مختارات فيس بوكيه مما كتبت.... 2
عباس علي العلي
الحوار المتمدن
-
العدد: 8016 - 2024 / 6 / 22 - 04:47
المحور:
الفلسفة ,علم النفس , وعلم الاجتماع
أ . عند تفكيكنا للخطاب الإسلامي قديمه وحديثه وفقا للنسق الغالب فيه، تجده يرتكز على ثلاثة مضامين أساسية، وهي:.
1. أن الخطاب الديني الإسلامي خطاب عام للجميع بدون تخصيص، أي لا يفرق بين خطابه للمسلم وخطابه لغير المسلم، معتبرا أن اللغة التي يتحدث بها هي لسان الله.
2. وهذا يرتب مسألة أخرى وهي أن المتحدث يرى لنفسه أحقية مطلقة له بالخطاب، تستند هذه الأحقية وجوبيتها من كون الإسلام كدين بعقيدته هو سيد الأديان، وبالتالي المتحدث باسمه يجب أن يكون سيد المتحدثين.
3. محمول الخطاب بهذا الترتيب لا يقبل المناقشة أو حتى محاولة المقاربة والمقارنة مع خطاب مثيل أو مقارب، لأن ربط الخطاب بالدين ربطا جدليا يمنع على الخطيب والمخاطب أن يقبل أو يرفض أو يناقش، فهو مأمور بالطاعة والأتباع فقط.
من خلال هذه النقاط تحجر الخطاب اللإسلامي ذاتيا زحشر نفسه في زاوية التقديس، ولم يعد له حق الحركة والتحرر من محدودية الخطاب وكونيته المعنوية، بالرغم من أن قواعد الخطاب كما وردت في النصوص تنافي هذا المنهج وتعارضه وفق قاعدة "وجادلهم بالتي هي أحسن"، السبب لأن صاحب الخطاب يفسر بالتي هي أحسن هي عملية إسقاط على خطابه بشكل مؤكد، وان الأحسنية مرتبطه به كمعيار ونمط أدائي مع الغير...
ب. من وجهة نظر صاحب الخطاب، اما من الناحية الموضوعية حتى داخل الدين الإسلامي فإن عالميته لا تأتي من أفتراض كونه ختام ونهاية الأديان، بل لأنه يقدم الحق والعدل على سواهما من مرتكزات الفكرة الدينية، لذا فهو ليس فكرا شيفونيا ولا عنصريا، النقاط الأخرى تبنى على نتائج هذه المقدمة وتستند عليها، لو تحرر الخطاب الديني من هذه العلوية وحرر نفسه من الحق المطلق، لأمكنه أن يتحرك أكثر أولا لتطوير أداءه، وثانيا ليفهم أيضا أن كل خطاب منافس يملك نفس النظره لنفسه عن نفسه....
ج. ي محاولة لتجديد وتحديث الخطاب الديني كي تنجح عليها ان تبتعد عن فرض الرؤية الواحدة، فالناس الذي يوجه لهم الخطاب فيهم صاحب الفكر وفيهم مالك الرؤية وفيهم من يملك خطاب مغاير، فليس الجميع هم من الأعراب الذي خاطبهن القرآن قبل الف واربعمائة سنه، اليوم العالم المعاصر عالم متعدد الأركان ومتعدد القواعد كما أنه يملك حرية القبول والرفض بناء على القناعات العقلية والمنطقية لما يطرح ووفقا لأحقية اليقين بها، لم يعد مفهوم التسليم موجودا إلا عند الأقل ثقافة وتطورا وقدرة على الإبداع والحوار، ثانيا أفتراض الحق الكلي والمشروعية الكاملة للخطاب الإسلامي هذا أفتراض خاص غير ملزم للغير وغير واجب طرحه أصلا، وأخيرا يجب أن يفهم صاحب الخطاب أن عالم متعدد الألوان والأنماط والأنساق الفكرية سيكون لصالح الدين لأنه يوسع القدرة على الروية ويزيد من مساحة التبادل الحر بينها.
د. عانى الخطاب الكنسي في أوربا القرون الوسطى كثيرا من إشكالية الحق المطلق التي يعاني منها اليوم الخطاب الإسلامي، ووضع نفسه موضع الحرج الشديد حين فشل أن يقدم حق الإنسان الوجودي كمرتكو أساسي على أهمية الدين كعنصر معرفي جاء أصلا لخدمة الإنسان، هذا التناقض مع إصرار الكنيسة الكلاسيكية على تبني خطابها المقدس، عجل من هزيمتها أمام الأفكار العلمانية والأجتماعية التي ظهرت في أوربا عصر النهضة، والحقيقة أن الهزيمة تأخرت كثيرا بسبب التخادم الزظيفي بين الإقطاع الأوربي الذي لا يرى في المساواة البشرية والعدل أنها ركن أساسي من أركان الوجود البشري، لذا أنحاز للكنيسة بكل قوة على حساب الإنسان ذاته، فما يواجهه الخطاب الإسلامي اليوم هو ذات النتيجة التي فهمها الخطاب الكنسي وإنصاع لها، والنتيجة الواقعيى هي ضياع الخطاب اليوم بين الهوية الإنسانية المجردة وبين مرتكزات الدين المسيحي، لذا نجد أن الدين في هذه المجتمعات لا يمكنه التأثبر على العلاقات الأجتماعية البينية داخل المجتمع الأوربي، لأنه لم يعد يحمل هوية حقيقية، بل هويته الآن أسترضائية بروتوكولية غير ذات صلة بالواقع.
هـ. في النقطة الأخيرة حول تجدد الأديان، الحقيقة مصدر الخلاف أن الدين كمحمول معرفي فيه جانبان ثابت ومتحرك، الطقوسية ومفاهيم العبادة لله هذه من الثوابت المبدئية لا يمكن تحديثها أو تجديدها لأنها مرسومة على أنها كذلك، الجانب الأخر من الدين وهو المعارف والأخلاقيات والمثل والتي في رأي المتواضع هي لب الدين وجوهر وجوده بأعتباره خارطة طريق للإنسان، يمكن أن تقرأ من جديد وتفهم بحداثة العصر، الدين الكنسي وعى هذه الخاصية وأنزوى طقوسيا في حدود الكنيسة، أما في الجانب الأخر فصار جزأ من عالم كبير متعدد ومتلون وواسع يسع الكل، لذا بقي الدين الكنسي حاضرا في المجتمع لكن دون كنيسة ودون كاهن وحتى دون خطاب خاص...
و. ما يهمني من الدين هو بقاء ونقاء الجانب الروحي فيه، فهو يعادل ويلطف من قساوة الجانب المادي الوجودي برغم أهمية القساوة لأنها ميزة عامة له، ثانيا يجعل القيم والمثل والأخلاقيات تقترب أكثر من الفضيلة والخير بمفهوم الأحسنية والنفع الشمولي للإنسان، وهي حقيقة وظيفة الدين كما أفهمه (لتعارفوا...إن أكرمكم عند الله أتقاكم)، فالإكرام عند الله هو بأتقاء موجبات الإفساد الوجودي من خلال الروحانية التي تجعلنا نتعارف، أي ننتظم بالمعرفة البينية....
ز. مهما تعددت الكؤوس يبقى الطلا واحد والمذاق مختلف، الدين كما قلت خارطة حياة لمن يؤمن بالمثل العليا بما فيه من وسائل وأساليب أصلاح، مثل العفو الأستغفار التذكر العبرة والنظر للحباة الأخروية، كل هذه تعيد الإنسان بقوة للعقل للضمير الطبيعي، حتى القانون إذا لم نؤمن به إيمانيا وجدانيا سنجد الف طريقة وطريقة للعبور من خلاله للجريمة والذنب حتى دون الشعور بالعار أو الخجل....