الاتحاد الأوربي يضاعف إنفاقه العسكري خلال 10 سنوات
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8179 - 2024 / 12 / 2 - 22:12
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
في 19 تشرين الثاني 2024 عقد في وارشو وبروكسل اجتماعان متوازيان، شارك في الأول وزراء خارجية الخمسة الكبار: ألمانيا وفرنسا وبولندا وإيطاليا وإسبانيا والمملكة المتحدة، بالإضافة إلى كاجا كالاس، كبير الدبلوماسيين المستقبلي للاتحاد الأوروبي. وكان الثاني اجتماعا للمجلس الأوروبي لوزراء الدفاع مع السكرتير العام لحلف الناتو.
وكانت الموضوعة المركزية في كلا الاجتماعين هو خفض تخصيصات السياسات الاجتماعية، وزيادة تخصيصات العسكرة والتسلح.
في اجتماع وارشو تحدث وزراء خارجية البلدان الخمسة رسميا، ولأول مرة، لصالح العمل بسندات أوروبية لتمويل صناعة الدفاع وتعزيز المشاركة الأوروبية في سباق التسلح الحالي.
وزيرة الخارجية الألمانية
ارتباطا باستمرار الحرب في أوكرانيا، أكدت وزير الخارجية الألمانية بيربوك، يجب هنا إظهار القوة، ولهذا من الضروري زيادة الإنفاق الحربي. ومستقبلا يجب تخصيص أكثر من 2 في المائة من الناتج الإجمالي المحلي التي أقرها الناتو لأغراض "الدفاع". ووعدت بيربوك أوكرانيا بأن ألمانيا ستعزز الدعم من خلال تسليم الدبابات والذخيرة ومعدات الدفاع الجوي.
ديون أوربية مشتركة للتسلح
نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الإيطالي أنطونيو تاجاني أعاد طرح الاقتراح الإيطالي القديم بشأن "سندات اليورو". المخصصة في الأصل لتمويل لمكافحة أزمة سوق رأس المال بواسطة مساهمات حكومية، والآن يُحصر المقترح في تعزيز اقتصاد الحرب.
وجددت الحكومة الإيطالية دعوتها إلى فصل الإنفاق العسكري عن المعايير الصارمة لميثاق الاستقرار الأوروبي الجديد، الذي يفرض تخفيضات مذهلة في الإنفاق الاجتماعي ولكنه يمنع أيضاً رفع الإنفاق العسكري. وتؤثر هذه المشكلة بشكل خاص على البلدان ذات العجز المرتفع والمديونية العالية مثل إيطاليا. ومن شأن "الإعفاء" أن يسمح لحكومة ميلوني بإنفاق 2 في المائة فقط لأغراض "الدفاع".
في حزيران، قالت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين، يجب ان يستثمر الاتحاد الأوروبي 500 مليار يورو في تعزيز الدفاع على مدى السنوات العشر المقبلة. ويُعد تخصيص سندات الدفاع الأوروبية من بين الخيارات التي يدرسها الاتحاد الأوروبي لتوفير الأموال المطلوبة.
وقال وزير الخارجية البولندي سيكورسكي " هنا في وارشو وافقت الدول الخمس الكبرى في الاتحاد الأوروبي، للمرة الأولى، على التزامات الدفاع الأوروبية".
وأوضح وزير الخارجية الإيطالي تاجاني: "لقد وضعنا اليوم استراتيجية. إنها استراتيجية دعم الدفاع الأوروبي، والحصول على سندات اليورو وعلينا المضي قدمًا".
أما الشركاء الأوروبيون الآخرون فقد تجنبوا الحديث عن "سندات اليورو" لأن هذا يعني ضمناً خلق دين مشترك لا يريده إلا قِلة من الناس، لذلك يفضل هؤلاء استخدام صيغة "خيارات التمويل المبتكرة".
الناتو يطلب المزيد من أموال الاتحاد الأوروبي
ما اُعلن في وارشو، مرتبط بما قيل في بروكسل. لقد شدد السكرتير العام الجديد لحلف الناتو مارك روته، الذي وصفه ترامب بـ "الصديق"، على ضرورة قيام الرئيس القادم للولايات المتحدة، بإنفاق أكثر من 2 في المائة من ناتجه المحلي الإجمالي على التسلح: "لضمان الردع على المدى البعيد، ولضمان قدرتنا على الدفاع عن أنفسنا".
وقال وزير الدفاع الألماني بيستوريوس إن أوروبا زادت بالفعل استثماراتها الأمنية وهي تسير على الطريق الصحيح، مشددا أن هذا ليس كافيا. وأضاف، أن أوكرانيا يمكنها الاعتماد على دعم الاتحاد الأوروبي. وقد وصل الآن إلى أوكرانيا مليون إطلاقة مدفع، وعد بها الاتحاد الأوروبي. وقال بيستوريوس: "لقد تمكنت أوكرانيا اللحاق بالروس بشكل كبير من حيث القوة النارية". وقد تحملت ألمانيا أكثر من ثلث تكاليف شراء هذه الذخيرة.
مطالبات الجيوش وقطاع صناعة الأسلحة واللوبي المرتبط بها ليست جديدة، كما أوضح جوزيب بوريل الذي جمع لفترة بين مسؤولية السياسة الخارجية والدفاع في المفوضية الأوربية: "إن الإنفاق العسكري للدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي أصبح الآن أعلى بنسبة 30 في المائة عما كان عليه في بداية الحرب في أوكرانيا وسيصل إلى 326 مليار يورو هذا العام. وسيتعين علينا زيادته أكثر".
موقف يساري
قالت أوزليم أليف ديميريل عضو كتلة اليسار الأوربي عن حزب اليسار الالماني: "هذا الإنفاق المتزايد على الأسلحة لا يؤدي إلى مزيد من الأمن، بل يدفعنا إلى دوامة أسلحة جديدة تزيد من خطر الحرب". وأضافت: "في حين أنفقت الدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي مجتمعة قبل عشر سنوات قرابة 147 مليار يورو على الدفاع، بلغ الإنفاق اليوم 326 مليار يورو. وفي السنوات الثلاث الماضية وحدها كانت هناك زيادة بنسبة 30 في المائة. وتعود هذه الزيادة بالفائدة على المساهمين في صناعة الحرب الأوروبية، في حين يتزايد الفقر في أوروبا وتتدهور البنية التحتية. وأن تحويل المليارات من أموال الضرائب من القطاع المدني إلى القطاع العسكري، يسبب مخاطر أمنية جديدة. على سبيل المثال، تم في 4 في المائة من الحالات، تصنيف حالة الجسور على الطرق السريعة في ألمانيا على أنها "غير كافية" وأكثر سوءا. ونقص العاملين في المستشفيات الألمانية يشكل تهديداً للصحة والسلامة، وأن المفوضية الأوروبية الجديدة لم تعد تتحمل أي مسؤولية عن سوق العمل والسياسة الاجتماعية. ومن الواضح أن الشعار هو البنادق بدلاً من الزبدة".
يتم توظيف استخدام الحرب في أوكرانيا وانتخاب دونالد ترامب، لتحويل الاقتصادات الأوروبية بشكل دائم نحو اقتصاد الحرب.