في الذكرى 85 لاندلاع الحرب العالمية الثانية.. هل ستنهض حركة السلام من جديد؟
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8091 - 2024 / 9 / 5 - 19:04
المحور:
الارهاب, الحرب والسلام
في عام 1966، قرر اتحاد النقابات في ألمانيا الغربية إعلان الأول من أيلول يومًا لمناهضة الحرب، لمصادفته يوم اجتياح القوات النازية أراضي بولندا في الأول من ايلول عام 1939. وحتى ثمانينيات القرن العشرين، عندما كانت هناك حركة جماهيرية ضد نشر الصواريخ متوسطة المدى في ألمانيا الغربية، لقد تحول الأول من أيلول إلى أهم أيام حركة السلام القوية حينها.
بعد تفكك البلدان الاشتراكية وسيادة الشعور بنهاية الحرب الباردة، لم يحافظ على تقليد مناهضة الحرب واستذكار يوم اندلاعها، سوى النواة الصلبة لنشطاء حركة السلام. وما عزز ذلك، إلغاء الصواريخ، وخفض الإنفاق على الأسلحة، وإلغاء التجنيد الإلزامي. وبدت حركة السلام للكثيرين غير ضرورية.
لكن الأمر لم يستمر طويلا، فعلاقة الرأسمالية بالحروب أبدية، وسرعان ما شن الناتو حرب تفكيك يوغسلافيا السابقة في عام 1999. وشاركت 36 دولة تحت قيادة الولايات المتحدة بغزو العراق عام 2003، واستمرت الحروب ضد ليبيا وسوريا وأفغانستان، ولم يحفظ التاريخ تظاهرة كبيرة لحركة السلام مناهضة للحرب، سوى تظاهرة مناهضة الحرب على العراق، التي شارك فيها 300 ألف.
وكان من الطبيعي أن تؤدي صراعات الهيمنة إلى حروب محدودة، على خلفية محاولات الناتو والاتحاد الأوربي تحقيق التوسع على حساب روسيا، التي حاولت دوما استرجاع دورها كقطب رئيسي في الصراع الدولي، وقبل أن تغزو أوكرانيا عادت إلى الساحة الدولية بشكل أساسي عبر البوابة السورية. وحتى اندلاع الحرب في أوكرانيا ظل دور حركة السلام محدودا، لكن الحركة أحست بخطر عودة الحرب إلى بعد أكثر من 80 عاما إلى أوربا. وعلى الرغم من ذلك، ما تزال حركة السلام في ألمانيا تعاني من الضعف ولم تستعد مواقعها بعد، بسبب تباين مواقف منظماتها المختلفة من طبيعة الحرب في أوكرانيا، وكذلك تباين وتقاطع مواقف قوى اليسار حول الحرب أيضا.
من الضروري مقاومة العودة لتبرير الحروب من جديد، وفق مقاسات الماضي المعروف، التي كلف البشرية الكثير، وكاد ينهي تطورها الحضاري.
اليوم تواجه حركة السلام خطر تورط ألمانيا المباشر بالحرب، الذي يطرحه قرار نشر الصواريخ الأمريكية متوسطة المدى على الأراضي الألمانية. إن مبدأ الردع والردع المضاد - سيجعل ألمانيا الهدف المفضل للصواريخ الروسية. بالإضافة إلى سياسة تصعيد العسكرة وسباق التسلح التي تتبناها الحكومة الألمانية، وسعيها لزج الجيش الألماني في صراعات عسكرية خارج الحدود، بالضد مما نص عليه الدستور الألماني.
لذلك تستذكر ألمانيا الغزو النازي لبولندا في ظروف مختلفة، تسعى فيها حركة السلام إلى العودة لدورها الفاعل في لجم سياسات العسكرة والمشاركة في الحروب. وإلى جانب الفعاليات المتنوعة التي يشهدها العديد من المدن الألمانية هذه الأيام من تظاهرات وتجمعات وفعاليات مختلفة. وستتوج حركة السلام جهودها بتظاهرة مركزية كبيرة في العاصمة برلين في 3 تشرين الأول المقبل، دعت إليها قوى واسعة بما فيها أنصار السلام داخل الحزب الاجتماعي الديمقراطي الحاكم، والعديد من الشخصيات الحزبية والبرلمانية والثقافية المعروفة في حزب اليسار الألماني وقوى وأحزاب اليسار الأخرى.
هناك رياح سياسية دولية ومحلية مواتية للتحرك في الثالث من تشرين الأول. وفي حرب أوكرانيا، تتصاعد الضغوطات من أجل إنهاء الحرب في أوكرانيا بالتفاوض، وتلعب نتائج الانتخابات الأمريكية المقبلة دورا في تسريع هذه العملية، ارتباطا بعدم اليقين من تعامل ترامب، في حال فوزه مع الحرب في أوكرانيا. وفي ألمانيا أشارت بعض استطلاعات الرأي إلى أن نسبة أكثر من السكان يؤيدون التفاوض ويرفضون المعايير المزدوجة للتعامل مع حرب الإبادة الجماعية الجارية في غزة، ولا يثقون بتقارير وسائل الإعلام عن الشرق الأوسط.
هناك أكثر من مؤشر على إمكانية استنهاض حركة السلام، فهل ستعود الحركة إلى سابق عهدها؟