الموقف العنصري تجاه الكرد أحد مفرداته / تركيا تريد تحديد ملامح مستقبل سوريا


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 8198 - 2024 / 12 / 21 - 22:49
المحور: اليسار , الديمقراطية والعلمانية في المشرق العربي     

بعد سقوط نظام الأسد في سوريا، صمتت الأسلحة في أجزاء واسعة من البلاد. لكن ما يسمى بالجيش الوطني السوري استمر في مهاجمة المناطق ذات الأكثرية الكردية. والجيش الوطني السوري هو زمر من المرتزقة الجهاديين والمتطرفين الذين تم تجنيدهم من الرئيس التركي اردوغان وحزبه، حزب العدالة والتنمية الإسلامي الحاكم، بما في ذلك إرهابي داعش. وهو تشكيل مساعد للقوات التركية في المناطق التي تحتلها تركيا في شمال سوريا.

الأهداف التركية
تسعى تركيا أردوغان إلى تحقيق عدة أهداف مركزية: إضعاف دور حزب العمال الكردستاني المعارض المحظور، والذي تصفه الحكومة التركية بـ "الإرهابي" وتدمير الهياكل الكردية المستقلة في المنطقة كشرط أساسي لاكتساب دور مهيمن في الشرق الأوسط، قادر على منافسة الدور الإيراني والإسرائيلي.
وبعد انسحاب قوات سوريا الديمقراطية التي يقودها الكرد أخيرا من مدينة منبج، ذات الأغلبية العربية على الجانب الغربي من نهر الفرات، أعاد خط وقف إطلاق النار الذي توسطت فيه الولايات المتحدة رجال الميليشيات الإسلامية إلى مرمى البصر من كوباني.
يصر أردوغان، منذ سنوات على امتلاك "شريط أمني" ليكون قادرا على التحرك داخل الحدود السورية، كانت هذه فرصته الفريدة: لقد خرق الجيش الوطني السوري وقف إطلاق النار وبدأت تركيا في تفكيك الجدار على الحدود السورية عند مدينو كوباني وحشدت الجنود والدبابات والمدفعية.
والهدف هو القضاء على الإدارة الذاتية شرق الفرات والاستيلاء على المناطق على طول الحدود. توافق تركيا على تولي الحملة ضد داعش في سوريا وتمسك كل الخيوط في المنطقة، بما في ذلك الجماعات الكردية التقليدية والعشائر التي تطلق عليهم تركيا "الأكراد الطيبين"، أي الجحوش. الذين تحميهم أنقرة.
وبحسب الرئيس التركي، فإن استيلاء العصابات الجهادية على السلطة في سوريا هو "انتصار مشرف للشعب" وستواصل حكومته دعم الشعب السوري.

مؤشرات
إن إعادة فتح السفارة التركية في دمشق بعد توقف دبلوماسي دام 12 عامًا إيذان ببدء مرحلة جديدة ستلعب فيها أنقرة دورًا رئيسيًا في سوريا. ويتفق العديد من المحللين، ان تركيا تريد لعب دور مركزي ً في مستقبل سوريا. ولهذا السبب تدعم التشكيلات الجهادية وتبذل كل ما في وسعها لضمان هيمنتها على المشهد السياسي في سوريا. واليوم، تعمل أنقرة كضامن للنظام الجديد على الساحة الدولية.
وبحسب خطط الحكومة التركية، فإن الحكومة السورية الجديدة، المدعومة من أنقرة، ستكون الأداة الرئيسية لمحاربة تجربة الكرد في شرق الفرات.
وكانت زيارة رئيس المخابرات التركية إبراهيم كالين إلى دمشق، حيث التقى بزعيم هيئة تحرير الشام الجولاني ورئيس وزراء الحكومة المؤقتة البشير، مؤشرا واضحا في هذا الاتجاه.
وبعد بضعة أيام، أعلن وزير الخارجية التركي هاكان فيدان، أحد مهندسي استراتيجيات تركيا في سوريا، عن خطط أنقرة المستقبلية التي تهدف إلى تدمير التجربة الديمقراطية: "يجب حل وحدات حماية الشعب ووحدات حماية المرأة وإلا سيتم حلهما. ويجب على الأجانب مغادرة. البلاد، وعلى القادة مغادرة سوريا، وعلى المقاتلين إلقاء أسلحتهم للاندماج في المجتمع السوري الجديد الذي تديره دمشق بالتعاون مع جهات دولية"
تصريحات الجولاني الأخيرة اكدت ما ذهب اليه رئيس المخابرات السابق ووزير الخارجية التركية فيدان: "الأكراد سيكونون جزءا من سوريا الجديدة، أما حزب العمال الكردستاني فهو كيان منفصل، ولن نسمح لأحد باستخدام السلاح لمشاريع إرهابية".

مرونة سياسية
في هذه اللحظة التي تتسم بتغيير توازن القوى وانتظار مفاوضات محتملة، هناك تصوران مهمان: الأول مصدره وزير الدفاع التركي يشار غولر، الذي أعلن عن الاستعداد حكومته تقديم دعم عسكري: "إذا طلبت دمشق، فنحن مستعدون لإرسال جنود للدعم". والثاني طرحه القائد العام لقوات سوريا الديمقراطية مظلوم عبدي: "نحن نتفاوض على وقف دائم لإطلاق النار مع هيئة تحرير الشام وتركيا عبر حلفائها".
وعلق مظلوم عبدي على جهود وقف إطلاق النار في سوريا في17 كانون الأول: "لإعادة تأكيد التزامنا الثابت بوقف شامل لإطلاق النار في جميع أنحاء سوريا، نعلن عن استعدادنا لاقتراح إنشاء منطقة منزوعة السلاح في كوباني، مع إعادة انتشار قوات الأمن تحت إشراف ومشاركة الولايات المتحدة. وتهدف هذه المبادرة إلى معالجة مخاوف تركيا الأمنية وضمان الاستقرار الدائم في المنطقة".
وفي سياق المرونة السياسية قامت سلطات الإدارة الذاتية برفع العلم السوري "الجديد". وقالت قوات سوريا الديمقراطية في 12 كانون الأول: "نحن جزء من سوريا الموحدة والشعب السوري". وتابعت قوات سوريا الديمقراطية أن "مناطق الإدارة الذاتية الديمقراطية لشمال وشرق سوريا جزء لا يتجزأ من الجغرافيا السورية وسكان هذه المناطق هم من المكونات الأصيلة للشعب السوري. ولذلك فإن مجلس سوريا الديمقراطية والإدارة الذاتية الديمقراطية "رفع العلم السوري على مجالس ومؤسسات وإدارات وهياكل الإدارة الذاتية في كافة محافظات المنطقة".
وقدمت الإدارة الذاتية خطة من عشر نقاط للحوار السياسي في سوريا، ودعت إلى الحفاظ على وحدة وسيادة الدولة السورية وحماية البلاد من هجمات القوات التركية.