مراجعات 2024 .. العام الثالث لحكومة الفاشيين الجدد في ايطاليا
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8215 - 2025 / 1 / 7 - 12:01
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
وسائل الإعلام الرأسمالية تكيل المديح لحكومة الفاشيين الجدد في إيطاليا ورئيستها ميلوني: "واحدة من أكثر الحكومات استقرارا في إيطاليا"، وميلوني، "أقوى شخصية حاكمة في أوربا"، "وسيط في الصراع عبر الاطلسي بين بروكسل والساكن الجديد في البيت الابيض". فهل يتطابق هذا المديح مع ما يجري على أرض الواقع؟
قمع متصاعد
في عام 2024، واصلت ميلوني تطهير مؤسسات الخدمة العامة ومؤسسات الإعلام من "العناصر اليسارية" وشغلت المناصب بأعضاء حزبها أو قريبون منه. ولم تستثني هذه الاجراءات حتى مديري دور الأوبرا. إن ممارستها للاضطهاد تتصاعد، ليس ضد قوى اليسار والوسط والمهاجرين، بل يمتد للأفراد والمجاميع التي تعتبر خياراتهم الحياتية خارج السياق. وفي سبيل إضعاف مقاومة مسارها الحكومي المناهض للمجتمع، أصدرت ميلوني في عام 2024 مجموعة من القوانين لتكثيف القمع. ومن بين أمور أخرى، المحتجون الذين يحتلون المباني، ويقطعون الطرق، يواجهون في السابق عقوبات إدارية، أما اليوم فتنتظرهم أحكامًا بالسجن لفترات طويلة.
وبدعم من مفوضية الاتحاد الأوربي، قامت ميلوني باعتقال طالبي اللجوء على حدود للاتحاد الأوروبي، وبواسطة مفاوضات مع تونس والجزائر ومصر ودول أخرى، منعت وصول 90 ألف آخرين، مقابل أموال المساعدات، ووفقا لوزارة الداخلية، تمكنت في الفترة كانون الثاني ايار 2024 خفض عدد طالبي اللجوء من 152,272 لاجئًا إلى 62 ألف في عام 2023.
ومن المعروف أن محكمة رومانية صنفت إيواء طالبي اللجوء في ألبانيا، التي سعى الاتحاد الأوربي إلى جعلها نموذجا لإقامة معسكرات "الاعتقال" أنه "غير قانوني". وفي قمة ألبانيا التي عقدت في روما أخيرا، أعلنت ميلوني أنها سنستأنف عمليات النقل هذا الشهر، مدعية أن المحكمة العليا وافقت على ذلك.
أغلبية الثلثين
لم تعالج ميلوني بشكل ملموس حتى الآن خططها "لانتخابها بشكل مباشر" كرئيسة للوزراء في المستقبل، وسيكون ذلك بمثابة تغيير دستوري يحتاج إلى أغلبية الثلثين، وهو امر لا تستطيع تحقيقه الآن. ومع ذلك، تؤكد ميلوني أن المشروع ما يزال على جدول أعمالها. وأكدت في الوقت نفسه عدم الاستقالة في حال هزيمتها.
لقد وصل الفقر، في عهد ميلوني، إلى مستويات قياسية. في نيسان 2024، أعلن مكتب الإحصاء الايطالي أن قرابة 8.5 في المائة من الأسر الإيطالية تصنف بأنها "فقيرة " في عام 2023. وفي نهاية العام، صدم رئيس مؤسسة "بنك الأدوية" سيرجيو دانيوتي، الناس بحقيقة أن 463 ألف مواطن لم يتمكنوا من تغطيه كلفة الدواء.
وتتشكل مقاومة نقابية ضد عملية هدم المكتسبات الاجتماعية المنفلتة، وتم اخيرا تنظيم إضرابين عامين في تشرين الثاني وكانون الأول لضمان زيادة الأجور والاحتجاج على اقتصاد الحرب وضد توزيع المليارات على مالكي الأسهم بدلاً من القيام بالاستثمارات الضرورية.
حراك معارض
وقد وضعت سكرتيرة الحزب الديمقراطي، إيلينا شلاين، ورئيس حركة الخمس نجوم، رئيس الوزراء السابق جوزيبي كونتي، خلافاتهما جانبا. إن معارضة يسار الوسط في طريقها لتشكيل تحالف "الميدان الواسع" ضد ميلوني. وتمكن هذا التحالف من تحقيق النصر في ثلاثة من ستة انتخابات إقليمية، والتي اعتبرت بمثابة اختبار لميلوني: دافع الحزب الديمقراطي عن "معقله الأحمر" في إميليا رومانيا، والذي أرادت ميلوني "غزوه" بطريقة دعائية كبيرة. وفي سردينيا وأومبريا، حل يسار الوسط محل التحالفات الفاشية.
في عام حكومتها الثالث، لم تعد ميلوني ضامنة منصبها، وحتى اتحاد الصناعيين لم يعد يستبعد نهايتها ويريد منع الحزب الديمقراطي من العودة للسلطة. وربما انضم رئيس حزب إيطاليا الحية، ورئيس الوزراء السابق ماتيو رينزي، والمنشق من الحزب الديمقراطي، الذي أعلن صراحة عن تحالفه مع اتحاد الصناعيين في سنوات (2014-2016)، إلى تحالف يسار الوسط لهذا السبب. ووفق صحف محلية، فإن رينزي يحظى بدعم رئيس الوزراء الأسبق وعضو مجلس الشيوخ ماريو مونتي، الذي صعد من معارضته لميلوني. وقال المفوض السابق للاتحاد الأوروبي، إنها من خلال علاقتها بالملياردير الامريكي ومستشار ترامب إيلون ماسك، "تفرض الوصاية على إيطاليا". وهذا يعني أن مونتي، الذي شكل حكومة انتقالية بعد سقوط برلسكوني في عام 2011، يقف إلى جانب معارضة يسار الوسط من أجل الاستعداد للعودة إلى السلطة.
لكن ذلك لم يمنع ميلوني من الإشادة باستقرار حكومتها والتأثير الذي اكتسبته عالميا، ودورها كلاعب رئيسي في السياسة الأوروبية وكباني جسور مع الولايات المتحدة، خلال في مهرجان شبيبة حزبها في كانون الأول الفائت في العاصمة روما.