشابه الأخلاقي العملي
تتركز نقاط التلاقي بين أخلاق إبكتيتوس والأخلاق المسيحية حول كيفية عيش الفرد لحياة فاضلة في العالم:
1. التركيز على الجانب الداخلي والنية
• إبكتيتوس: يؤكد أن الخير والشر الحقيقي يكمنان في الإرادة الداخلية (Prohairesis) أو الحكم الذي يصدره الإنسان على الأحداث، وليس في الأحداث الخارجية نفسها.
• المسيحية: تُشدد على النية الداخلية والخطيئة التي تكمن في القلب والفكر (على سبيل المثال، شهوة القلب كشكل من أشكال الزنا). كلاهما يرفع من شأن النوايا الداخلية فوق الأفعال الخارجية وحدها.
2. التخلي عن التعلق بالماديات
• إبكتيتوس: يدعو إلى عدم التعلق بالممتلكات، والشهرة، والمكانة الاجتماعية (الأشياء التي ليست في نطاق سيطرتنا) لتحقيق السكينة الداخلية والحرية.
• المسيحية: تدعو إلى الزهد، وعدم محبة العالم، وترك الكنوز الأرضية مقابل الكنوز السماوية ("لا تكنزوا لكم كنوزاً على الأرض..."). كلاهما يرى أن التحرر من المادية ضروري للحياة الروحية/الفاضلة.
3. الصبر والتحمل والتقوى
• إبكتيتوس: يؤكد على ضرورة تحمّل الصعاب والآلام وتقبّل القدر كجزء من النظام الإلهي العقلاني (Providence).
• المسيحية: تُمجّد فضيلة الصبر في المحن (الضيقات)، وتعتبر التضحية وتحمل الألم جزءًا من الإيمان.
4. الأخوة والمساواة الإنسانية
• إبكتيتوس: باعتباره كان عبدًا، شدد على أن جميع البشر يمتلكون جزءًا من العقل الإلهي (Logos)، وبالتالي فهم متساوون جوهريًا (مواطنو المدينة الكونية).
• المسيحية: تنادي بـالمساواة أمام الله والأخوة الشاملة لجميع البشر دون تمييز عرقي أو اجتماعي ("ليس يهودي ولا يوناني، ليس عبد ولا حر").

⚠ أوجه الاختلاف الجوهري (اللاهوت والميتافيزيقا)
على الرغم من التشابه الأخلاقي، فإن الفلسفتين تختلفان بشكل أساسي في أصولهما الاعتقادية:

🏛 مقارنة بين فلسفة إبكتيتوس (الرواقية) واللاهوت المسيحي

1. مفهوم الإله
• فلسفة إبكتيتوس (الرواقية): تقوم على مبدأ وحدانية الوجود (Pantheism). الإله أو اللوغوس (Logos) هو قوة عاقلة مادية تتخلل وتدير الكون والطبيعة.
• اللاهوت المسيحي: يقوم على مبدأ وحدانية الخالق (Monotheism). الله هو كيان شخصي (Personal)، متعالٍ (خارج) عن العالم، وهو خالقه.

2. الأساس الأخلاقي
• فلسفة إبكتيتوس (الرواقية): الأخلاق تُكتشف بالعيش وفقًا للعقل والطبيعة (التي هي الإله). الفضيلة تُنال عبر التدريب العقلي.
• اللاهوت المسيحي: الأخلاق تُبنى على وحي الله (الكتاب المقدس) والإيمان بيسوع المسيح.
3. الحالة الإنسانية
• فلسفة إبكتيتوس (الرواقية): الإنسان قادر على بلوغ الكمال والفضيلة (صفة الحكيم الرواقي) من خلال جهده العقلي الخاص والتدريب.
• اللاهوت المسيحي: الإنسان سقط في الخطيئة الأصلية؛ وهو عاجز عن بلوغ الكمال دون النعمة الإلهية والفداء.
4. الهدف الأسمى
• فلسفة إبكتيتوس (الرواقية): الهدف هو تحقيق السكينة (Apatheia/Ataraxia)، وهي التحرر من الانفعالات والعيش بفضيلة على الأرض.
• اللاهوت المسيحي: الهدف هو الخلاص والحياة الأبدية، والاتحاد مع الله بعد الموت والتمتع بملكوت السماوات.