المحكمة الدستورية تلغي نتائج الانتخابات الرئاسية في رومانيا
رشيد غويلب
الحوار المتمدن
-
العدد: 8192 - 2024 / 12 / 15 - 00:04
المحور:
العولمة وتطورات العالم المعاصر
على الرغم من إعلان المحكمة الدستورية في الثاني من كانون الأول الجاري، أن نتائج انتخابات الجولة الأولى صحيحة، إلا أنها أعلنت في 6 كانون الأول، وقبل يومين من موعد إجراء جولة الانتخابات الثانية والحاسمة، أن نتائج جولة الانتخابات الرئاسية الأولى باطلة بسبب النفوذ الأجنبي وأمرت بإجراء انتخابات جديدة كاملة. وفي الجولة الأولى التي جرت في 24 تشرين الثاني، جاء المتشدد اليميني المستقل كالين جورجيسكو في المركز الأول بنسبة 22.94 في المائة من الأصوات، تليه الليبرالية المحافظة إيلينا لاسكوني بنسبة 19.17 في المائة. وحل رئيس الوزراء الموالي للغرب مارسيل سيولاكو، الذي كان يعتبر الأوفر حظا، في المركز الثالث بنسبة 19.15 في المائة فقط، وبالتالي أصبح خارج المنافسة في الجولة الحاسمة.
إلغاء النتائج
لقد ألغيت نتائج الجولة الأولى من الانتخابات الرئاسية بشكل كامل. ويجب أن تعاد العملية الانتخابية بكل تفاصيلها، بما في ذلك مصادقة المحكمة الدستورية على صلاحية المرشحين.
واستند القضاة في قرارهم إلى ما كشفته المخابرات الرومانية عن أن البلاد كانت هدفًا لـ "هجوم روسي عدواني". لقد قام التطبيق "تك توك"، الذي يحظى بشعبية خاصة بين الشباب، بالترويج على نطاق واسع للمرشح الرئاسي اليميني المتطرف والموالي لروسيا كالين جورجيسكو بمساعدة الحسابات ومنصات الإعلانات المدفوعة الثمن مثل "تليغرام"، الأمر الذي ساعد جورجيسكو على الفوز في انتخابات الجولة الاولى.
لقد بدأ مكتب المدعي العام تحقيقًا فيما إذا كانت حملة جورجيسكو على تيكتوك قد أثرت على الناخبين باستخدام أساليب محظورة بموجب قانون الانتخابات الروماني. وكانت المفوضية الأوروبية قد أصدرت بالفعل تعليماتها لمنصة الفيديو بتأمين جميع البيانات المتعلقة بالانتخابات الرئاسية في رومانيا.
نفاق سياسي
في العادة ليس لدى مفوضية الاتحاد الأوروبي وحلف شمال الأطلسي أية مشاكل مع الحكومات اليمينية المتطرفة. وقد اجتذبت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين بقوة رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني وحزبها الفاشي اخوة ايطاليا إلى جانبها. ويشغل الفاشي رافائيل فيتو منصب نائب رئيس المفوضية الأوروبية ومفوض الاتحاد الأوروبي المسؤول عن تعزيز التماسك المالي والإصلاحات والتنمية الإقليمية والمدن. وفي برلمان الاتحاد الأوروبي، أصبح التقارب العميق واضحا بشكل متزايد بين مواقف المحافظين ومواقف اليمين المتطرف، بما في ذلك الجناح اليميني المتطرف، بزعامة أوربان، وحتى مع حزب البديل من أجل ألمانيا. والمعروف ان لدى الاتحاد الأوروبي معيار واحد فقط: أن يكون مؤيداً بوضوح لحلف شمال الأطلسي، ومؤيداً لأوكرانيا، ومناهضاً لروسيا، وهذه المعايير لا تتوفر بالمرشح الفائز. ويعد الغاء نتائج الانتخابات سابقة، حيث يمكن إعلان بطلان الانتخابات ليس بسبب ثبوت التزوير أو التلاعب، ولكن بسبب مجرد وجود حملة منظمة على وسائل التواصل الاجتماعي تعتبرها السلطات مشبوهة.
إن أهمية انتصار جورجيسكو كحدث سياسي تشكل أهمية تاريخية وعميقة، ليس بالنسبة لرومانيا فقط، بل وأيضاً بالنسبة لمستقبل الديمقراطية الغربية بشكل عام. فهو يقدم أول دليل واضح وملموس على أن النظام الديمقراطي السائد غير قابل للإصلاح وأن نوعا جديدا من السياسة في طور الولادة.
أهمية رومانيا الاستراتيجية
في حال أصبح جورجيسكو رئيساً لرومانيا، فقد يؤدي ذلك إلى تغيير سياسة رومانيا الخارجية، التي ظلت حتى الآن متحالفة بشكل صارم مع الاتحاد الأوروبي والناتو. وفي رومانيا، يحدد الرئيس السياسة الخارجية والدفاعية ويشارك في السيطرة على الأجهزة السرية.
وتتمتع رومانيا، الدولة العضو في حلف شمال الأطلسي، بأهمية استراتيجية كبيرة، خاصة في ظل الحرب على أوكرانيا: إذ تشترك رومانيا مع أوكرانيا في حدود يبلغ طولها 650 كيلومترا، ويمتد ساحل البحر الأسود الروماني لمسافة تصل إلى 150 كيلومترا من مدينة أوديسا الأوكرانية. ويمر جزء كبير من صادرات الحبوب الأوكرانية عبر رومانيا. ويتمركز 5 آلاف جندي من قوات الناتو في رومانيا، وتتمركز أنظمة رادار قوية وصواريخ من نظام الدفاع الصاروخي الأمريكي في ديفيسيلو، جنوب رومانيا. لذا فإن تقريراً استخبارياً واحداً يكفي لإلغاء الانتخابات التي قد تؤدي إلى نتيجة غير مرغوب فيها من جانب الاتحاد الأوروبي وحلف الناتو.