شذرات تاريخية من الاسلام الاول


عباس علي العلي
الحوار المتمدن - العدد: 7991 - 2024 / 5 / 28 - 23:10
المحور: دراسات وابحاث في التاريخ والتراث واللغات     

1. في صراع المفاهيم
الصراع الاسلامي - الاسلامي بعد رحيل الرسول كان صراع مفاهيم وليس صراع فكر ومذهبية، فقد كان يدور بين محددين اجتماعيين، الاول الوراثة والملك والسلطة بين مفهم الامامة ومفهوم الخلافة، الاول اجتماعي سياسي والثاني عقائدي مولوي، السبب يعود لربط البعض المفهوم الاول بالصحبة والرفقة والقواعد الاجتماعية السائدة قبليا، والثاني يربطه بال البيت والقربى بالدم والاسروية، مع ان الاثنان فشلوا في اثبات دعواهم، فلا دعاة الصحبة نجحوا في تطبيق النظرية لان كثيرا من الصحبة تراجعوا عن الموقف الأيماني بنا يعرف بالردة، ولا الفريق الاخر قدم نموذجا يقينيا مطلقا، فمن معيار القربى من كان عدوا لله والنبي والمؤمنين، هذا الربط المفترض بين الامامة وال البيت لا سند له في النصوص الثابتة والمحكمة، تماما كفقدان السند للربط بين الصحبة والخلافة، وبقيت معضلة الاشكالية تدور تاريخيا مع وجود المسلمين وتشق صفوفهم، دون أن يلتفتوا الى ان المعيار الذي وضعه الله لهم وهو المعية ثابت وجلي وحيادي وبين، فكثيرا من المؤمنين ما كانوا صحابة لكنهم مع رسول الله قلبا وقالبا، وايضا كثير منهم كانو صحابة ولكنهم ليسوا مع محمد، والحال ينطبق على ال محمد ممن يقولوا انهم من أل البيت، مع العلم أن الآل لا تعني اهل البيت الذين ورد ذكرهم في القران الكريم، لان المفهوم الاول اوسع واكثر اطلاقا والثاني محدود زمانا ومكانا وحالا، ان تصحيح المفاهيم وان بعد فوات الاوان قد يخفف من حدة الصراعات ويغيدنا للإسلام الصحيح ونبدأ من جديد.

2.تحولات في تاريخ المعارضة السياسية الاولى في الاسلام.
تاريخيا وبعيدا عن الصراع السياسي الإجتماعي الذي اعقب وفاة الرسول محمد ص وظهور مصطلح العلويين الهاشميين، الذي اتخذوا موقفا محددا مما جرى في السقيفة، واظهروا نوعا من التمايز الديني والعبادي عن بقية المسلمين، والتفافاهم حول رمزهم الامام علي ومن رفض البيعة لابي بكر، لكنهم لم يشكلوا تكتل معادي للقيادة الاسلامية الجديدة، ولم يحاولوا زعزعة الوضع العام لمصلحتهم، نعم كانوا مبدئيين ينتقدون الممارسات التي لم يألفوها مع محمد ص مثل ابي ذر وسلمان وغيرهم ، بل كانوا جزء طبيعي واساسي من المجتمع والقوى الفاعله داخله، حتى تولى الامام علي الخلافة والامارة لم يتغير منهجهم ولا اسلوبهم ولم يشكلوا تكتلا سياسيا او مذهبيا، لكن مع نكبة مقتل الامام علي وبعده الحسن والحسين وتصفية الكثير من وجوه هذا التيار الاسلامي بالنكبة التي قادها ملوك بني امية، تحول العمل الداخلي والروابط داخله الى نوع من التحدي لبني أمية، وشكلوا اول معارضة سياسية في العهد الاسلامي بعد الخوارج، بدأت هذه المعارضة السياسية على يد معاوية بن عبد الله بن جعفر الطيار وعلي بن الحسين بن علي وابراهيم بن علي بن العباس، وعقدت مؤتمرها الاول ايام الحج في الطائف للتخطيط لتولي هاشمي الامامة والخلافة، وكان المرشح الابرز والاقوى هو معاوية بن عبد الله بن جعفر الطيار، ثم اندمج معهم وبترشيح من ابراهيم بن علي ضم ابو مسلم الخراساني الذي كان يقود تنظيم اخر او محاولة قيادة تنظيم مشابه، وسافر معاوية الى خراسان وهناك تم التامر عليه وقتله، ليبرز للساحة ابراهيم بن علي العباسي ليحول مجرى الدعوى ويجعل من ابو مسلم قائدا عاما لها، وازاح العلويين من الواجهة وتهميش القادة الاوائل، من هذه النقطة وبعد نكبة العباسيين تحول التيار الايماني الذي قاده العلويون الى حزب ذي ملامح وشكل واضح، واختار العمل الدعوي الفقهي المعارض بشكله السلمي والسري للدعوة لامامة معصوم، خاصة بعد الدعم الكبير لهم أثر نكبة البرامكة ونقمة الفرس والخراسانيبن على بني العباس، فاصبحت واجهة هذه المعارضة السياسية والفكرية وجسدها من الفرس بشكل مركز، وبدا ظهور مفهوم الشيعة كحركة سياسية مذهبية تناصب النظام السياسي العام العداء والتناقض، واجتهد الكثير ممن انتمى لهذا التيار في المحاججة والتدوين والرد على الخصوم السياسيين الذين في معظمهم وعلى اختلافاتهم البينية والعقائدية كانوا مناصرين للسلطة العامة، فظهر مفهوم اهل السنة والجماعة يمثل احزاب السلطة وقواها مقابل الشيعة او الرافضة الذين رفضوا وانكروا ولاية اي مسلم على السلطة ما لم يكن هاشميا علوياوفاطميا، فالشيعة الذين ولد تنظيمهم ووجودهم أيام العباسيين لا علاقة لهم بشكل مذهلي او سياسي مع حركة الرفض العلوي في حياة الخلفاء ولا حتى في عهد بني امية، التنظيم الجديد سياسي مذهبي يحاول الوصول للسلطة اما التيار القديم كان تيار موقف ومبادى وبناء عقائدي وفق رؤية الكتاب وارادة النبي.





















ك