مهرجان اللومانتيه والآمال الكبيرة / اليسار الفرنسي يملك بدائل لحكومة اليمين


رشيد غويلب
الحوار المتمدن - العدد: 8104 - 2024 / 9 / 18 - 22:50
المحور: اليسار , التحرر , والقوى الانسانية في العالم     

عاشت العاصمة الفرنسية باريس خلال أيام 13 – 15 أيلول الحالي يوميات المهرجان السنوي لجريدة اللومانتيه الشيوعية. وسيطر على الأجواء السياسية لمهرجان هذا العام ملف تشكيل الحكومة الفرنسية الجديدة. فقد أعلن رئيس الوزراء الجديد اليمني ميشيل بارنييه أنه سيكشف في نهاية الأسبوع الحالي عن تشكيلة حكومته. ويريد رئيس الحكومة الذي عينه الرئيس إيمانويل ماكرون تقديم حكومته إلى البرلمان الفرنسي في بداية تشرين الأول المقبل. وما زال يواصل اتصالاته بالوزراء المحتملين وأحزابهم، وعلى الرغم من المشارب السياسية المختلفة، يسعى بارانييه، بهذا القدر او ذاك، إلى تشكيل حكومة موحدة، لاستكمال سيناريو الالتفاف على الجبهة الشعبية الموحدة، وحرمان اليسار من حقه في تشكيل الحكومة الجديدة، بعد فوزه في الانتخابات العامة المبكرة التي جرت مرحلتها الحاسمة في 7 تموز الفائت.

تحالف اليسار والحكومة الجديدة
أكد بارنييه أنه يريد ضم وزراء يساريين إلى حكومته، لكنه لم يجد أحداً حتى الآن. إن الأحزاب اليسارية التي اتحدت في الجبهة الشعبية الجديدة، والتي قدمت، بعد فوزها في الانتخابات البرلمانية المبكرة الأخيرة، مرشحتها لوسي كاستيتس لمنصب رئيس الوزراء وبرنامج ملموس ما تزال غاضبة للغاية من الرئيس الفرنسي الذي تنكر لنتائج انتخابات ديمقراطية، وعين سياسيا من الحزب الجمهوري المعارض اليميني رئيسا للوزراء.
وكانت حلقة النقاش بشأن الحكومة الجديدة من أبرز فعاليات مهرجان الصحافة السياسية، والتي شاركت فيها وحضرتها مرشحة اليسار لوسي كاستيتس، والسكرتير الوطني للحزب الشيوعي فابيان روسيل، والسكرتيرة العامة لاتحاد نقابات "سي جي تي" اليساري سوفي بينيه، اتضح أن هناك تباينا بين أحزاب الجبهة بشأن التعامل مع دعوات رئيس الحكومة الجديدة، الذي لا يمكن الجزم بمسارات هذا التعامل النهائية الآن، ويمكن أن يكون ذا طبيعة مؤقتة.

الشيوعيون يريدون توضيح المواقف
أعلنت حركة فرنسا الأبية بزعامة ميلنتشون بأنها ستهاجم الحكومة الجديدة، لعدم شرعيتها، بسلسلة من مشاريع حجب الثقة عنها حتى اسقاطها. أما الاشتراكيون والخضر فهم أكثر تحفظاً، لكنهم سيظلون بعيدين عن المشاورات التي دعا إليها رئيس الوزراء الجديد في بداية هذا الأسبوع. الحزب الشيوعي الفرنسي سيلبي الدعوة، وكما أكد سكرتيره الوطني العام فابيان روسيل من أجل "أخذ فكرة وتوضيح مواقفنا".
شهدت خيم منظمات الحزب الشيوعي الفرنسي المختلفة في المهرجان، مناقشات وحوارات مكثفة حول المشاكل الاجتماعية الحالية ومطالب العمال، التي يجب على الحكومة الجديدة التعامل معها.
لقد سلطت بعض وسائل الإعلام اليسارية الضوء على موقف الشيوعيين، باعتباره يعكس عدم اتفاق بين الأحزاب المتحالفة في الجبهة الشعبية، على الرغم من إعلان الحزب الشيوعي لموقفه، فان فكرة اشتراكه في الحكومة الجديدة بمفرده صعب للغاية، كما أن رئيس الوزراء اليميني المحافظ، سوف لن يجازف باشراك شخصيات شيوعية او قريبة من الحزب في حكومته، فامر كهذا سيمنح اليمين المتطرف فرصا أكبر لتعزيز مواقعه.
تأكيد مفردات برنامج اليسار
عكست المناقشات السياسية في المهرجان التمسك بمفردات برنامج الجبهة الشعبية الجديدة، مثل زيادة الحد الأدنى للأجور، في ظل انخفاض القوة الشرائية بسبب ارتفاع معدلات التضخم وارتفاع أسعار الطاقة، وكذلك دعوات لزيادة الأجور. بالإضافة إلى تأكيد المطالبة بالتراجع عن "إصلاح" نظام التقاعد المثير للجدل. وحتى رئيس الوزراء بارنييه يدرك ضرورة القيام بشيء ما في هذا الاتجاه، رغم تمسكه بجوهر "الإصلاح" الأساسي (رفع سن التقاعد إلى 64 عاماً)، يبدو أنه على استعداد لتقديم تنازلات بشأن عناصر أخرى من "إصلاح" نظام التقاعد.
وسيكون يوم الإضراب الوطني، في الأول من تشرين الأول المقبل، مناسبة لتأكيد هذه المطالب. وكانت اتحادات "سي جي تي" و "التضامن" و"اف اس يو" النقابية قد دعت للأضراب، في حين لم تشارك في الاضراب الاتحادات النقابية التقليدية الكبيرة. وسيجدد المضربون مطالب إضراب 11 تموز الفائت: الغاء إصلاح نظام التقاعد الذي تم إقراره في عام 2023، وعدم تشديد قواعد استحقاق إعانات البطالة، وإجراءات لتحسين القوة الشرائية للأسر، والمزيد من التمويل للمستشفيات وغيرها من مؤسسات قطاع الخدمات العامة.
الاتحادات النقابية التقليدية الكبيرة تعلن عن دعمها لمطالب الإضراب، لكنها يفضلون الاطلاع على إجراءات الحكومة الجديدة، قبل الاشتراك في نضالات نقابية.